اكتشاف متحورات جديدة غامضة لفيروس كورونا في مياه الصرف الصحي بمدينة نيويورك
(وكالات) – اكتشف الباحثون ما لا يقل عن أربعة متحورات "خفية" من فيروس SARS-CoV-2، المسبب لـ"كوفيد-19"، في عينات مياه الصرف الصحي في مدينة نيويورك.
وانتشرت أحدث متحورات "كوفيد-19"، من "دلتا" إلى "أوميكرون"، كالنار في الهشيم في جميع أنحاء العالم في الأشهر الأخيرة، ما دفع العديد من العلماء إلى التساؤل عن موعد ظهور المتحور التالي. والآن، قد يكون العلماء على بعد خطوة واحدة من معرفة ذلك.
وعثر فريق من الباحثين من عديد المؤسسات البحثية، بما في ذلك عالم الفيروسات مارك جونسون، أستاذ علم الأحياء الدقيقة الجزيئي وعلم المناعة في جامعة ميسوري، على أربعة متحورات "خفية" على الأقل من فيروس SARS-CoV-2، في عينات من مياه الصرف الصحي العام لمدينة نيويورك. ما أثار مخاوف جديدة من أن الفيروس التاجي الجديد يجد طرقا للهروب من المناعة.
ونُشرت النتائج التي توصلوا إليها مؤخرا في مجلة Nature. ولا يبدو أن المتحورات مهيأة للانفجار والتسبب في طفرة جديدة في هذه المرحلة. لكن الأمر المزعج يتمثل في أن العلماء لا يعرفون من أين أتت السلالات الفيروسية الجديدة.
ووفقا لمراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها (CDC)، يمكن للفيروسات مثل SARS-CoV-2 أن تتطور باستمرار من خلال اكتساب الطفرات.
وقد تحتوي المتحورات، مثل "دلتا" أو "أوميكرون"، على طفرة واحدة أو أكثر في تسلسلها الفيروسي ما يساعد على تمييز نفسها عن المتغيرات الأخرى لـ SARS-CoV-2.
ويعتقد جونسون أن النتائج تشير إلى أن الطفرات "الخفية" التي حددوها في مدينة نيويورك يمكن أن تكون مرتبطة بأصول حيوانية محتملة. وفي حين لم يتم التحقق من هذه الأصول حتى الآن، إلا أنه يعتقد أن أحد المصادر المحتملة يمكن أن يكون الفئران التي ترددت على نظام الصرف الصحي في مدينة نيويورك.
انطلقت فكرة هذا المشروع في مارس 2020 بعد أن بدأ جون دنيهي، عالم الفيروسات وأستاذ علم الأحياء في كلية كوينز بجامعة مدينة نيويورك، في البحث عن طرق مختلفة لتحليل تأثير جائحة "كوفيد-19". وشاركت مونيكا تروخيو، الأستاذة المشاركة في كلية كوينزبورو المجتمعية بجامعة مدينة نيويورك، مع دنيهي دراسة من أستراليا استخدمت مياه الصرف الصحي لتتبع انتشار فيروس كورونا، وألهمت تروخيو أن تطلب من المسؤولين من إدارة مدينة نيويورك لحماية البيئة إرسال عينات مياه الصرف الصحي لها من أجل القيام بعمل مماثل.
ومنذ ذلك الحين، وسع الباحثون جهودهم، واختبروا مياه الصرف الصحي من جميع محطات معالجة مياه الصرف الصحي البالغ عددها 14 في المدينة مرتين في الشهر، مما أدى في النهاية إلى بناء رقم قياسي يمتد من يناير 2021 إلى الوقت الحاضر.
وقال دنيهي: "الطفرات التي كنا نلاحظها في عينتنا لم تكن نموذجية بين أي من التسلسلات المعروفة المنتشرة في ذلك الوقت".
ودرس العلماء المتحورات الأربعة الغامضة، والتي أُطلق عليها أسماء WNY1 وWNY2 وWNY3 وWNY4. ووجدوا أن جميعها لديها القدرة على التهرب جزئيا أو كليا من الأجسام المضادة التي تعيق بسهولة فيروس SAR-CoV-2 الأصلي.
وفي حين أن بلازما الدم المأخوذة من الأشخاص الذين وقع تطعيمهم أو المصابين بعدوى سابقة يمكن أن تحيد جزئيا جميع السلالات الأربعة، فقد تم تقليل هذا التحييد مقارنة بالفيروس الأصلي.
وأوضح جونسون: "عندما بدأنا لأول مرة بالعينات من مدينة نيويورك، كنت أتطلع لمعرفة ما إذا كان لديها نفس تسلسل الفيروس الذي رأيته في بعض عيناتي من سانت لويس. لقد كانت مختلفة، لكن كلا منها لديها طفرات متشابهة مشتركة في مكان معين على الفيروس، مثل Q498. والمدهش هو أنه في معظم العينات من مدينة نيويورك، تحول Q في Q498 إلى Y. وإذا نظرت إلى قاعدة البيانات، لم يكن هناك مريض بشري لديه هذه الطفرة".
ويعتقد دنيهي أن التفسير المحتمل يمكن أن يكون عملية بيولوجية تسمى "التطور المتقارب". موضحا: "لن يختلط حيوان في ولاية ميسوري مع نفس النوع من الحيوانات في مدينة نيويورك. لذلك، فإن تطور الفيروس في كل منطقة جغرافية مستقل عن الآخر، ولكن نظرا لكونه نفس الحيوان، فإن الفيروس يبدو متماثلا في كلا المكانين. على سبيل المثال، نعتقد أن الظروف في جنوب إفريقيا أدت إلى ظهور متغير أوميكرون، هي نفس الظروف في مدينة نيويورك التي أدت إلى ظهور المتغيرات المشفرة لدينا. وبصفتي عالم أحياء، اعتقدت أن انتشار دلتا كان أمرا خطيرا، لكن السرعة التي سيطر فيها أوميكرون على مدينة نيويورك كانت على مستوى آخر".
وقالت دافيدا سميث، المشاركة في البحث، ونائب مدير المركز الوطني للعلوم والمشاركة المدنية: "إن مراقبة مياه الصرف مهم حقا في سياق تدابير الصحة العامة المجتمعية حيث لدينا القدرة على توصيل المعلومات الصحية على مستوى يمكن فيه تنفيذ القرارات والممارسات والتدخلات. ومراقبة مياه الصرف الصحي سريعة وغير مكلفة وغير منحازة، ومن أجل هذا السبب لدينا القدرة على التنفيذ اعتمادا على توافر الموارد في مجموعة متنوعة من السياقات، لا سيما في المناطق ذات الموارد المحدودة مثل الاختبار المنخفض وتوافر اللقاح".