منوعات

لماذا لا يمكن للقاحات «كوفيد» أن تحتوي مغناطيسا أو شريحة إلكترونية ؟

منذ اليوم الأول لظهور فيروس كورونا "سارس كوف 2"، لم يسلم هذا الملف من الشائعات والترجيحات والنظريات غير المدعمة بالأدلة، وبعد ذلك انتقل الاهتمام إلى اللقاحات التي تشكل أمل البشرية والقشة التي يتعلقون بها من أجل تجاوز المحنة.

ومن بين نظريات المؤامرة حول الوباء الأكثر تداولا الآن، هي أن اللقاحات تحتوي على رقائق دقيقة تستخدمها الحكومات أو النخب العالمية مثل بيل غيتس أو ربما كيان سري غامض لتتبع المواطنين.

وللتدليل على ذلك، انتشرت مقاطع فيديو بشكل فيروسي على منصات التواصل الاجتماعي، تدعي أن شريحة تم تضمينها في اللقاح تجعل أذرع البشر ممغنطة، ورغم هذه المقاطع والادعاءات المنمقة والتي تم صياغتها أحيانا لتبدو علمية، فإن المؤامرة خاطئة، بحسب تقرير لشبكة "سي إن بي سي".

وباء المؤامرة

حصدت مقاطع الفيديو حول النظرية ملايين المشاهدات على تطبيق "تيك توك"، وعندما سُئل 1500 بالغ أمريكي في يوليو/ تموز عما إذا كانت "الحكومة الأمريكية تستخدم اللقاح لزرع رقائق متناهية الصغر في أجسام المواطنين، قال 5% إنه أمر "صحيح بالتأكيد"، فيما قال 15% آخرين إنه "ربما يكون صحيحا".
انتشرت المؤامرات ذات الصلة بسرعة خارج الولايات المتحدة أيضا، وفي المملكة المتحدة العام الماضي، أدت الادعاءات الكاذبة التي ربطت شبكات الجيل الخامس بانتشار الفيروس إلى 133 هجوما متعمدا على معدات الاتصالات السلكية واللاسلكية و300 حادثة تعرض موظفين للإيذاء الجسدي أو اللفظي، وفقا لمجموعة "موبايل يو كيه" المتخصصة في مجال الاتصالات اللاسلكية.

هل الأمر ممكن عمليا أو علميا؟

قال الدكتور مات لورينس، اختصاصي الأمراض المعدية للأطفال في كلية الطب بجامعة ماريلاند والذي يعمل أيضا كمحقق مشارك في المرحلة الثالثة لتجارب لقاحي "مودرنا" و"نوفافاكس كوفيد"، إن هذا الأمر غير ممكن نظرا للحجم الذي تتطلبه هذه الشريحة.
وأضاف: "ثانيا، يجب أن يكون لهذه الشريحة الصغيرة مصدر طاقة مرتبط، ثم بالإضافة إلى ذلك، يجب أن يرسل مصدر الطاقة هذا إشارة عبر مسافة بوصة واحدة على الأقل من العضلات والدهون والجلد إلى جهاز بعيد، وهو أمر غير ممكن على الإطلاق".

تعطى لقاحات "كوفيد" باستخدام إبر قياس 25 إلى 22، والتي تتراوح أقطارها الداخلية بين 0.26 و0.41 مليمتر، وفي الوقت نفسه، فإن الشريحة المزودة بقدرات الجيل الخامس أقرب لحجم الفلس.

أصغر شريحة راديو لاسلكية أو "التعرف عبر ترددات الراديو"، هي في الواقع صغير بما يكفي لتبلغ 0.125 ملم، لكنها تعمل فقط عند توصيلها بهوائي ملف يجعل نظام الرقاقة الواحدة يقارب حجم حبة الأرز، الأمر الذي يتطلب حقنة أكبر بنحو 13 مرة من تلك المستخدمة لحقن اللقاح.

قال جيمس هيذرز، كبير المسؤولين العلميين في شركة "سفير سكين"، التي تصنع أجهزة تتبع بيومترية يمكن ارتداؤها: "المكونات الفرعية الفردية في الرقائق الصغيرة جدا صغيرة بما يكفي، ولكن يجب ربطها بكل شيء آخر يجعلها تعمل، مما يجعلها جهازا وليس مجرد علامة راديو لاسلكية عائمة عشوائية".

ماذا عن التقنيات الحديثة؟

طورت شركة "بايوهاكس إنترناشونال" السويدية الناشئة أنظمة شرائح لتحديد الهوية بموجات الراديو التي يمكن حقنها تحت الجلد، ويمتلك المؤسس جوان اوسترلوند، أربعة أجهزة تحت جلده وقد حقن حوالي 6000 جهاز في أشخاص مختلفين حول العالم.
لكن العملية تتطلب إبرة أكبر بكثير من تلك المستخدمة في اللقاحات، كما أنها لا تزال أصغر من أن تشتمل على مصدر طاقة أو إمكانيات تتبع، ويقول أوسترلوند: "حجمها اثنان في 12 ملم، إنها بحجم حبة أرز فاخرة".

كانت رقائق تحديد الهوية بموجات الراديو متاحة تجاريا منذ السبعينيات، وتعمل على تخزين قدر ضئيل من البيانات، والتي يمكن قراءتها بواسطة الأجهزة الأخرى القريبة والمزودة بتقنية الاتصال قريب المدى.

تسمح الرقائق وتقنية الاتصال قريب المدى بأشياء مثل، دفع الأموال دون الحاجة إلى تمرير بطاقة الائتمان، وفتح الأبواب دون مفتاح  وكذلك استخدام المواصلات العامة. هذه هي طريقة استخدام رقائق "بايوهاكس".

قال أوسترلوند إنها تتركز أساسا على التخلص من المحفظة وسلسلة المفاتيح والسماح لهذه الشريحة الصغيرة بتمثيل أي بطاقات ومفاتيح لدى الشخص تملأ جيوبه.

تكمن قيمة رقائق "بايوهاكس" في أن كل واحدة فريدة من نوعها، ولكن نظرا لأن لقاحات "كوفيد" يتم إعطاؤها بقوارير متعددة الجرعات، فمن المستحيل التأكد من أي شريحة ستصل إلى أي ذراع.

من المستفيد؟

بصرف النظر عن مشاكل الحجم والتعاطي، يتم حقن لقاحات "كوفيد" أعمق بمقدار بوصة واحدة على الأقل في العضلات الكثيفة، وهو مستوى أعمق بكثير من موضع رقائق "بايوهاكس" التي تدخل تحت الجلد مباشرة.
 
قال أوسترلوند: "هذا هو السبب في وضعها في الأعلى (بالقرب من الجلد). أعني، إذا كان هذا أعمق، فلن تكون قادرا على توصيلها بهاتف أو حتى بقارئ مثبت على الباب".

قال مارك فينستر، مؤلف كتاب "نظريات المؤامرة- السرية والقوة في الثقافة الأمريكية": "هناك الكثير من الأشياء التي يمكن للحكومة استخدامها لتتبعنا؛ عبر هواتفنا، من خلال بطاقات الائتمان الخاصة بنا، ومن خلال أنواع أخرى من الأشياء.اللقاح هو أقل ما يقلقك".

ارتبط غيتس بنظرية المؤامرة جزئيا بسبب مئات الملايين من الدولارات التي قدمتها مؤسسته لدعم أبحاث اللقاحات، وتطرق الملياردير الأمريكي للحديث عن المؤامرة في حديث مع الصحافيين في يونيو  الماضي.

قال غيتس: "لا توجد شرائح أو أي شيء من هذا القبيل، له أي صلة بهذا الشيء. أعني، يكاد يكون من الصعب إنكار هذه الأشياء لأنه من الغباء أو الغريب حتى تكرارها، الذي يبدو أنه يمنحها المصداقية".

بينما تجني الشركات المليارات من خلال تتبع البيانات الشخصية وبيعها، فإنها لا تحتاج استخدام اللقاحات للقيام بذلك.

قالت راشيل موران، الباحثة في المؤامرات عبر الإنترنت في جامعة واشنطن: "لدينا الكثير من التقنيات المختلفة لتتبع الأشخاص وبياناتهم، ونأمل أن يكون لدينا نظام قانوني أكثر قوة حتى نعرف تلك الأنظمة بشكل أفضل، لكننا بالتأكيد لسنا بحاجة إلى وضع شريحة إلكترونية في أحضان الناس".

زر الذهاب إلى الأعلى