معهد الأبحاث ينجز دراسة للتنبؤ بتأثير التغيرات المناخية على تجمعات المياه الجوفية
أنجز معهد الكويت للأبحاث العلمية دراسة بعنوان "التنبؤ بتأثير التغيرات المناخية على تجمعات المياه الجوفية العذبة/المستخدمة في الأحواض الشمالية لدولة الكويت"، بتمويل جزئي من قبل مؤسسة الكويت للتقدم العلمي.
وكان رئيس المشروع الباحث حبيب القلاف من مركز أبحاث المياه في المعهد، قد صرح بأن تغير المناخ أصبح حقيقة تزداد وضوحا كل يوم. ويظهر أثر تغير المناخ على الموارد المائية من خلال حالات الجفاف والفيضانات المتكررة في أجزاء كثيرة من العالم. ودولة الكويت ليست استثناءً من ذلك، حيث تكشف المؤشرات الأخيرة عن تحول في الطقس ما بين جفاف وغزارة بالأمطار. وبناءً على هذه المؤشرات فإنه من الممكن أن يصبح المناخ في الكويت أكثر جفافا أو أكثر رطوبة، كما أن التغير المناخي ممكن أن يؤثر على عدسات المياه العذبة والقليلة الملوحة القابلة للاستخدام الموجودة في بعض المنخفضات الطبيعية في شمال دولة الكويت والتي توجد فوق المياه الجوفية المالحة في توازن دقيق للغاية. وفي حين أن هذه المياه تمثل خيارا قيما لاحتياطيات المياه الاستراتيجية المضمونة لدولة الكويت، فإن التغيرات المناخية قد تؤدي إلى اختلال هذا التوازن الهش ما بين عدسات المياه العذبة أو قليلة الملوحة والمياه الجوفية المالحة. مما يؤدي إلى فقدها أو نقصانها، وبناءً على ذلك وللتنبؤ بهذه المخاطر فقد تم تنفيذ هذه الدراسة.
وعن أهمية الدراسة أفاد القلاف بأن الهدف الرئيسي لهذه الدراسة هو تقييم التغير المكاني والزماني لتساقط الأمطار ودرجة الحرارة وأثرهما على تغذية عدسات المياه الجوفية العذبة في شمالي دولة الكويت، إذ تم خلال هذه الدراسة تحليل بيانات تساقط الأمطار ودرجات الحرارة المسجلة في بعض محطات الطقس المختارة، واستخدام نموذج المناخ الإقليمي مع النموذج العشوائي للتنبؤ بالتغيرات المناخية لدولة الكويت، بالإضافة إلى تطوير طريقة جديدة لتوازن كتلة الكلوريد لتقدير تغذية المياه الجوفية.
وعن منهجية الدراسة بين القلاف أنه تم استخدام بيانات تساقط الأمطار ودرجات الحرارة؛ التي تم الحصول عليها من محطات الأرصاد الجوية في دولة الكويت ومن أجهزة قياس تساقط الأمطار القائمة في منطقة الدراسة في الروضتين وأم العيش في شمالي دولة الكويت للتعرف على الاتجاهات العامة لتساقط الأمطار ودرجات الحرارة. وقد تم جمع عينات من المياه الجوفية من منطقة الدراسة وتحليلها لتحديد تركيز الأملاح وعنصر الكلوريد فيها، واستخدامها في استشراف مقدار الشحن للمياه الجوفية وذلك باستخدام النموذج المعدل لتوازن كتلة الكلوريد، ووفق تذبذب مستوى سطح المياه الجوفية. كما استخدم برنامج RAINBOW للتنبؤ باحتمالية تكرار تساقط الأمطار الغزيرة، وكذلك نموذج المناخ الإقليمي مع النموذج العشوائي RainSim للحصول على بيانات محاكاة تساقط الأمطار في الكويت للتنبؤ بتغير تساقط الأمطار عبر الزمن، والتنبؤ بتأثير تغير المناخ على تغذية المياه الجوفية.
وأردف القلاف أن هذه الدراسة أظهرت الزيادة في وتيرة تساقط الأمطار الغزيرة في دولة الكويت خلال العقود الأخيرة. وهذه الزيادة في شدة تساقط الأمطار لها أثر كبير في تشكل وجريان المياه السطحية، وحدوث فيضانات مفاجئة. وعند مقارنة النتائج التي تم الحصول عليها من نموذج المناخ الإقليمي ومن نموذج RainSim العشوائي للتنبؤ بتأثير تغير المناخ على تساقط الأمطار، وجد ان نموذج RainSim قد أعطى نتائج أكثر تطابقا مع الظواهر القصوى لتساقط الأمطار المسجلة. كما أن طريقة توازن كتلة الكلوريد أعطت نتائج أكثر دقة بشأن تغذية عدسات المياه الجوفية العذبة من مياه الأمطار في منطقة الدراسة. وقد تبين أن تغير المناخ له أثر إيجابي على هطول الأمطار، ولكن له تأثيرًا سلبيًا فيما يتعلق بدرجات الحرارة، وتغذية المياه الجوفية في دولة الكويت. ومن المتوقع أن يكون هناك تزايد في الاتجاهات العامة لهطول الأمطار ودرجات الحرارة مع مرور الوقت في حين ستنخفض كمية شحن المياه الجوفية.
وأضاف القلاف أن نتائج الطريقة المبتكرة لتوازن كتلة الكلوريد كشفت أن ما يقارب 20% من مياه الأمطار قد أسهمت في تغذية المياه الجوفية في منطقة الدراسة. كما استخلصت الدراسة أيضا أن التغير المناخي سوف يؤدي إلى زيادة معدل تساقط الأمطار بمقدار 0.2 ملم/عام، وارتفاع معدل درجات الحرارة بمقدار 0.05 oم/عام، مما سيؤثر سلباً على تغذية مكامن المياه الجوفية من مياه الأمطار، حيث من المتوقع أن ينخفض معدل تغذية عدسات المياه العذبة بمقدار 2.8% بحلول نهاية عام 2100. إلى ذلك قال القلاف إن هذه الدراسة توصي باستخدام النمذجة العشوائية لتطبيقها على تغير المناخ في دولة الكويت لأنها تعطي دقة أكبر للأحداث المتطرفة في بلد قاحل المناخ مثل الكويت. ويدعم النموذج الجديد والمطور لتوازن كتلة الكلوريد تقدير تأثير تغير المناخ على تغذية المياه الجوفية بدقة أكبر من نموذج توازن كتلة الكلوريد الكلاسيكي. ولذلك تقترح الدراسة تطبيق النموذج المعدل لتوازن كتلة الكلوريد للحصول على تقديرات أفضل لإعادة التغذية لطبقات المياه الجوفية في دولة الكويت. ونظرًا لاحتمالية أن التغير المناخي سيؤدي إلى انخفاض تغذية عدسات المياه الجوفية العذبة في شمالي دولة الكويت، لذلك توصي الدراسة بإتباع إحدى الطرق للتكيف مع هذا الاحتمال مثل الشحن الاصطناعي للتغلب على هذه المشكلة.