اقتصاد

مصانع الصين.. بين تقنين الكهرباء وتقنين الأرباح

• بعض المصانع اقتصر العمل بها على يومي عمل في الأسبوع

• خفض الانتاج يشكل خطراً على الناتج المحلي وسلاسل التوريد العالمية

أدى الارتفاع الأخير في أسعار السلع الأساسية، إلى إثارة مخاوف المسؤولين الصينيين بشأن التضخم المحلي واستقرار السوق.

هذا القلق تجلى بإجراءات مختلفة اتخذتها بكين، في أكثر من مجال، وبشكل متلاحق. حيث حذرت لجنة تنظيم البنوك، من الاستثمارات في السلع الاستهلاكية عالية الجودة مثل بعض أنواع الشاي والمأكولات والسلع الفاخرة، مضيفة أنها تهدف إلى السيطرة على «التوسع غير المنضبط لرأس المال»، وفقاً لـ «CNBC عربية».

أوردت اللجنة في بيانها، إلى أن  البنوك يجب أن تعطي الأولوية للموافقات على القروض لعمال مناجم الفحم المؤهلين، ومقدمي طاقة الفحم والتدفئة الشتوية، مقابل التركيز على إقراض  المشتغلين بمجال الفحم، تم التنويه إلى ضرورة حظر استخدام القروض المصرفية والتمويلات بشكل صارم في المضاربة على سلع مثل الفحم والصلب والمعادن في الأسواق المالية.

برجع نقص الطاقة في الصين جزئيًا إلى تباطؤ إنتاج الفحم، حيث يكافح بعض عمال مناجم الفحم لتأمين التمويل، بعد أن حددت الصين أهدافًا لخفض استخدام الفحم في إنتاج الطاقة، خصوصا أن هذه الأزمة تأتي بعد سنوات من المشاكل في قطاع تعدين الفحم المحلي، مثل انخفاض التعدين وإغلاق المناجم وحملات مكافحة الفساد.

كما تم فرض تقنين الكهرباء في أكثر من نصف مقاطعات الصين، حيث تتسابق الحكومات المحلية لتحقيق أهداف بكين لانبعاثات الكربون لهذا العام.

بينما لا تزال الصين أكبر منتج للفحم في العالم، فرضت الحكومة المركزية قيودًا على إنتاج الفحم المحلي وعززت الواردات.

أدى النقص في إمدادات الفحم العالمية إلى ارتفاع الأسعار بشكل كبير.  ساهم  كذلك في أزمة الكهرباء التي أضرت بالأعمال التجارية في  ثاني أكبر اقتصاد في العالم.

مما تطلب من بكين التوجه لتأمين حاجاتها من تلك السلعة، من بلدان مثل موزامبيق – جنوب افريقيا- كازاخستان – كولومبيا وميانمار.

تشير البيانات أن هناك تغير كبير في معادلات استيراد أنواع الفحم المختلفة إلى الصين.

ففي العام 2013 كانت مستويات شراء الصين للفحم من كازاخستان، تتم ضمن كميات صغيرة، لكن بدأت عمليات الشراء تتزايد بشكل كبير في 2019 وفقًا لبيانات الجمارك الصينية.

تاريخيا، كانت كولومبيا مجرد خيار احتياطي لاحتياجات الصين من الفحم ، ولكن في يونيو من عام 2021 وصلت الواردات الشهرية من الفحم الكولومبي إلى أعلى مستوياتها المسجلة.

ورغم الحظر الذي وضعته الصين على تجارة الفحم من جنوب أفريقيا، التي كانت نشطة قبل 10 سنوات، بسبب أنه يحتوي على عناصر ضئيلة مثل الفلور، إلا أنه تم إحياء تجارة الفحم الحراري من بداية العام.

وصلت واردات الصين، إلى أكثر من مليون طن في أبريل من مستوياتها  الصفرية  في 2020.

مثل جنوب إفريقيا، كانت تجارة الفحم بين الصين وموزامبيق نشطة بين عامي 2011 و 2014، لكنها اختفت حتى فبراير من عام 2021.

وبلغت الواردات الشهرية  في أبريل من ذات العام، أعلى مستوى على الإطلاق.

على الرغم من قيام الصين، باستثمارات كبيرة في مصادر الطاقة البديلة، مثل الطاقة الشمسية والطاقة المائية، لا يزال الفحم هو المصدر المهيمن، حيث يمثل 68.5% من إمدادات الطاقة في البلاد في عام 2020، وفقًا لـ BNP Paribas.

في إطار متصل، تجبر بعض القوى الصناعية، في ثاني أكبر اقتصاد في العالم،  المصانع على خفض الإنتاج، مما يشكل خطرًا على نمو الناتج المحلي الإجمالي وسلاسل التوريد العالمية.

على الرغم من جهود الحكومة المركزية لتكثيف الإصلاحات في السنوات الأخيرة، لم يتم بعد تشكيل آلية تسعير قائمة على السوق في قطاع الطاقة بشكل كامل.

في بداية العام 2020 ، نفذت الحكومة المركزية آلية جديدة للتحكم في أسعار الكهرباء في جميع أنحاء البلاد.

نص إشعار صادر عن اللجنة الوطنية للتنمية والإصلاح (NDRC)، على أنه يُسمح للسلطات الإقليمية بتخفيض سعر الكهرباء بنسبة تصل إلى 15%، أو رفعها بنسبة تصل إلى 10%، من نقطة انطلاق ثابتة.

ومع ذلك، ذكرت  لجنة NDRC، المسؤولة فقط عن آلية تسعير الكهرباء الوطنية، أنه يمكن مراجعة النطاق، اعتمادًا على ظروف السوق.

لكن حتى إذا كان هناك طلب متزايد على الكهرباء، إلى جانب عوامل أخرى مثل نقص الفحم الحراري،  اللازم لتوليدها، فإن سعر المستخدمين النهائيين – من المواطنين العاديين إلى الشركات الصناعية الكبيرة – لا يرتفع عادةً بأكثر من 10%.

تعد القطاعات كثيفة الاستهلاك للطاقة، بما في ذلك منتجي الصلب والألمنيوم والأسمنت، من بين القطاعات الأكثر تضررًا من التقنين المستمر للطاقة، وكذلك مطاحن فول الصويا ومصانع  المنسوجات.

تتوقع شركة Standard & Poor’s أن يؤدي نقص الطاقة، إلى تقييد إمدادات الألمنيوم المحلية وبالتالي إلى مزيد من ارتفاع الأسعار، لأن إنتاج الألمنيوم الأولي يستهلك الكثير من الطاقة.

اجتاح تقنين الكهرباء عشرات المقاطعات الإقليمية، إلى الحد أن بعض المصانع اقتصرت على يومي عمل في الأسبوع، في بعض المدن، طالت أزمة التقنين إشارات المرور.

يذكر بهذا الخصوص أن المصانع، باتت تلجأ الى الاعتماد على المولدات التي تعمل بالديزل، لتوليد حاجتها من الكهرباء.

وبالتالي هذا يعني زيادة في الطلب على المشتقات النفطية، دون إغفال الآثار الضارة بالبيئة.

زر الذهاب إلى الأعلى