إعلانات «أمة 2022».. انحسار الورقية مقابل ارتفاع الإلكترونية والمرئية
(كونا) – ما إن تحاول تصفح هاتفك النقال أو الولوج إلى حسابك الشخصي في صفحات التواصل الاجتماعي أو حتى محركات البحث عن المواقع الإخبارية أو العادية إلا وتطالعك صور مختلفة لمرشحين إلى انتخابات مجلس الأمة 2022 المقررة 29 سبتمبر الجاري سعيا منهم إلى استقطاب الناخبين قدر الإمكان والتعريف بأنفسهم وبرامجهم الانتخابية.
فالإعلان عامل مؤثر في نجاح الحملات الانتخابية عموما ولأهل الاختصاص دراية كاملة بأهمية دوره وترسيخ صورة أو اسم ما لدى مختلف شرائح الرأي العام إلى جانب اعتبارات أخرى طبعا تتعلق بالتجربة الشخصية والخبرات والمؤهلات وغيرها لدى المرشح وطبيعة تفكير الناخب بحد ذاته ونظرته المحددة لخياره الانتخابي وقراره بالتصويت.
وبالطبع لا تقتصر الحملات الانتخابية على ما يتعلق بالانتشار عبر مواقع التواصل الاجتماعي (السوشيال ميديا) أو حتى المرئية والمسموعة وغيرها من المنصات هنا أو هناك أو الإعلانات الطرقية وعلى حافلات النقل العام إذ يخوض الإعلان الورقي عبر الصحف اليومية والدوريات مثلا معركة صعبة من نوع آخر تتعلق بالمحافظة على دوره أو حتى بقائه.
فحقيقة انحسار الإعلانات الورقية مقابل الإلكترونية ليست وليدة اللحظة أو مرتبطة بالانتخابات بشكل عام بل لها علاقة عضوية بطبيعة الصحافة الورقية ككل التي تصارع بدورها للبقاء وسط قوة الإعلام الجديد ذي الانتشار السريع حول العالم في ثوان معدودة وتأثيره الهائل ومرونة استخدامه وتداوله بشكل عام.
ويمكن لأي متصفح ومتابع للصحافة الورقية اليومية الكويتية أن يلاحظ مقارنة بالصحافة الإلكترونية أو المرئية والمسموعة تراجع الإعلانات الورقية عموما لأسباب ربما معروفة تتعلق بالتكلفة أو مدى تأثير هذا الإعلان الورقي ولا تتوقف عند الشريحة المستهدفة التي يريد المرشح الوصول إلى أكبر نسبة ممكنة فيها والتي ربما لاتغطيها الإعلانات الورقية.
وبهذا الشأن التقت (كونا) اليوم السبت عددا من أهل الاختصاص وتباينت آراؤهم حول فكرة انحسار الإعلانات الورقية بشكل عام وسط انتشار الإعلام الجديد واختلاف الشريحة المستهدفة لكنهم اتفقوا على أهمية الإعلان الورقي وخصوصيته على الرغم من كل العوامل التي تدفع باتجاه نزوع المرشحين او المعلنين إلى الإعلانات الإلكترونية أو ما شابهها.
وقال مدير تحرير صحيفة (الأنباء) المحلية محمد الحسيني إن الحملات الانتخابية الأخيرة بالفعل شهدت تراجعا في حجم الإعلان الورقي بسبب التكلفة العالية لهذا النوع من الإعلان مقارنة بالإعلانات الإلكترونية الأقل ثمنا موضحا أن 85 في المئة من الإعلانات في الصحف حاليا تذهب إلى المواقع الإلكترونية ووسائل التواصل حيث للصحف الكويتية حضور بارز وقوي أيضا في المجالين معا.
وأضاف الحسيني أن الإعلانات الورقية عادة تستهدف فئة المتقاعدين ورؤساء الشركات والإدارات والموظفين في الدوائر الحكومية أما الإلكترونية فتوجهها الرئيسي نحو شريحة الشباب.
من جانبه رأى ناشر (النخبة نيوز) الإلكترونية عبدالله العليان أن الإعلان الورقي لم ينحسر لأنه هو الأساس وما زالت الصحف الورقية تستقطب الاعلانات الانتخابية فهي عنوان للثقة والجمهور يثق بها كثيرا لكن استحدثت تواصلها مع الجمهور بطرق كثيرة من ضمنها نظام أعداد (pdf) التي ترسل عبر موقعها الإلكتروني أو الواتس أب أو التلغرام وغيرها.
وأضاف العليان أن الصحف كذلك استحدثت طرقا عديدة منها إنشاء قنوات عبر اليوتيوب وتبث برامج خاصة لها وكذلك عبر منصة تويتر فمازالت تستقطب العديد من المرشحين لأن الجمهور لا يزال يثق بمصدر الصحف الورقية ويراها عنوانا للثقة والمصداقية.
ولفت إلى أن الصحف الورقية لديها أيضا الإمكانيات الكبيرة من أقسام التحرير والإخراج والتسويق عكس بعض الصحف الالكترونية التي يكون عدد العاملين فيها أقل من عشرة أشخاص "ولعل أبرز مشكلات الصحف الورقية اليوم أن الكثيرين لا يقرأون الصحيفة الورقية بذاتها إنما عبر منصاتها ونسخها الإلكترونية".
وأوضح أن الصحف الإلكترونية تستقطب الإعلانات الانتخابية لأن أسعار الإعلان أقل من سعر الصحف الورقية بسبب قلة تكاليفها مقارنة بتكاليف الصحف الورقية وهناك صحف إلكترونية مختصة ولها فئة محددة مثل صحف مرتبطة باختصاص ما وصحف للعنصر النسائي وسناب او حسابات مختصة بفئة معينة عكس الصحف الورقية التي تستهدف الجميع.
وذكر العليان أن الصحف الإلكترونية مثلما جاء في قانون الإعلام الإلكتروني هي لترسيخ روافد الإعلام الكويتي وتكون بجانب الصحف الورقية "فلا أتوقع أن الإلكتروني يزيح الورقي أو العكس فلكل منهم جمهور وعشاق له".
وبين أن الإعلام الإلكتروني يشهد تطورا كبيرا ومتسارعا بسبب تسارع وتيرة تطور وسائل التواصل وانتشار التطبيقات المتنوعة عند معظم شرائح المجتمع وسهولة استخدامها من الجميع ونستطيع ان نقول إنه منافس للإعلام التقليدي الذي لم يطور من نفسه في وقت أثبتت صحف وقنوات قدرتها على مواكبة التطورات وأصبحت مواقعها الإلكترونية متميزة جدا واستمرت بالنجاح والتواجد بجدارة.
من ناحيته قال أستاذ الاعلام في جامعة الكويت الدكتور محمد العتيبي إن انحسار الإعلانات في الصحف لم يطرأ في فترة الانتخابات الحالية فقط بل هذا الانحسار والعزوف كان ملاحظا بالنسبة للمختصين والمعلنين على حد سواء مع الانتشار الواسع والاستخدام الكبير لوسائل الإعلام الإلكترونية.
وأضاف العتيبي أنه يمكن ايعاز هذا الأمر كذلك للحضور والتواجد الطاغي الذي حازته وسائل التواصل الاجتماعي في الكويت والعالم ككل وجذبها للمعلنين إذ تتحقق بها أقصى فائدة ممكن أن تجنى من إعلان لأنها تتيح للمعلنين معرفة مدى تأثير الإعلان فيها من خلال توضيح المدى الجغرافي المتوقع أن يصل له الإعلان الإلكتروني والفئة المستهدفة والفئة العمرية بشكل أكبر من الإعلان الورقي.
ولفت إلى تركيز أغلب المرشحين والقائمين على حملاتهم الانتخابية في هذه الانتخابات والأهمية التي يولونها للحضور في وسائل التواصل الاجتماعي والإعلان فيها ومن الملاحظ كذلك في هذه الانتخابات تحديدا هو تأثر حصة الإعلانات الطرقية للمرشحين إلى جانب التركيز على الإعلان في وسائل التواصل الاجتماعي وقد يكون ذلك متعلقا بالتكلفة والقوانين المنظمة لذلك.