واشنطن بوست: «هجرة جماعية» للأطباء والممرضين من لبنان
تناولت صحيفة «واشنطن بوست» تدهور الأوضاع الصحية في لبنان، إثر تقارير عن هجرة جماعية للأطباء والممرضين جراء الأزمات التي تعاني منها البلاد.
وذكرت الصحيفة أن لبنان اشتهر، منذ فترة طويلة، بأنه وجهة شهيرة للباحثين عن العلاج الطبي، نظراً لتمتّعه بأفضل العاملين في مجال الرعاية الصحية في الشرق الأوسط.
لكن على مدى العامين الماضيين، أصبحت الحياة لا تطاق بالنسبة للعديد من اللبنانيين، ما دفع عدد كبير من الأطباء والممرضين إلى مغادرة البلاد المنكوبة بالأزمات.
وقدّرت منظمة الصحة العالمية في سبتمبر الماضي، أن حوالي 40% من أطباء لبنان و30% من أطقم التمريض غادروا منذ أكتوبر 2019.
وقال شرف أبو شرف، رئيس نقابة الأطباء في لبنان، إن جميع خريجي كليات الطب تقريباً قد حصلوا على وظائف في الخارج.
نقص شديد في الدواء
وما يضاعف الانهيار الطبي في لبنان، أن البلاد تعاني نقصاً شديداً في الأدوية والإمدادات الطبية الأخرى.
ووفقاً للصحيفة، عرضت احدى شركات الشحن خصماً بنسبة 40% على الشحنات الطبية، كما منحت طيران الإمارات المسافرين إلى بيروت بدلاً إضافياً للأمتعة حتى يتمكنوا من حمل المزيد من الأدوية إلى لبنان بأنفسهم.
وتتعرض لبنان لأزمات متتالية، حيث انخفضت العملة المحلية مقابل الدولار بشكل كبير، لكن انفجار مرفأ بيروت كان بمثابة القشّة التي قصمت ظهر البعير للعديد من العاملين في المجال الطبي.
وقال طبيب غادر إلى قطر هذا الصيف: «فاق مستوى المخاطر التي عشناها في لبنان قدرة عائلتي على التحمل»، مضيفاً أنه توصّل لاقتناع بأن «أولوية قادة لبنان هي تحقيق الثروات على حساب رفاهية الشعب».
أطباء يغادرون مقابل رواتب منخفضة
انتقل العديد من الأطباء والممرضين اللبنانيين إلى مصر والعراق ودول الخليج، وقبلوا برواتب منخفضة نسبياً.
وأخيراً، غادر العاملون المخضرمون في المجال الطبي، الذين عاشوا خلال الحرب الأهلية في البلاد قبل أربعة عقود والاضطراب السياسي الذي أعقبها، على أمل تأمين حياة أفضل لعائلاتهم.
ودفع فشل المحقّقين اللبنانيين في الكشف عن المسؤولين عن انفجار 4 اغسطس العديد من العاملين في مجال الرعاية الصحية إلى اليأس.
فقدان 500 مادة أساسية
وتُعاني المستشفيات نقصاً خطيراً في الإمدادات الطبية، وتفتقر إلى أكثر من 500 مادة أساسية، منها: أنابيب العلاج الكيميائي، والمضادات الحيوية، والقسطرة، والشاش، والمطهرات، وصبغة الأشعة المقطعية، وفي وقت من الأوقات، لم يكن هناك سوى ثلاثة أجهزة لتنظيم ضربات القلب في لبنان كله.
ونتيجة لذلك يتردد العديد من اللبنانيين في دخول المستشفى. كما أن انقطاع التيار الكهربائي طوال الليل أصبح أمراً روتينياً للغاية بسبب نقص الوقود، بحيث لا يستطيع المرضى الذين يستخدمون أجهزة التنفس الصناعي استعمالها في المنزل.
صيدليات فارغة
كما أصبحت الصيدليات شبه فارغة، وبعضها كتب على واجهتِه: «عملاؤنا الأعزاء، من أجل الاستمرار في خدمتك، من فضلك لا تطلب أكثر من علبة واحدة».
وقال هاني نصار، رئيس جمعية «باربرا نصار لدعم مرضى السرطان» للصحيفة، إن «الوضع قاتم للغاية لدرجة أن المرضى يغسلون أكياس فغر القولون ويعيدون استخدامها».
وحذّر نصّار من أنه مع مرور الوقت «سيزعمون أن مرضى السرطان يموتون في المنزل الواحد تلو الآخر بسبب المرض، بينما السبب الخقيقي يكمن في عدم حصولهم على العلاج».