اقتصاد

«إتش إس بي سي» يتوقع ارتفاع الدولار إلى ما بين 35 و40 جنيهاً مصرياً

خفّض بنك «إتش إس بي سي» توقعاته للجنيه إلى متوسط 37.5 للدولار مقابل 32.5 جنيه في توقعاته قبل شهرين.

وأوضح أنه حينما توقّع أن يستقر الجنيه في منطقة ما بين 30 و35 جنيهاً، كان بناء على تطورات في السياسات النقدية من شأنها تحفيز التدفقات، لكن تلك التطورات لم تتم، وزادت الضغوط على السيولة الأجنبية، لذلك خفّض توقعاته إلى نطاق ما بين 35 و40 جنيهاً.

وأضاف فى تقرير أن الأوضاع العالمية ونهج الحلفاء في المنطقة وصندوق النقد والمؤسسات متعددة الأطراف ستحدد قدر الصعوبات التي على مصر تذليلها لجذب التمويلات.

وتابع: «لكن أيضًا هناك 3 مساحات عريضة في السياسات المالية والنقدية والتي من شأنها تحديد الأداء وأهمها ظهور نظام سعر صرف مرن بالكامل، والذي يعد جوهر اتفاق مصر مع الصندوق».

وأوضح أن التحوّل نحو ذلك النظام، ملىء بالتحديات، وأن مزيج توقف التدفقات وتراكم الطلب غير الملبى على الدولار قد يؤدي لانخفاض الجنيه لأكثر حتى من نطاق توقعاته.

وأقدم البنك المركزى على 3 تخفيضات كبيرة للعملة المحلية فى مارس وأكتوبر من العام الماضي ويناير من العام الحالي فقد الجنيه خلالها نحو نصف قيمته، لكن تلك التخفيضات فشلت في إصلاح سعر الصرف بشكل مستدام، ولا تزال هناك سوق غير رسمية للعملة تعبّر عن جود طلب غير ملبى، كما توجد قيود غير مكتوبة على تلبية العملة الصعبة لبعض الواردات.

لكن التقرير يرى أن العملة الحرة تقضي على النقص في النقد الأجنبي، فمع ثقة أن العملة الأجنبية يسهل الحصول عليها، سيؤدي ذلك إلى تدفق التحويلات من المغتربين وستتعافى استثمارات الأجانب في محافظ الأوراق المالية.

والتحدي الثاني من وجهة نظر «إتش إس بي سي» هو نهج البنك المركزي الأوسع للسياسة النقدية، فبعد تثبيته الفائدة مرجحًا أن الزيادات السابقة بوسعها استيعاب التضخم وخفضه، ارتفع التضخم إلى 6.5% على أساس شهري فى فبراير و32% على أساس سنوي ما يجعل ذلك الطرح تحت ضغط.

وتوقع رفع الفائدة 3% فى اجتماع لجنة السياسات النقدية المقبلة، ليصبح متوسط فائدة الكوريدور 19.75%، ومثل تلك الزيادة سيكون لها تكلفة مالية وقد تؤدي لضغوط على النمو الذي بدأ يتلاشى بالفعل، لكنها تؤكد مصداقية البنك المركزي فى مكافحة التضخم.

وأشار إلى أنه مع سعر الفائدة الحقيقية البالغ -15% بعد استبعاد التضخم، لن يُنظر لتلك الخطوة على أنها تشديد نقدي مُفرط.

وقال إن الاختبار الثالث هو برنامج بيع الأصول عبر بيع حصص فى 32 شركة بينها شركات مملوكة للجيش ومؤسسات مالية خلال الاثنى عشر شهرًا المقبلة.

وأشار إلى أن بيع الأصول عملية معقدة لتنفيذها لكنها كانت جزءاً من السياسات العامة منذ 2016، وكانت جزءاً مركزياً في اتفاق مصر الجديد مع الصندوق والذى تم التوصية به من قبل رئيس الدولة والحكومات المختلفة، وحتى الآن جذبوا اهتمام قوي من دول الخليج وغيرها.

وأضاف أن حصيلة بيع الأصول قد تؤدي لخفض الضغط عن ميزان المدفوعات، لكن الأهم أن حدوث تطورات سريعة قد يكون دليل حاسم على الالتزام بإعادة توجيه الاقتصاد على النطاق الواسع نحو نمو يقوده القطاع الخاص، كما قد يبدأ في اكتساب الزخم بمجرد أن تبدأ العمليات بشكل فعلي.

وأشار إلى أن الضعف المتوقع في الجنيه سيؤدي إلى زيادة الضغوط التضخمية وقد يدفع التضخم العام لأكثر من 40% خلال شهور الصيف.

وأوضح أن محاولة السيطرة على التضخم برفع الفائدة سيضغط على آفاق النمو التي انخفضت بالفعل في ظل المعنويات المنخفضة وتراجع الأجور الحقيقية، بما يؤدي لضغوط على المالية العامة، ويؤخر استقرار مستويات الدين العام المرتفعة.

ويعتقد معدو التقرير أن ذلك ورغم أنه أمر مثير للاضطراب وينطوي على تكلفة اقتصادية عالية لكنه يمهد الطريق لعجز أقل في الحساب الجاري وتدفق أعلى للحساب الرأسمالي، وتحول نحو قصة نمو إيجابية على المدى الطويل كانوا يرون منذ مدة أن مصر ستصل لها.

لكنهم لم يخفوا أن هناك مخاطر تحيط بتلك الرؤية، وأشار التقرير إلى أن هناك سيناريوهان الأول ضغوط صاعدة، في ظل فقدان العملة 50% من قيمتها في أقل من عام وأنها قريبة من قيمتها العادلة بما يجعل هناك مجال لتؤدي بشكل أفضل من المتوقع، في تلك الحالة المكاسب قد تكون سريعة خاصة إذا كان هناك تحرك في مجال بيع الأصول أو وجود دعم مالي جديد من دول الخليج بخلاف الاستثمارات في الأصول.

وفي هذا السيناريو يقول البنك إنه سينتظر نتائج المراجعة الأولى للصندوق، في ظل الاتفاق الأكبر من المتوقع الذي تم توقيعه مع مجموعة البنك الدولي، والذي ينم عن وجود دعم بتمويلات إضافية وبشروط ميسّرة.

وأشار إلى أن السياحة بدأت تتعافى بالفعل، وهناك مجال ليس فقط لعود التحويلات لمستوياتها السابقة، لكن أيضًا لتحقيق زيادة كبيرة في ظل تراكم المدخرات مع المغتربين بعد تباطؤ التحويلات العام الماضي.

وذكر أن شهية المخاطرة عالميًا قد تشهد تحسنًا مع تراجع الضعوط على التمويل وفي هذه الظروف ستبدأ ضعوط ميزان المدفوعات في التلاشي والتضخم سينخفض بشكل أسرع وكذلك سيتسارع النمو أكثر مما يعتقد معدو التقرير حاليًا.

وأشار إلى أن الضغوط الهابطة تتمثل في الاحتياجات التمويلية الكبيرة التي على مصر تعبئتها خلال العام المالي الحالي والمقبل والمقدرة بنحو 24 مليار دولار ترتفع إلى 30 مليار دولار إذ احتسبنا مستهدفات زيادة الاحتياطي.

وأوضح أن أرصدة الأصول الأجنبية التي تستطيع مصر السحب منها محدودة، فرغم استقرار الاحتياطي الأجنبي لكن صافى الأصول الأجنبية مازال يسجل عجزًا، كما أن استخدام الاحتياطي مُقيد بشروط اتفاق مصر مع الصندوق ونتيجة لذلك فإن صافي التدفقات عامل رئيسي، فإذا انخفضت مصادر التمويل، عن المستويات الطموحة في برنامج مصر مع الصندوق، ستواجه مصر على الأرجح خياراً ما بين ترك عملتها تنخفض بشكل أكبر، بما يحافظ على ميزان المدفوعات، أو تُحكم إداراتها لموارد النقد الأجنبي لتلبي أولوياتها، وكلا الخيارين سيكون لهما أثر أعمق مما يتوقعه البنك حاليًا، وسيركز الضوء على قدرة مصر على خدمة الدين.

وأشار إلى أن النصيب الأكبر لمدفوعات الديون لصندوق النقد الذي من المنتظر أن تسدد مصر له 3.5 مليار دولار خلال الشهور التسعة الأولى من 2023 بداية من 500 مليون دولار في مايو.

وقال إن تكلفة الدين المحلي ترتفع أيضًا بالتزامن مع رفع أسعار الفائدة.

زر الذهاب إلى الأعلى