لبنان 2023.. مواجهة 7 استحقاقات اقتصادية
• أبرزها.. المفاوضات مع صندوق النقد وارتفاع الأسعار
(الأناضول) – استحقاقات اقتصادية عدة تنتظر لبنان المرهق مالياً في 2023، على وقع مزيد من التضخم، فيما يتطلع مسؤولوه نحو خطة تعافٍ وبرنامج مع صندوق النقد الدولي يخرجان البلاد من الأزمة.
ووفق خبراء، بلغت نسبة التضخم في البلاد أكثر من 1400 بالمئة منذ بداية الأزمة الاقتصادية عام 2019، بينما لا تزال الليرة اللبنانية تسجل هبوطاً قياسياً مقابل الدولار.
في مقابل هذا التدهور، تسعى الحكومة الى إطلاق خطة “التعافي الاقتصادي”، من خلال إجراءات وتشريعات مالية تهدف إلى تعزيز النمو وتخفيض العجز في البلد الذي يستورد 80 بالمئة من حاجاته من الخارج.
ويعاني لبنان من 3 سنوات أزمة اقتصادية حادة، صنفها البنك الدولي واحدة من بين أشد 3 أزمات عرفها العالم، أدت إلى تدهور معيشي ومالي غير مسبوق، وجعلت نحو 80 بالمئة من سكانه تحت خط الفقر بحسب تقارير رسمية.
** تعزيز الإيرادات
وقال وزير المال يوسف الخليل إن العنوان الاقتصادي العريض للعام المقبل، سيكون توحيد سعر صرف الدولار، وتنفيذ إصلاحات هيكلية أساسية لتعزيز النمو الاقتصادي، ولجم تدهور قيمة العملة المحلية.
وحول موازنة 2023 المرتقبة، أشار الخليل إلى أنها “سترتكز على الخطة التي تبنّتها الحكومة: خطة التعافي والإصلاح الاقتصادي والمالي”.
ووفقاً للوزير اللبناني، فإن “تعزيز الإيرادات يبقى المحور الأهم لاستعادة القدرة التمويلية للدولة، وإعادة الإنتاجية للمؤسسات الحكومية وتأمين الخدمات العامة، مع إيلاء أهمية للشأن الاجتماعي (في ظل تدهور الوضع المعيشي)”.
ولفت إلى أن “مسار التعافي الاقتصادي على المدى القريب، يبدأ مع تنفيذ بنود موازنة 2022 والتي تُستكمل في مشروع موازنة 2023، على أن يكون ذلك ضمن مسار الخطة الحكومية، ومعه استعادة ثقة المجتمعين العربي والدولي”.
** المفاوضات مع صندوق النقد
جزء كبير من الإجراءات الحكومية المرتقبة، يعد من أبرز شروط صندوق النقد الدولي، الذي يطالب لبنان بإصلاحات اقتصادية ومالية لقاء تقديم قرض استدانة بقيمة 3 مليارات دولار لمدة 4 سنوات.
ومن أبرز تلك الإصلاحات، إعادة هيكلة القطاع المالي والمصرفي، إصلاح المؤسسات الحكومية لاسيما قطاع الطاقة، تعزيز الحوكمة، ومكافحة الفساد والمساءلة.
وفي أبريل 2022، توصل لبنان إلى اتفاق مع صندوق النقد على مستوى الخبراء، إلا أن الصندوق أعلن بعد 5 أشهر (في سبتمبر) إن التقدم في تنفيذ الإصلاحات يسير ببطء شديد.
** تعديل سعر صرف الدولار
من المقرر أن يعدل لبنان في فبراير 2023 لأول مرة منذ 30 عاماً سعر الصرف الرسمي للدولار، من خلال رفعه من 1500 ليرة الى 15 الف ليرة لبنانية.
ومنذ عام 1992، حافظت الليرة اللبنانية على قيمتها مقابل الدولار، بفعل سياسة تثبيت سعر الصرف، إلى أن وقعت الأزمة الاقتصادية عام 2019 ما ادى الى خلق سوق موازية لتداول الدولار.
ومن بين الشروط الإصلاحية المطلوبة من صندوق النقد الدولي توحيد سعر صرف الدولار، نظراً الى وجود 3 أسعار للصرف، السعر الرسمي، منصة صيرفة، السوق الموازية.
ووصل سعر صرف الدولار في السوق الموازية مؤخراً الى نحو 45 ألف ليرة، فيما بلغ سعر صرف الدولار وفق منصة صيرفة التابعة للمصرف المركزي نحو 31 الف ليرة.
** ارتفاع إضافي بأسعار السلع
يخشى خبراء أن يكون 2023 عاماً إضافياً من التضخم والغلاء في لبنان، على غرار العام الحالي، حيث توقع البنك الدولي أن يبلغ متوسط التضخم 186 بالمئة عام 2022، وهو من بين أعلى المعدلات عالمياً.
وسيدفع ذلك صعوداً أسعار الخبز والمحروقات والسلع الغذائية، كما يتوقع خبراء أن يؤدي تعديل سعر الدولار الجمركي من 1500 ليرة الى 15 ألف ليرة، وارتفاع أسعار سلع إضافية ما ينعكس مزيداً من المعاناة المعيشية للمواطنين.
وفي سبتمبر الماضي صادق البرلمان اللبناني على موازنة 2022، التي تضمنت تعديل سعر صرف الدولار الجمركي الذي على أساسه تحتسب قيمة الرسوم والضرائب.
** إعادة هيكلة القطاع المصرفي
وتماشياً مع الإجراءات الإصلاحية وشروط صندوق النقد، من المرتقب أن تحيل الحكومة مشروع قانون الى البرلمان يهدف الى إعادة هيكلة القطاع المصرفي، بعدما أنجزت المسودات الخاصة بذلك.
ويرتكز المشروع الذي يسمى “مشروع إعادة التوازن للنظام المالي” على تحديد الفجوة المالية للنظام المصرفي وتداعياتها على المودعين، كما يهدف الى إعادة الثقة، وضمان حقوق المودعين.
ووفقاً لمراقبين، قد يؤدي هذا المشروع إلى انخفاض أعداد المصارف العاملة في لبنان والبالغ عددها حالياً نحو 60 مصرفاً، نظراً إلى أن بعضها سيتم تصفيته أو دمجه بمصارف أخرى.
وتفرض مصارف لبنان منذ أكثر من 3 أعوام قيوداً على أموال المودعين بالعملة الأجنبية، كما تضع سقوفاً قاسية على سحب الأموال بالليرة اللبنانية.
وفي نوفمبر الماضي، دعا البنك الدولي في تقرير له حول لبنان إلى إعادة هيكلة القطاع المصرفي على نحو منصف، والى توزيع الخسائر المالية بصورة أكثر إنصافاً للمساعدة في وضع الاقتصاد اللبناني على مسار التعافي.
وبلغ حجم الخسائر المالية 69 مليار دولار، بحسب تصريحات سابقة لنائب رئيس الحكومة سعادة الشامي الذي أشار الى أن هذه الخسائر يتحملها الدولة ومصرف لبنان والمصارف والمودعين”.
** زيادة أسعار الطاقة الكهربائية
لا يزال لبنان يعاني من شح حاد في توفير الطاقة من جراء عدم توفر النقد الأجنبي لاستيراد الوقود المخصص لتوليد الكهرباء، ما يدفع باللبنانيين الى الاستعانة بمولدات خاصة لتوفير التيار الكهربائي.
وعلى وقع تراجع احتياطي العملات الأجنبية لدى البنك المركزي، أدى شح وقود الفيول منذ نحو عام ونصف الى توقف معظم محطات توليد الطاقة الحكومية ما ينعكس انقطاعاً في الكهرباء عن المؤسسات والمنازل لساعات طويلة في اليوم.
وفي محاولة للحد من هذه الأزمة، ستبدأ مؤسسة كهرباء لبنان (حكومية) مطلع عام 2023 بتطبيق قرار حكومي يقضي بزيادة تعرفة الفواتير من 0.5 سنت للكيلوواط الواحد إلى أكثر من 20 سنتاً، سعياً لتأمين الأموال اللازمة لاستيراد الوقود.
** بدء التنقيب عن الغاز
يتطلع لبنان الى ثروته الطبيعية من النفط والغاز كعامل مهم للخروج من الأزمة الاقتصادية والمالية غير المسبوقة بعد توقيع اتفاق ترسيم الحدود البحرية مع إسرائيل في أكتوبر الماضي.
وخاضت بيروت وتل أبيب مفاوضات غير مباشرة استمرت عامين بوساطة أمريكية ورعاية الأمم المتحدة، بشأن منطقة غنية بالنفط والغاز الطبيعي في البحر المتوسط تبلغ مساحتها 860 كم مربعاً.
ومنتصف ديسمبر الحالي أعلنت شركة “توتال إنرجيز” الفرنسية، إنها ملتزمة بالتنقيب عن الغاز في لبنان بحلول العام المقبل (2023) لا سيما منطقة الاستكشاف رقم 9 بناء للعقد الموقع مع لبنان.
إلا أن البنك الدولي قال في أحدث تقرير له صدر في نوفمبر الماضي أن الإيرادات المحتملة للبنان من النفط والغاز لا تزال غير مؤكدة، ويحتاج تحقيقها سنوات.