«الشتاء قادم».. قائمة بالإجراءات المتخذة في أبرز الدول الأوروبية لكبح أسعار الطاقة
تحاول الحكومات الأوروبية اتخاذ إجراءات وتدابير، بعضها جديد من نوعه، بهدف حماية المواطنين من ارتفاع الأسعار، الجنوني في بعض الأحيان، وسط أزمة تضخم شاملة، كانت أول ضحاياها فواتير الطاقة.
ومنذ أعلن الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، بدء “العملية العسكرية” بحسب مصطلح موسكو، في أوكرانيا أواخر فبراير الماضي، ارتفعت الأسعار في كل القطاعات تقريباً وسجلت منطقة اليورو تضخماً غير مسبوق بلغ معدّله 8.9 بالمئة في تموز-يوليو، كما سجل اليورو تراجعاً تاريخياً أمام الدولار الأمريكي، وفقاً لـ «يورونيوز».
هناك طبعاً بلدان متضررة أكثر من أخرى. الماكينة الألمانية، القلب الصناعي النابض للاتحاد الأوروبي، مهدد بالركود بسبب اعتماده الهائل على الغاز الروسي الذي يستخدمه بوتين كسلاح بوجه الأسلحة الغربية المتدفقة إلى الجيش الأوكراني.
لكن “الشتاء قادم” على الجميع، ما دفع بالدول إلى التحرك.
وإذ لا مفرّ من الاعتماد على الطاقة في أكثرية الحقول الإنتاجية، لجأ الاتحاد الأوروبي إلى عقد صفقات غازية ونفطية بعيداً من موسكو، وإلى إعادة فتح منشآت تعمل بالفحم الحجري والطاقة النووية، كانت أغلقت التزاماً بـ”الخطة الأوروبية الخضراء”.
حالياً لا شيء يشير إلى أن أزمة الطاقة ستتحسن، فهي مرتبطة بشكل وثيق بمسار الحرب في أوكرانيا. الروس لن يتراجعوا رغم الخسائر التي منيوا بها، والأوكرانيون لن يستسلموا حتى تحرير القرم بحسب ما قاله الرئيس، فولوديمير زيلينسكي، في عيد الاستقلال.
وفي تحذير بدا سوداوياً، قال رئيس الحكومة البلجيكية ألكساندر دي كرو، إن أوروبا قد تواجه “عشرة شتاءات صعبة” بسبب النزاع الدموي الذي يدور في شرقها، بينما دعا الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، مواطنيه إلى الاتحاد لمواجهة الأزمات، منبهاً إياهم من “التحول والاضطراب الكبيرين ونهاية زمن الوفرة”.
وفيما كل بلد من الاتحاد الأوروبي مسؤول بشكل فردي عن سياسات الطاقة التي يتبعها، فإن القوانين الأوروبية تسمح لتلك البلاد، كل على حدة، باتخاذ إجراءات لحماية المستهلكين من ارتفاع الأسعار. أدناه قائمة بالإجراءات في بعض الدول.
بريطانيا
تشير التقديرات التي يقدمها خبراء ومختصون إلى أن تكلفة الطاقة لكل أسرة بريطانية سترتفع سنوياً بمقدار 4.136 يورو. ولكن هناك توقعات أكثر تشاؤماً تشير إلى أنها سترتفع بمقدار 7.090 يورو سنوياً. ومع أن بريطانيا، كدول أوروبية أخرى تحدد سقفاً لعقود الطاقة المبرمة مع المستهلكين، إلا أن الأسعار لم تتوقف عن الارتفاع منذ بدء الحرب.
وتتوقع دراسة نشرتها جامعة يورك أنه بحلول يناير-كانون الثاني من العام 2023، سيعاني أكثر من نصف المستهلكين البريطانيين من شكل من أشكال الفقر المرتبط بالطاقة. وبالتالي، فإن مسألة القدرة الشرائية تشكل نواة أساسية في المبارزة السياسية الحالية بين ريشي سوناك وليز تراس، الذين سيخلف أحدهما رئيس الوزراء بوريس جونسون بداية سبتمبر.
ووعدت الحكومة في وقت سابق بمساعدة مالية مخصصة للطاقة قدرها 473 يورو ويمكن أن تدفع مباشرة للمستهلكين أو للشركات. وستحصل الأسر الأفقر، والتي تعاني حالياً من ضائقة مادية على مساعدة أخرى لتحسين القدرة الشرائية بقيمة 768 يورو بينما سيحصل المتقاعدون على مساعدة إضافية بقيمة 355 يورو هذا الشتاء. وسيحصل ذوو الاحتياجات الخاصة على مساعدة أيضاً تبلغ قيمتها 177 يورو من أجل تعزيز قدرتهم الشرائية.
إيطاليا
في بداية أغسطس وافقت الحكومة الإيطالية على حزمة مساعدات طارئة للمستهلكين تبلغ قيمتها 17 مليار يورو. المساعدات ستقدم أيضاً للشركات لا للأسر فقط، وهي مخصصة لمواجهة ارتفاع الأسعار. وجاء إقرار تلك المساعدات بعدما أقرت الحكومة في يناير-كانون الثاني الماضي حزمة أضخم، بقيمة 35 مليار لتعزيز القدرة الشرائية.
وكمساعدات إضافية، ستخصص الحكومة مبلغاً قدره 200 يورو للأسر ذات الدخل المحدود بحسب ما جاء في وثيقة حكومية نشرت وكالة رويترز نسخة منها سابقاً. وكانت إيطاليا أعلنت أيضاً نيتها زيادة الضرائب على الشركات التي تستغل الارتفاع في أسعار الطاقة وهي تنادي بوضع سقف لسعر الغاز على المستوى الأوروبي.
إسبانيا
قررت إسبانيا زيادة الضرائب على شركات الطاقة التي تستغل ارتفاع الأسعار كما فعلت جارتها الجنوبية إيطالية. وستُستخدم تلك الأموال لمساعدة المستهلكين لدفع فواتيرهم.
وقلّصت مدريد ضريبة القيمة المضافة على فواتير الطاقة من 21 بالمئة إلى 10 بالمئة، كما خفّضت ضريبة أخرى كانت تفرض على فواتير الكهرباء من 7 بالمئة إلى 0.5 بالمئة. وكانت إسبانيا حددت سقفاً لأسعار الغاز لمدة عام كامل، كجارتها البرتغال، وهو يؤمن عدم زيادة التكلفة عن 50 يورو لكل ميغاوات بالساعة. ووافقت المفوضية الأوروبية على ذلك القرار سابقاً.
فرنسا
قدمت فرنسا دعماً مادياً على شكل “شيك” للمستهلكين بلغت قيمته 100 يورو فقط، وهو مبلغ ضئيل مقارنة بالمساعدات التي قدمتها أو ستقدمها الحكومتان البريطانية والإيطالية.
لكن فرنسا التي تعتمد على الطاقة النووية والكهرباء بشكل كبير وبشكل أقل على الغاز، اتخذت قراراً آخر على مستوى الدولة، إذ أجبرت شركة كهرباء فرنسا (EDF) على الحد من ارتفاع أسعار الكهرباء بالجملة عند نسبة 4 بالمئة. وهذا القرار الذي سيكبح ارتفاع الفواتير من شأنه أن يكلّف خزينة الدولة نحو 8.4 مليار يورو.
كذلك قررت الحكومة تخفيض الضريبة المحلية التي تفرض على استهلاك الكهرباء من 22 يورو ونصف لكل ميغاوات بالساعة إلى يورو واحد فقط للأسر ونصف يورو للشركات وأصحاب الأعمال.
الدنمارك
صادق البرلمان الدنماركي في يونيو الفائت على مساعدات مالية بقيمة 417 مليون يورو من أجل مكافحة الارتفاع في أسعار الطاقة، على تخصص تلك المبالغ للمسنين. وضم مشروع القانون الذي صادق عليه البرلمان مجموعة أخرى من الإجراءات بينها “شيك الطاقة” الذي سيخصص لنحو 400 ألف أسرة، وتبلغ قيمته الإجمالية 269 مليون يورو.
ألمانيا
ألمانيا التي تتحرك شرقاً وغرباً وتوقع عقوداً تهدف إلى التقليل من اعتمادها على الغاز الروسي قررت سابقاً خفض الضريبة على الغاز الطبيعي من 19 بالمئة إلى 7 بالمئة حتى نهاية مارس-آذار 2024.
وأقرت ألمانيا حزمة من المساعدات المالية بقيمة 30 مليار يورو لمساعدة مواطنيها على مواجهة ارتفاع أسعار الطاقة لهذا العام. وستقدم الحكومة الألمانية لكل مواطنيها مبلغاً مالياً، لمرة واحدة، قيمته 300 يورو، على أن يتم تحويل تلك الأموال عبر الشركات الموظفة وتدرج في قسائم الرواتب.
وسيخصص مبلغ آخر قيمته 100 يورو (عن كل طفل) للأسر التي كانت تتلقى شهرياً أموالاً لدعم الأطفال، بينما سيحصل الأشخاص الذين يتلقون الإعانات على مبلغ 200 يورو لمرة واحدة وسيحصل أولئك الذين يتلقون مساعدة الإسكان على زيادة قدرها 270 يورو.
وتقدم ألمانيا أيضاً تذاكر للنقل العام من أجل مساعدة المواطنين.
ولكن مع ذلك، سيكون على الأسر الألمانية أن تدفع نحو 500 يورو إضافية سنوياً على فواتير الغاز بسبب ضريبة جديدة -سيتم فرضها اعتباراً من أكتوبر- لمساعدة الدولة في تغطية تكلفة استبدال إمدادات الغاز الروسي.
هولندا
قررت الحكومة الهولندية التي توقعت أن تبلغ نسبة التضخم 5.2 بالمئة هذا العام أن تقدم مساعدة مالية بقيمة 800 يورو للأسر الأفقر، لمرة واحدة، من أجل مواجهة ارتفاع أسعار الطاقة.
هولندا أيضاً تخفّض ضريبة القيمة المضافة على الطاقة من 21 بالمئة إلى 9 بالمئة وتخفض الرسوم على البنزين والديزل (المازوت) بنسبة 21 بالمئة، وهو سقف سيظل سارياً حتى نهاية العام.
اليونان
أنفقت اليونان 7 مليارات يورو لتمويل الطاقة واتخذت إجراءات أخرى منذ نهاية سبتمبر من أجل مساعدة الأسر والمزارعين على دفع فواتير الكهرباء والغاز. وحتى الآن، إن المبالغ التي وضعتها حكومة أثينا في قطاع الطاقة، نجحت في امتصاص نحو 90 بالمئة من ارتفاع الأسعار الذي طرأ على الفواتير الشهرية للمستهلكين، و80 بالمئة للشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم.