اقتصاد

321 مليار دولار أرباح «مفاجئة» قد يجمعها بوتين إذا استمر تدفق النفط والغاز

تعثر أداء اقتصاد روسيا خلال أول شهر كامل من اندلاع الحرب مع أوكرانيا، لكنه قد يتمتع بمركز مالي جيد إذا لم يتسبب بعض أكبر شركائه التجاريين بوقف صادرات الطاقة.

رغم كل الصعوبات التي يتعرض لها المستهلكون في الداخل، والقيود المالية المفروضة على الحكومة من الخارج، تتوقع "بلومبرغ إيكونوميكس" أن تبلغ إيرادات روسيا من صادرات الطاقة خلال 2022، نحو 321 مليار دولار، أي بزيادة أكثر من الثلث مقارنة بعام 2021.

كما إن روسيا تسير نحو تحقيق فائض قياسي في الحساب الجاري، الذي يقول معهد التمويل الدولي إنه قد يصل إلى 240 مليار دولار.

قال اقتصاديون في معهد التمويل الدولي بقيادة روبن بروكس في تقرير: " يظل المحرك الوحيد الأكبر لفائض الحساب الجاري لروسيا قوياً كما يبدو.. ورغم فرض العقوبات الحالية، فإن من المرجح أن تستمر التدفقات الكبيرة من العملة الصعبة إلى روسيا".

مع ذلك، قد يتغير الحساب تماماً في حالة فرض حظر على مبيعات الطاقة. حتى من دون ذلك، فإن صادرات وإنتاج النفط في روسيا، تنخفض بالفعل، مع توقع وكالة الطاقة الدولية أنها قد تفقد ما يقرب من ربع إنتاجها من الخام خلال شهر أبريل.

ويبحث العديد من العملاء التقليديين لروسيا أيضاً عن الطاقة في أماكن أخرى، ويختارون عدم توقيع عقود جديدة للإمدادات الروسية، وسط إدانة واسعة النطاق لعدوان الرئيس فلاديمير بوتين على أوكرانيا، فيما يحصل عملاء آخرون مثل الهند، على خصومات كبيرة، مقابل الشراء.

أحدث غزو أوكرانيا صدمة بالنسبة إلى ألمانيا وحلفائها في الاتحاد الأوروبي، ودفعهم إلى نحو تحول جذري في سياسة الطاقة، حيث يسارع التكتل إلى تقليص اعتماده على روسيا.

وفي الوقت الحالي، يعارض أكبر اقتصاد في أوروبا العقوبات أو الضغوط السياسية التي قد تؤدي إلى فرض حظر كامل على الطاقة. 

وقد فرض عدد قليل من الدول فقط – بما في ذلك الولايات المتحدة والمملكة المتحدة – حظراً صريحاً على الواردات من روسيا.

ويمثل النفط والغاز حوالي نصف صادرات روسيا، وقد ساهما بنحو 40% في إيرادات ميزانية العام الماضي.

قال سكوت جونسون، المحلل في "بلومبرغ إيكونوميكس": "تمثل عائدات الهيدروكربونات شريان الحياة للاقتصاد الروسي، ما يساعد على تخفيف تأثير العقوبات القاسية، وتجنب حدوث أزمة بميزان المدفوعات. لكن حتى من دون فرض حظر على الطاقة، فإن التضخم يرتفع بشدة، فيما يلوح في الأفق ركود عميق".

مع ذلك، فإن مزيج الانخفاض الحاد في قيمة الروبل وارتفاع سعر النفط بالدولار، سيحقق 8.5 تريليون روبل إضافية (103 مليارات دولار) في إيرادات الميزانية خلال 2022، وفقا لـ" تي إس لومبارد" (TS Lombard).

قالت مدينا خروستاليفا، المحللة في "تي إس لومبارد" في لندن:"ستستخدم وزارة المالية جزءاً من هذه الإيرادات الإضافية لتخفيف التأثير ولكن بحذر، وليس لرفع مزيد من التضخم.. يبدو أن كل هذه العقوبات ستدمر الجزء غير المتعلق بالطاقة من الاقتصاد. ستعتمد روسيا على الطاقة بشكل أكبر".

وعلى الرغم من أن المواجهة حول أوكرانيا قد أربكت شحنات الطاقة، إلا أن الصدمة التي تعرضت لها الواردات والطلب المحلي ستكون شديدة، لدرجة أن الحساب الجاري، وهو أوسع مؤشر للتجارة والخدمات، قد يصل إلى مستوى تاريخي جديد بعد أن سجل 120 مليار دولار في عام 2021.

يقول "غولدمان ساكس" الذي رفع توقعاته لفائض الحساب الجاري خلال 2022 إلى 205 مليارات دولار، إنه قد يكون كافياً للبنك المركزي الروسي لتلبية طلب القطاع الخاص على النقد الأجنبي، والسماح له في النهاية بتخفيف القيود على حركة رأس المال.

مع تعرض المستهلكين الروس بالفعل لوابل من الصدمات، بما في ذلك التضخم وتآكل قيمة الدخل، يتوقع الاقتصاديون في "غولدمان ساكس" حدوث انهيار بنسبة 20% في الواردات خلال 2022، أي ضعف الانخفاض المتوقع في الصادرات.

والمركز المالي السليم لن ينقذ روسيا من مواجهة ركود عميق، لكنه يساعد في الحفاظ على الإنفاق الحكومي، في وقت لا تتمتع فيه الحكومة بإمكانية الدخول إلى أسواق رأس المال الدولية.

قال محللو "تي إس لومبارد"، إن سعر صرف الروبل مدعوم بشكل فعّال بالتدفقات الحالية، بعد أن جمدت العقوبات الكثير من الاحتياطيات الدولية لدى البنك المركزي.

قد تكون قدرة روسيا على بيع النفط والغاز في الخارج، بمثابة الأمر الوحيد الوحيد الذي يمنع الاقتصاد من الانزلاق إلى أسوأ أزمة مالية.

قال معهد التمويل الدولي، وهو اتحاد يضم أكبر المؤسسات المالية في العالم، إن حظر الطاقة من قبل الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة والولايات المتحدة، سيؤدي إلى انكماش بأكثر من 20% في الناتج المحلي الإجمالي، وقد يكلف روسيا ما يصل إلى 300 مليار دولار من عائدات التصدير، حسب تقلبات الأسعار.

زر الذهاب إلى الأعلى