المناخ العالمي يشهد تغيراً ملحوظاً في السنوات الأخيرة أدى الى حدوث كوارث طبيعية
شهد العالم في الاونة الاخيرة تغيرا ملحوظا وغير مسبوق في الطقس والعوامل المناخية بعدما سجلت دول عرفت باعتدال طقسها ارتفاعا في درجات الحرارة وفيضانات وهطول أمطار غزيرة وحرائق في الغابات والمساحات الخضراء وارتفاعا في مستوى سطح البحر.
وتعرضت دول مثل الولايات المتحدة وكندا وروسيا وبعض الدول الاوروبية وبخاصة المطلة على البحر الابيض المتوسط وبعض الدول العربية الى تغير مناخي غير مسبوق أدى الى حدوث كوارث طبيعية تسببت في حدوث خسائر في الارواح والممتلكات اضافة الى دول المنطقة التي شهدت ارتفاعا في درجات الحرارة فيها.
ووصف الامين العام للامم المتحدة انطونيو غوتيريس تقريرالهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ (IPCC) الصادر في بداية الشهر الجاري ب"رمز أحمر للانسانية وجرس انذار يصم الاذان ولا يمكن دحض الادلة".
فيما قال وزير الخارجية الاميركي انتوني بلينكن عقب صدور التقرير الاممي ان تغير المناخ ازمة فعلية تتطلب من قادة العالم والقطاع الخاص والافراد العمل معا بإلحاح وبذل كل ما يلزم لحماية كوكب الارض.
وذكرت الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ التابعة للأمم المتحدة في تقريرها الشامل في شهر أغسطس الجاري بمشاركة 234 خبيرا يمثلون 66 دولة أنه يتعين خفض انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري بشكل سريع مبينة أن حالة المناخ العالمي تدق ناقوس الخطر ومحذرة في الوقت نفسه من تسارع ارتفاع درجات الحرارة.
وفي هذا الصدد قال رئيس قسم التنبؤات البحرية بادارة الارصاد الجوية الكويتية ياسر البلوشي لوكالة الانباء الكويتية (كونا) اليوم الجمعة إن ارتفاع درجات الحرارة عالميا حسب الدراسات والمؤشرات العالمية جاء نتيجة زيادة نسبة انبعاث الغازات الدفيئة لاسيما غاز ثاني اكسيد الكربون مشيرا إلى ان هذه الغازات تحجب خروج الاشعة من سطح الارض مما يؤدي إلى ارتفاع لدرجات الحرارة.
واضاف البلوشي ان تغير الكتل الهوائية أدى ايضا الى ارتفاع درجات الحرارة في دول لم تشهد منذ وقت طويل ارتفاعا مماثلا مما تسبب بحدوث كوارث طبيعية مثل حرائق الغابات والفيضانات وازدياد معدل سقوط الامطار عن المعدل الطبيعي.
وبين ان الحل يكمن في تقليل انبعاث الغازات الدفيئة المضرة للبيئة مثل الانبعاثات الدخانية الناتجة من المصانع والسيارات لافتا إلى ان العديد من الدول اعلنت توجهها إلى استعمال السيارات الكهربائية في محاولة لتقليل الانبعاثات المضرة للبيئة اضافة إلى زيادة المساحات الخضراء وبخاصة في الدول الصحراوية.
وذكر ان تغير المناخ وما صاحبه من ارتفاع لدرجات الحرارة اثرا على البيئة المحلية في البلاد من خلال زيادة مدة الايام التي تصل فيها درجات الحرارة إلى اكثر من 50 درجة مئوية مقارنة بالسنوات الماضية اضافة إلى كثرة العواصف الترابية نتيجة تفكك التربة.
واشار إلى ان حركة الرياح وان كانت معتدلة ستثير الغبار نتيجة تفكك التربة مؤكدا ان هذا الامر له تأثير على مرضى الربو والضغط على المنظومة الصحية وزيادة في الاحمال الكهربائية.
ومن جهته أكد خبير الارصاد الجوية محمد كرم في تصريح مماثل ل(كونا) ان العالم كله تأثر بالتغيرات المناخية التي بدأت مع انبعاث الغازات الدفيئة الخارجة من المصانع وتسببت بالاحتباس الحراري مشيرا الى ان هذا الامر شكل عنصرا قويا في تغير المناخ على مستوى العالم.
واوضح كرم ان كثرة الانبعاثات الكربونية والغازات الدفيئة نظرا لزيادة عمل المصانع وحركة السيارات شكلت حلقة افتراضية حول الكرة الارضية مما تسببت بعدم نفاذ الحرارة من الارض إلى طبقات الجو العليا ما يجعلها تعود مرة اخرى للارض.
وقال ان تغير المناخ بشكل سلبي له عواقب وخيمة على كل العالم حيث شهدت بعض الدول امطارا غزيرة وما يرتبط بها من فيضانات وعواصف ثلجية وغيرها من تغيرات مناخية مشيرا في الوقت ذاته الى ازدياد العواصف الترابية في المنطقة وارتفاع درجات الحرارة التي تعدت ال50 درجة مئوية.
وطالب كرم دول العالم بضرورة اصدار قرار دولي من شأنه تقليل الانبعاثات الكربونية من خلال استخدام المواد الصديقة للبيئة للمحافظة عليها لضمان عدم صعود درجات الحرارة.
وبين ان تقرير المنظمة العالمية للارصاد الجوية (WMO) يشير إلى انه من المتوقع خلال ال50 سنة المقبلة ان ترتفع درجة الحرارة العالمية من 5ر1 درجة الى (درجتين) او (5ر2) مما يسهم في ارتفاع مستوى سطح البحر واختفاء بعض الجزر والمناطق الساحلية.
وبدورها قالت نائب المدير العام لقطاع الشؤون الرقابية البيئية في الهيئة العامة للبيئة المهندسة سميرة الكندري لـ «كونا» ان دولة الكويت صادقت على اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية لتغير المناخ في عام 1994 كما صادقت على بروتوكول كيوتو الملحق بالاتفاقية في 2005 وعلى تعديل بروتوكول كيوتو ومؤخرا صادقت الدولة على اتفاق باريس لتغير المناخ في 2018.
وبينت الكندري ان الهيئة العامة للبيئة هي نقطة الاتصال الوطنية لاتفاقية الأمم المتحدة الاطارية لتغير المناخ وهي الجهة الحكومية الملزمة بتنفيذ كل الالتزامات نحو اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية لتغير المناخ.
واكدت سعي الكويت منذ مصادقتها على الاتفاقية الاطارية وبالتعاون مع جهات الدولة الى تنفيذ كل الالتزامات المنوطة بها نحو الاتفاقية الاطارية اذ قدمت وثيقة البلاغ الوطني الأول في عام 2012 كما قدمت وثيقة البلاغ الوطني الثاني والتقرير الحولي الأول المحدث كل سنتين في عام 2019 اضافة الى تقييم هشاشة القطاعات من جراء تغير المناخ ضمن وثيقة خطة التكيف الوطنية (NAP) في عام 2021.
واوضحت ان البلاغات الوطنية والتقارير الحولية تتضمن جردا فعليا للغازات الدفيئة المسببة لظاهرة الاحتباس الحراري من قطاعات الدولة والتنبؤ بها إلى عام 2035 اضافة إلى دراسة درجات الحرارة وإرتفاع مستوى سطح البحر والتنبؤ بها إلى عام 2100 وذلك بناء على التفاعلات الكيميائية التي تحدث في الغلاف الجوي نتيجة انبعاثات الغازات الدفيئة.
وقالت إن الهيئة تترأس اللجنة الوطنية لشؤون الأوزون وتغير المناخ وبمشاركة كل جهات الدولة ذات العلاقة ولجنة المجموعة التفاوضية لتغير المناخ لمتابعة المواضيع التفاوضية التي تدار تحت مظلة مؤتمرات الأطراف للاتفاقية (cop).
وأفادت الكندري بان الهيئة بصدد اعداد الاطار العام لاستراتيجية دولة الكويت خفيضة الكربون 2050 وكذلك اعداد وثيقة المساهمات الوطنية (2025) للمصادقة على اتفاق باريس وذلك ضمن التزاماتها لتنفيذ اتفاقية الأمم المتحدة الاطارية لتغير المناخ اضافة إلى وضع التشريعات والقوانين المتعلقة بهذا الشأن.
وجاء في المادة الأولى من اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ بأن التغير في المناخ "يعزى بصورة مباشرة أو غير مباشرة إلى النشاط البشري الذي يفضي إلى تغير في تكوين الغلاف الجوي العالمي والذي يلاحظ بالإضافة إلى التقلب الطبيعي للمناخ على مدى فترات زمنية متماثلة".