مهرجانات بعلبك تتحدى الانهيار اللبناني بحفلة وحيدة دعما للمواهب الشابة
(أ ف ب) – تَحدّت مهرجانات بعلبك الدولية الانهيار الاقتصادي والاجتماعي غير المسبوق في لبنان بحفلة أقيمت مساء الجمعة عُرضت خلالها مقاطع لموسيقيين لبنانيين شباب صُوّرت في مواقع أثرية مختلفة في شرق البلاد.
وتمثلت المبادرة التي حملت عنوان “شمس لبنان لا تغيب” في عرض فيلم من 80 دقيقة، يتضمن عشر حفلات يمتد كل منها على حوالى ثماني دقائق، صُوّرت كلها الشهر الفائت في معابد مختلفة من العصر الروماني تتوزع في أرجاء منطقة البقاع، “غالبيتها غير معروفة من العامة”، بحسب المنظمين، مما أتاح للمشاهدين اكتشافها.
وحضر الحفلة عدد محدود من المدعوين في القلعة الرومانية الشهيرة في “مدينة الشمس” بسبب جائحة كوفيد-19، ونقلتها معظم المحطات التلفزيونية اللبنانية وقنوات عربية إضافة إلى حسابات المهرجان على الشبكات الاجتماعية.
وقدّم الفنانون الذين اختارتهم لجنة المهرجان للمشاركة في هذه الحفلة أنواعا موسيقية مختلفة تجمع بين الكلاسيكي والفولكلوري مرورا بالروك والبوب والإلكترو والهيب هوب والجاز والموسيقى الشرقية.
ومن بين الأسماء المشاركة في الحفلة زياد سحاب وجنى سمعان وبيار جعجع وخماسي مكرم أبو الحسن، إضافة إلى فرق موسيقية شبابية.
وشدد المنظمون في بيان على أن “مهرجانات بعلبك تحمل الأمل اليوم أكثر من أي وقت مضى”، في وقت يشهد لبنان انهيارا ماليا رجّح البنك الدولي أن يكون من بين أسوأ ثلاث أزمات في العالم منذ عام 1850.
وقالت رئيسة المهرجان نايلة دو فريج لوكالة فرانس برس إن القائمين على الحدث أرادوا “توفير لحظة فرح وحلم من خلال هذا الفيلم وإظهار الوجه الآخر للبنان وتحويل الألم إلى أمل”.
وأضافت دو فريج “شئنا أن نوفر للفنانين الشباب الذين يواصلون الإنتاج والإبداع في ظل الأزمة الاقتصادية والصحية، منصة لكي يعبّروا عن أنفسهم ويظهروا فنهم ويحصلوا على فرص في لبنان وخارجه”.
– “أمل للناس المحبطين” –
وتولى تسعة مخرجين معروفين تلفزيونيا إخراج الأفلام العشرة، بينهم إميل سليلاتي الذي قال لوكالة فرانس برس إنه يسعى من خلال مشاركته إلى إعطاء أمل “للناس المحبطين من الوضع الراهن في لبنان والذين يعيشون الإذلال”، في ظل توالد الأزمات التي تطال مختلف الجوانب المعيشية للسكان بينها شح الكهرباء والوقود والأدوية.
وقد عكست الأغنيات التي قُدمت خلال الأمسية ببعض كلماتها الأوضاع التي يتخبط فيها لبنان، كما في الأغنية الختامية التي أداها الفنان اللبناني الشاب زاف مباشرة بعنوان “ليش بدي ابقى” (لماذا عليّ البقاء؟)، في بلد يعيش هجرة أدمغة طاولت كل القطاعات الإنتاجية وسط انهيار اقتصادي شامل بات خلاله أكثر من نصف اللبنانيين تحت خط الفقر.
ويأتي الحدث قبل أقل من شهر من الذكرى السنوية الأولى لانفجار مرفأ بيروت في الرابع من أغسطس 2020 الذي أوقع أكثر من مئتي قتيل وآلاف المصابين وأثار صدمة كبرى في البلاد لا تزال تردداتها مستمرة.
ويشهد لبنان عادة خلال الصيف الكثير من الحفلات والمهرجانات الموسيقية في مختلف أنحاء البلاد، لكن هذه الأحداث الفنية تغيب بصورة شبه كاملة عن البلاد للسنة الثانية على التوالي في ظل استمرار جائحة كوفيد-19 التي فاقمت تبعات الانهيار الاقتصادي.
وكانت مهرجانات بعلبك الدولية قدّمت في صيف العام 2020 حفلة وحيدة من دون جمهور بعنوان “صوت الصمود” أحيتها الأوركسترا الفيلهارمونية الوطنية اللبنانية في الموقع الأثري.
وقد استضاف المعلم الروماني بين أرجائه منذ إطلاق مهرجانات بعلبك سنة 1956، أسماء فنية كبيرة من البلدان العربية والعالم، بينهم أم كلثوم وفيروز وشارل أزنافور وإيلا فيتزجيرالد وستينغ.