اقتصاد

تحول رقمي في القطاع الصناعي.. السعودية تدعم التقنيات المستقبلية بـ15 مصنعاً

في خطوة جديدة ضمن تعزيز قدرتها في إنترنت الأشياء والتقنيات الحديثة أعلنت المملكة العربية السعودية عن عزمها إنشاء 15 مصنعا للتقنيات الحديثة ومستشعرات إنترنت الأشياء، وزيادة صادرات منتجات التقنية المتقدمة بنحو 6 أضعاف، وذلك في إطار الإستراتيجية السعودية للصناعة التي تستهدف القفز بأعداد المصانع في المملكة بحلول عام 2035 إلى 36 ألف مصنع.

وتهدف السعودية إلى أن تصبح دولة رائدة في تطبيق وتطوير تقنيات وخدمات إنترنت الأشياء، في ظل توجهها لتسريع التحول الرقمي في القطاع الصناعي الذي يشهد تسارعا عالميا في التحول من المصانع التقليدية إلى المصانع الآلية المعتمدة على الروبوتات والذكاء الاصطناعي، وفقاً لـ «الجزيرة نت».

كما يأتي ذلك في ظل سعي الرياض لدعم الجهود الرامية لتمكين التحول الرقمي وتطوير القطاع الصناعي في المملكة، وتحقيق الاستفادة القصوى من كافة الإمكانيات الرقمية الموجودة وتسخيرها لخدمة القطاع الصناعي والنهوض به.

الإعلان عن إنشاء 15 مصنعا جاء على لسان أسامة الزامل نائب وزير الصناعة والثروة المعدنية السعودية قبل أيام خلال مشاركته في جلسة حوارية في المؤتمر والمعرض الهندسي الدولي الثالث.

وقال الزامل إن الإستراتيجية الوطنية للصناعة تستهدف إنتاج 800 ألف طن من الكيميائيات المتخصصة، وإنشاء 15 مصنعا للتقنيات الحديثة ومستشعرات إنترنت الأشياء، وزيادة صادرات منتجات التقنية المتقدمة بنحو 6 أضعاف.

وأشار إلى أن الإستراتيجية تستهدف زيادة أعداد المصانع في المملكة بحلول عام 2035 إلى 36 ألف مصنع، كما تستهدف طرح أكثر من 800 فرصة استثمارية بقيمة تريليون ريال (266 مليار دولار).

دعم التقنيات المستقبلية

وتشير دراسات السوق المحلية إلى وجود نمو كبير في حجم سوق إنترنت الأشياء في المملكة يصل إلى 10.8 مليارات ريال (حوالي 2.9 مليار دولار أميركي) بحلول عام 2025 بمعدل نمو سنوي قدره 12.8%.

وبحسب هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات السعودية، فإن قطاع تقنية المعلومات في المملكة سجل نموا سنويا تراكميا بنسبة 14%، مرتفعا من 43 مليار ريال (11.46 مليار دولار) في 2017 إلى 73 مليار ريال (نحو 20 مليار دولار) في عام 2021، متوقعا أن يتجاوز 103 مليارات ريال (27.46 مليار دولار) في عام 2025.

ورغم عدم توافر إحصائيات محددة عن حجم الإنفاق السعودي في قطاع إنترنت الأشياء فإن آخر التصريحات الرسمية تشير إلى استثمارات سعودية تزيد على 33.75 مليار ريال (9 مليارات دولار) لدعم التقنيات المستقبلية -ومن بينها “إنترنت الأشياء”- تعزيزا لمكانة المملكة بصفتها أكبر اقتصاد رقمي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

وجاء الإعلان وفقا لما أكده وزير الاتصالات وتقنية المعلومات السعودي عبد الله السواحة خلال افتتاح مؤتمر “ليب 2023” الذي استضافته العاصمة السعودية الرياض في فبراير الماضي.

وأكد السواحة أن هذه الحزم من الاستثمارات الضخمة جاءت بدعم من ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان وتمكينه قطاع التقنية الذي يعد من القطاعات الواعدة التي تشهد دعما غير مسبوق، إيمانا بأهمية الاستفادة من الآفاق المفتوحة والمجالات النوعية على مختلف أشكالها الاقتصادية الرقمية، وإنترنت الأشياء، والتقنيات البيولوجية والصحية، والعلوم الكمية، والفضاء والأقمار الصناعية، والتقنيات المالية، والمصادر المفتوحة.ومؤخرا، أعلنت هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات السعودية توقيع اتفاقية شراكة مع صندوق الاستثمارات العامة السعودي لإنشاء شركة ذات مسؤولية محدودة والمتخصصة في مجال إنترنت الأشياء برأس مال يبلغ 492 مليون ريال (131 مليون دولار) عند التأسيس، وهو ما يتماشى مع النمو المتوقع والطلب المتزايد على خدمات ومنتجات إنترنت الأشياء ويتوافق مع رؤية السعودية 2030 لوطن متصل.

تمكين المجتمعات الرقمية

ويأتي هذا التوجه السعودي في تنمية وتطوير هذا القطاع إدراكا لأهمية الدور الكبير الذي تلعبه تقنية الأشياء في تمكين المجتمعات الرقمية وتحقيق أهداف التنمية المستدامة، إذ تشير التقديرات إلى إسهام هذه التقنيات في الاقتصاد العالمي بأكثر من 14 تريليون دولار بحلول عام 2030، كما يتوقع أن يتجاوز عددها أكثر من 97 مليار جهاز حول العالم بمتوسط تملّك كل شخص 15 جهازا.

وفي معرض تعليقه على خطوات المملكة تجاه التوسع في إنشاء مصانع التقنيات الحديثة ومستشعرات إنترنت الأشياء، يقول الخبير الاقتصادي السعودي حسام الدخيل “إن المملكة تشهد حراكا تقنيا كبيرا خلال السنوات الأخيرة، حيث إن معظم المعاملات الحكومية والبنكية وغيرها التي كان يراجع المواطن الإدارات بشأنها أصبحت تتم إلكترونيا، واختصرت الكثير من الوقت والجهد، كما أن الواقع الذي فرضته جائحة كورونا شجع المزيد من تطور الأعمال التقنية كالتعليم والعمل عن بعد وغيرهما”.

ويقول الدخيل إن رؤية “المملكة 2030” -التي أطلقها ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان- ساهمت بشكل كبير في وضع البنية التحتية المناسبة كأساس لإنشاء المشاريع التقنية والرقمية من خلال تشجيع الاستثمار الأجنبي وتنمية الصادرات غير النفطية وتنمية الناتج المحلي، وذلك عبر إطلاق برنامج تطوير الصناعة الوطنية والخدمات اللوجستية في عام 2019 الذي يهدف إلى تحويل المملكة إلى قوة صناعية رائدة والتركيز على المحتوى المحلي والثورة الصناعية الرابعة، ليساهم هذا البرنامج في تعظيم الأثر الاقتصادي وتنويع القطاعات.

ويوضح أن الإستراتيجية الوطنية لهذا البرنامج أعطت أهمية كبيرة للقطاعات المتعلقة بالتكنولوجيا والتقنيات الحديثة، ومن أجل ذلك وضعت على أجندتها قرارا بإنشاء 15 مصنعا تعنى بالتقنيات الحديثة ومستشعرات إنترنت الأشياء وزيادة الصادرات للمنشآت التقنية المتقدمة بـ6 أضعاف.

ويؤكد أن هذا القرار يتماشى مع ما تشهده السوق السعودية من نمو مستمر في استخدام التقنيات الحديثة، حيث تشير كثير من الدراسات والتقديرات إلى أن المملكة من أكثر الدول التي تسجل نموا في استخدام إنترنت الأشياء.

وأشار إلى أن أغلبية الدول بدأت دعم إنترنت الأشياء، وتضخ في هذا الجانب ميزانيات كبيرة للاستفادة من هذه التقنية التي تجمع تفاصيل الحياة كافة وتربطها بالإنترنت.

وفي هذا الصدد، أشار الدحيل إلى استثمارات شركة مايكروسوفت العالمية، والتي بلغت 2.1 مليار دولار في سحابة عالمية فائقة النطاق في السعودية، واستثمارات بقيمة 1.5 مليار دولار لشركة “أوراكل”، بالإضافة إلى شركات شهيرة أخرى في المجال، مثل “غوغل”، و”ساب” (SAP)، و”علي بابا” (Alibaba) وغيرها، وذلك من خلال إنشاء عدد من المناطق السحابية في السعودية.

وأكد أنه مع تنامي هذه الاستثمارات التكنولوجية تتزايد الحاجة لمزيد من الشركات العاملة في قطاع مستشعرات إنترنت الأشياء لتلبية الطلب المتزايد على خدماتها، فضلا عن أنها ستسهم في دفع عجلة التحول الذكي في المملكة، والتي ستعود بمزيد من الإنتاجية والازدهار في العقود القادمة.

كما يلفت الخبير الاقتصادي السعودي إلى أن التقديرات تشير إلى تخطيط 25% من المنشآت المحلية بالسعودية لاستخدام حلول إنترنت الأشياء خلال العامين المقبلين، فيما تسعى العديد من المنشآت إلى التوسع في استخدام حلول إنترنت الأشياء، متوقعا أن تساهم هذه التقنية في تغيير وجه الحياة في السعودية خلال الأعوام القليلة المقبلة.

زر الذهاب إلى الأعلى