مغارة سيرفانتس.. كهف في الجزائر يتحول إلى معلم أثري عالمي
(كونا) – مغارة سيرفانتس معلم أثري جزائري ثقافي يتعلق بحقبة تاريخية هامة مكث فيها الأديب الإسباني العالمي ميغيل سيرفانتس مؤلف رواية (دون كيشوت دي لامانشا) أسيرا لمدة خمس سنوات (من 1575 وحتى 1580).
واكتسبت مغارة سيرفانتس التي تحافظ عليه الحكومة الجزائرية وتشرف على صيانتها وزارة الثقافة الجزائرية بالتعاون مع السلطات الاسبانية اهتماما عالميا بالغا حولها الى معلم عالمي يفد إليه الزوار من أنحاء العالم كافة.
وتقع المغارة في بلدية محمد بلوزداد وسط الجزائر العاصمة قبالة الميناء ويبلغ طولها سبعة أمتار وعرضها نحو مترين حيث تحوي المغارة حاليا على غرف ومنحوتات أثرية تكونت بفعل الطبيعة إلى جانب حديقة صغيرة تزينها بعض الأشجار وأدراج مؤدية إلى الغابة التي تعلو المغارة.
وبدأت قصة الشاب الاسباني ميغيل سرفانتس مع المغارة عندما وقع في قبضة الأسطول البحري الجزائري سنة 1575 قبالة السواحل الفرنسية وهو عائد من إيطاليا إلى بلده الأصلي إسبانيا للراحة بعد مشاركته في الحروب ضد العثمانيين.
وبسبب ما كان يحمله سيرفانتس من خطابات توصية للملك من شخصيات عدة طلبت البحرية الجزائرية فدية كبيرة مقابل إطلاق سراحه وهو ما لم تستطع عائلته تلبيته ليبقى مدة خمس سنوات في الجزائر بين الأسر ومحاولات الفرار الفاشلة.
الا انه مع مرور الوقت وتقبله للامر الواقع أصبح يسمح له بالتردد على شوارع وأسواق الجزائر العاصمة وسط حراسة حيث كان يقوم بتدوين كل ما يراه ويكتب كل ما يثير انتباهه الى أن جمعت اسرته الاسبانية بمساعدة تجار مسيحيين في الجزائر مبلغ الفدية وقدر وقتها ب500 أوقية ذهب وهي بمثابة ثروة ابان تلك الفترة ليطلق سراحه اخيرا في 19 سبتمبر 1580.
ويذهب البعض للقول إن أسلوب روايته الشهيرة (دون كيشوت) التي يعتبرها النقاد الرواية النموذجية الأولى ذات الأسلوب الأدبي الحديث في عصره "ليس إسبانيا" وذلك بشهادة ادباء إسبان إذ خصص في الرواية ثلاثة فصول للجزائر.
كما ساهم سيرفانتس بشكل كبير في إنماء الأنواع السردية المعتادة في النصف الثاني من القرن ال16 مثل الرواية البيزنطية والرعوية والحوار الساخر والنمط التدريسي المنوع فيما جدد النوع الأدبي المسمى بالرواية القصيرة والتي فسرت وقتها وفقا للنموذج الإيطالي بأنها أقصوصة قصيرة خالية من البلاغة ولكن ذات أهمية أكبر.
من جهتها بذلت السلطات الإسبانية بمختلف مستوياتها جهودا معتبرة لإحياء المعلم وترميم أجزائه وحمايته من التهميش وإبرازه كمعلم تراثي عالمي لا يقتصر إشعاعه على الجزائر فحسب بل ليكون تراثا عالميا.
كما راهنت مديرة المعهد الثقافي الاسباني راكيل روميرو على إحياء المغارة وتنظيم عدد من الاحتفالات مع مرور الذكرى السنوية لوفاة الأديب (1547 – 1616).