«الهاجاناه».. عصابات إجرامية شكّلت النواة الأولى لجيش الاحتلال
«الهاجاناه» هي منظمة عسكرية صهيونية؛ لعبت دورًا عسكريًّا كبيرًا في تأسيس الكيان الصهيوني عام 1948، وبحكم متانة تدريبها وتسليحها شكلت النواة الأولى لجيش الاحتلال الإسرائيلي الرسمي، وفق ما نشرت «ساسة بوست».
ارتكبت تلك المنظمة، التي انتظم في صفوفها عدد كبير ممن أصبحوا لاحقًا قادة للدولة، أعمالًا «إرهابية» وجرائم حرب في حق الفلسطينيين.
وعد بلفور
بعد صدور وعد بلفور بإنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين، انطلقت في 27 فبراير عام 1920، مظاهرة عارمة في مدينة القدس، ضمت نحو 40 ألف مواطن، وقدمت الجمعية الإسلامية المسيحية في القدس احتجاجًا يرفض الهجرة الصهيونية، التي أعلنت الجمعية استعدادها التام لمقاومتها إلى آخر رمق من الحياة.
وقد انتبه بعض الزعماء الصهيونيين، حتى قبل إصدار وعد بلفور، لأهمية استغلال فترة الحرب من أجل تجنيد يهود العالم في وحدات يهودية تقاتل في صفوف أعداء الدولة العثمانية، وتشارك في احتلال فلسطين، وتكون نواة جيش يهودي يرابط فيها بعد انتزاعها من يد العثمانيين، وكان من أهم الداعين إلى تأليف هذا الجيش جوزف ترومبلدور، وفلاديمير جابوتنسكي الروسيين.
المستوطنات الصهيونية
ودعا أنصار الصهيونية عقب احتلال القوات العسكرية البريطانية فلسطين عام 1918 إلى تشكيل قوة دفاع؛ لحماية المستوطنات الصهيونية، خاصة بعد الهجمات العربية على مستوطنات الشمال، وفي أواخر عام 1919، قرر زئيف جابوتنسكي إنشاء قوات للدفاع الذاتي تكون علنية، ومفتوحة للجميع، حتى لو أدى ذلك لاعتقال كثير من أعضائها؛ لأن ذلك تأكيد لإعلانها السياسي، وانضم إليه عدد من قادة الصهيونية مثل بنحاس روتبنرج، وموشيه شميلنكي.
وقد تأسست منظمة الهاجاناه، التي تعني «الدفاع» باللغة العبرية في مدينة القدس في يونيو عام 1920، خلال فترة الاحتلال البريطاني لفلسطين؛ لتكون منظمة عسكرية صهيونية استيطانية عملت على طرد الفلسطينيين من أراضيهم، وتوطين المهاجرين اليهود مكانهم.
مؤسسة عسكرية سرية
كانت الهاجاناه المؤسسة العسكرية السرية للمجتمع اليهودي في أرض فلسطين، منذ عام 1920 إلى 1948، وقد جرى تنظيمها لمكافحة ثورات العرب الفلسطينيين، ضد إقامة المستوطنات اليهودية في فلسطين. ورغم حظرها من قبل سلطات الانتداب البريطانية، وتسليحها الذي كان ضعيفًا في بدايته، إلا أنها تمكنت من الدفاع عن المستوطنات اليهودية دفاعًا فعالًا.
كلفت سلطات الانتداب البريطاني عام 1936 الضابط أورد وينجيت بتشكيل سرايا ليلية من الصهيونيين، سـميت «الوحدات الليلية الخاصة»؛ للقضاء على الثورة الفلسطينية التي اندلعت ذلك العام؛ وسمح للهاجاناه بتشكيل قوة من الشرطة عُرفت باسم «نوطريم» قوامها 22 ألف عنصر مسلح بالبنادق والرشاشات.
هيئة عسكرية
كانت سنوات الثورة الفلسطينية 1936- 1939 السنوات التي نضجت فيها الهاجاناه، وتحولت من كونها ميليشيا إلى هيئة عسكرية، ومع أن الإدارة البريطانية لم تعترف رسميًّا بالمنظمة، إلا أن قوات الأمن البريطانية تعاونت معها من خلال إنشاء ميليشيات مدنية، وساعدتها أيضًا في إنشاء وحدات الشرطة المساندة اليهودية، بالإضافة إلى الوحدات الليلية الخاصة.
وخلال الحرب العالمية الثانية، أرسلت الهاجاناه عددًا كبيرًا من أفرادها إلى البلدان الأوروبية الواقعة تحت قوات الاحتلال النازي؛ لدعم حركات المقاومة اليهودية وتهجير اليهود إلى فلسطين. وساهمت وحدات صغيرة من البلماخ مع الجيش البريطاني في القتال ضد قوات فيشي عام 1941، في الصحراء الغربية. أيضًا اشتبكت الفرقة اليهودية مع القوات الألمانية المتقهقرة في إيطاليا، وتلقت تدريبًا مهنيًّا معاصرًا، واكتسبت خبرة عملية واسعة في أسلحة الجيش البريطاني المتنوعة، وخاصة في إدارة الفرقة اليهودية التي فاق حجمها حجم أي وحدة من وحدات الجيوش العربية النظامية المعاصرة.
تسليح الهاجاناه
وفي عام 1945، اتفق بن جوريون مع القيادة الأمريكية على تخصيص 5.7 ملايين دولار من التبرعات الأمريكية اليهودية، بالإضافة إلى الميزانية العادية، لتسليح الهاجاناه، ودعم الهجرة غير الشرعية. وتقرر خلال هذه المرحلة، تنظيم الهاجاناه في قوتين رئيستين، إلى جانب البالماخ: الأولى قوة ميدان، أعضاؤها من فئة العمر 18- 25 عامًا، وتعمل خارج المستعمرات وضمن الألوية الريفية والمدنية، والثانية قوة حراسة، من فئة العمر 25 عامًا فما فوق، تعمل داخل المستعمرات. كذلك، تقرر إنشاء تنظيم خاص للشبيبة من فئة العمر 16- 17 عامًا، لتصبح المستودع البشري الناشئ لكل من البلماخ وقوة الميدان.