الأمم المتحدة تحذّر من تفاقم أزمة ديون البلدان الفقيرة
• الدول الغنية والشركات العملاقة ساهمت في إثقال كاهل الدول الفقيرة
• 52 دولة على بُعد خطوة عن أزمة ديون وتخلّف محتمل عن السداد
(أ ف ب) – حذّر مدير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي أخيم شتاينر السبت من أن المزيد من الدول ستعاني من أزمة ديون وتخلّف محتمل عن السداد مع إنفاق 25 من 52 دولة فقيرة 20 في المئة من إيراداتها لتغطية كلفة ارتفاع الفوائد.
وقال شتاينر في مقابلة مع وكالة فرانس برس على هامش مؤتمر الأمم المتحدة الخامس للبلدان الأقل نموا الذي تستضيفه الدوحة حتى التاسع من مارس، «الوضع الحالي بالنسبة للبلدان النامية في ما يتعلّق بالدين الوطني خطير للغاية».
وأوضح أنه بناء على تحليل لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، فإن «52 دولة إما تعاني من أزمة ديون وإما هي على بعد خطوة عن أزمة ديون وتخلّف محتمل عن السداد».
وبينما لا تساهم هذه البلدان في أكثر من ثلاثة في المئة من مخزون الدين السيادي العام، ما يفسّر «عدم اهتمام أسواق المال بالأمر بالقدر الكافي»، إلا أنها في الواقع «تمثّل 40 في المئة من فقراء العالم وسدس سكان العالم».
وبحسب شتاينر، فإن 25 من هذه الدول الـ52 «أنفقت بالفعل خُمس أو 20 في المئة من إيراداتها الحكومية لتسديد الفوائد المترتبة على ديونها».
وقال «إنه أمر غير قابل للاستدامة.. لذلك، دعينا بشكل واضح للغاية لوسائل عاجلة لضخ السيولة مع إعادة هيكلة وجدولة الديون. ما لم يحصل ذلك، فقد نرى دولة تلو الأخرى تدخل في منطقة أزمة الدين هذه».
وانتقد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش السبت بلدان العالم الغنية وشركات الطاقة العملاقة لمساهمتها في إثقال كاهل الدول الأقل نموا التي ازدادت ديونها بأربعة أضعاف خلال عقد لتسجّل حوالى 50 مليار دولار عام 2021، عبر فرض معدلات فائدة «جشعة» عليها.
لكن يصعب تحديد إجمالي الدين الحالي، نظرا إلى أن الجزء الأكبر من الديون (60 في المئة) مستحق لجهات خاصة وبسبب بروز الصين في مجال الائتمان السيادي العام.
وتضطرّ العديد من البلدان إلى الاستدانة حاليا فيما تكافح للتعافي من التداعيات الاقتصادية لوباء كوفيد.
وقال شتاينر «هناك الآن الحرب في أوكرانيا والتأثير على أسعار الغذاء والطاقة. عندما يتعلق الأمر بالديون خصوصا، فإن تأثير التضخم يؤدي إلى رفع المعدلات».
وتواجه بلدان مجموعة العشرين صعوبة في مساعدة الدول الأقل نموا في ظل الانقسامات الجيوسياسية، وبالتالي «لم يتحقّق غير تقدّم خجول بعد الوباء»، بحسب مدير البرنامج الأممي.
وتأخرت التنمية في بلدان إفريقية عدة مثل نيجيريا ومالي وبوركينا فاسو من 10 إلى 20 عاما على وقع العنف السياسي وفشل الحكومات في توفير خدمات أساسية للمواطنين تشمل الأمن والصحة والتعليم.
ولفت شتاينر الى أن العالم يعيش بالفعل اضطرابات اجتماعية، حتى منذ ما قبل الوباء في عامي 2018 و2019. وقال «بدأ الناس يعبّرون عن قضاياهم السياسية في الشوارع سواء في تشيلي أو باريس أو هونغ كونغ أو الولايات المتحدة أو المملكة المتحدة. يسود بالفعل شعور قوي بالإحباط المرتبط جزئيا بقضايا عدم المساواة والفقر».
وتسبّب ارتفاع أسعار الوقود بـ»صدمة قصيرة الأمد» تركت العديد من الدول بمواجهة صعوبات في المحافظة على الاستقرار المالي الأساسي وفرضت قيودا على الميزانيات، بحسب شتاينر، فيما تكتسب مسألة زيادة الاستثمارات في مصادر الطاقة المتجددة ومكافحة التغير المناخي أهمية متزايدة في ضوء كوارث شهدها العالم مؤخرا مرتبطة بالتغير الحاد في أحوال الطقس.
– «جانب مشرق» –
وقال المسؤول الأممي لفرانس برس إن «قدرة البلدان الأفقر وتلك ذات الدخل المتوسط على توسيع البنى التحتية المرتبطة بالطاقة النظيفة بشكل كبير.. تتأثّر».
وشدّد على ضرورة لعب المجتمع الدولي دور «شريك في الاستثمار من أجل مساعدة الاقتصادات الأفقر في المحافظة على قدرتها في الاستثمار بالوصول إلى الكهرباء النظيفة والميسورة التكلفة».
واعتبر أن «الجانب المشرق الوحيد في الأفق هو أنه وللأسف، نتيجة النزاعات والأزمات والحرب في أوكرانيا، تحوّلت مسألة أمن الطاقة إلى عامل مهيمن إلى حد يدفعني للاعتقاد بأننا سنشهد خلال السنوات الثلاث إلى الخمس المقبلة زيادة هائلة في الاستثمارات في البنى التحتية المرتبطة بالطاقة النظيفة».
لكنه شدّد على وجوب عدم التخلي عن البلدان الأقل نموا، داعيا المجتمع الدولي للاستثمار في هذه الدول من أجل التوصل إلى «خفض الفقر وإزالة الكربون وتخفيف التوتر السياسي، فلا يجد التطرف السياسي العنيف طريقه الى النجاح».