محليات

أكاديميون وباحثون: «الديوانيات» تشكّل المزاج العام للناخبين وخريطة الطريق إلى المجلس

• تسهم في تسريع الحراك الديمقراطي ورفع مستوى الوعي السياسي لدى المواطنين

• النشاط السياسي داخل الديوانيات يعد شكلاً من أشكال المشاركة السياسية

(كونا) – أجمع أكاديميون وباحثون متخصصون على أن الديوانيات في الكويت تشكل المزاج العام للناخبين في صناديق الاقتراع، وتعد خريطة الطريق إلى قبة «عبدالله السالم» في مجلس الأمة الكويتي.

وأكدوا في لقاءات متفرقة أن الديوانية تعتبر سمة كويتية بامتياز وعلامة فارقة، ومن الآليات المهمة التي تسهم في تسريع الحراك الديمقراطي ورفع مستوى الوعي السياسي لدى المواطنين.

وقال أستاذ علم النفس بجامعة الكويت الدكتور كامل الفراج إن الديوانية تشكل المزاج العام للناخبين، ما ينعكس على صناديق الاقتراع بشكل مباشر لصالح بعض المرشحين، فهي العصب الاجتماعي والسياسي وهي ملتقى للتنوع الاجتماعي من مختلف التوجهات والأعمار والمهن.

وأوضح الفراج أن الديوانية تعد منتدى فكرياً لطرح المبادرات والأفكار من أجل تطوير المجتمع من كافة الجوانب الثقافية والسياسية والاقتصادية، مبيناً أن الدور المناط بها ليس بجديد عليها فهي كذلك منذ نشأة المجتمع وقبل استقلال الدولة.

وأضاف أن الأثر السياسي للديوانية يتجلى خلال الأزمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية وأثناء انتخابات المجلس التشريعي إذ تسهم النقاشات خلال فترة الانتخابات بإثراء الوعي السياسي والتفاف الناس حول بعض المرشحين دون غيرهم.

وتابع أن الديوانية تعتبر أيضاً مجالاً للتعارف وخلق صداقات إذ تعد مدخلاً أساسياً لخلق التماسك والترابط بين أفراد المجتمع باختلاف توجهاتهم وتنوع آرائهم، مشيراً إلى أنه غالباً ما تكون علاقتهم بأصدقائهم داخل الديوانية أقوى من علاقتهم بأصدقائهم ممن هم خارجها لاسيما أن اللقاء المنتظم بين أعضاء الديوانية يدفعهم الى ترسيخ قيم التواصل ويعزز من علاقاتهم الشخصية.

وذكر أن النشاط السياسي داخل الديوانيات شكل من أشكال المشاركة السياسية ومحاولة للتأثير على القرارات السياسية وتوجهات الرأي العام، لافتاً إلى أن درجة الوعي تتمثل داخل الديوانيات الكويتية باختلاف وجهات النظر وتنوع الآراء ما بين مؤيد ومعارض وإن كانت المصلحة العامة هي مطلب جماعي.

من جهته قال أستاذ العلاقات العامة والإعلام في جامعة الكويت الدكتور حسين ابراهيم إن الصوت الاعلامي للديوانية هو الأعلى من بين وسائل الإعلام التقليدية والحديثة، موضحاً أن الحوار والنقاش فيها حقيقي وصادق ومباشر ويجد قبولاً وصدى عند الجميع بما فيها الناخب والمرشح وحتى أعضاء الحكومة.

وأضاف ابراهيم أن الديوانية أحد أشكال مؤسسات المجتمع المدني والمؤسسة التقليدية الأولى التي تسهم في تسريع الحراك الديمقراطي، لاسيما خلال موسم الانتخابات.

وبيّن أن الديوانية تلعب دوراً كبيراً وفعالاً في تقريب وجهات النظر ما بين المرشح وقواعده الانتخابية على مدار فترة الانتخابات، كما أنها مكان مناسب لعقد الندوات الانتخابية والمناظرات ما بين المرشحين لإبداء وجهات نظرهم وتبرير مواقفهم.

وذكر أنه مع الطفرة الرقمية وانتشار وسائل الاتصال والتواصل الحديثة واتساع القاعدة الانتخابية فقد أصبحت مواقع التواصل الاجتماعي بمثابة «ديوانيات» إلكترونية.

وبيّن أن المرشحين يتواصلون مباشرة مع ناخبيهم من خلال حساباتهم الإلكترونية على مواقع «تويتر – انستغرام – سناب شات – فيسبوك» على مدار الساعة يطرحون برامجهم الانتخابية ويتعرفون على تفاعل الجمهور معهم، لافتاً في الوقت ذاته إلى أن هذا الدور الاعلامي الالكتروني ما هو الا انعكاس لفضاء الدواوين.

وأفاد بأن الديوانية استثمرت وسائل التواصل الاجتماعي للتعزيز من مكانتها ونسجت شبكتها العنكبوتية الخاصة بها لتبقى المكان المناسب للمرشح لتعزيز علاقاته الشخصية وعرض توجهاته وبرامجه الانتخابية مع قواعده الانتخابية.

من جانبه قال أستاذ علم الاجتماع والخدمة الاجتماعية بجامعة الكويت الدكتور يعقوب الكندري إن الديوانية تعد من أهم وأبرز ملامح الحياة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية في الكويت على وجه الخصوص، إذ تجمع شتى أطياف المجتمع للتشاور والنقاش حول شتى الهموم والقضايا.

وذكر الكندري أن الديوانية لها دور رئيسي في التنشئة السياسية لأفراد المجتمع وتعد أهم مؤسسة غير رسمية بحكم الواقع والتوازن الاجتماعي الذي فرضه وجودها داخل المجتمع الكويتي ويمارس فيها جميع أشكال المشاركة المجتمعية والثقافية والسياسية، ما دعا الكثير لأن يطلق عليها «برلمانات الكويت المصغرة».

وأوضح أن الديوانيات أصبحت منصات وهدفاً للمرشحين من أجل الوصول للناخبين ومازالت تحتفظ بدورها السياسي وبقوة، وتعد «المجس» لمعرفة توجهات استطلاعات الرأي العام حول قضايا الساعة وغرف عمليات لا تتوقف لمساندة المرشح المتفق على دعمه.

وأضاف أن الديوانية الكويتية التقليدية اقتصرت في بداياتها على طبقة معينة من أعيان البلد وعلى أفراد الأسرة الحاكمة في المجتمع الكويتي ما قبل النفط نتيجة للظروف الاقتصادية والمادية في تلك الفترة، كما كانت اللبنة الأولى لترسيخ دعائم الديمقراطية وتقديم المشورة والرأي في غياب الحياة النيابية.

وقال الكندري إن للديوانية دورها الاجتماعي والثقافي والاعلامي أيضاً فقد كانت ديوانية الحاج محمد حمد بودي أول مستشفى في الكويت قبل بناء المستشفى «الأميركاني»، كما كان ديوان محمد صالح الجوعان مقراً للنادي الأدبي الذي أنشأه مثقفو الكويت عام 1923.

وبيّن أن الديوانية لعبت دوراً في التكافل والتماسك الاجتماعي من خلال عمل نظام للمناوبة في الديوانيات ذات المواقع الاستراتيجية للمراقبة وتوفير جو من الأمان لأبناء المنطقة إلى جانب متابعة أحوال الأسر وتقديم المساعدة للمحتاجين وتوزيع المبالغ المالية على الكويتيين.

ولفت إلى دورها في محاسبة ومراقبة النائب خلال فترة انعقاد مجلس الأمة، إضافة إلى دورها في التوجيه والارشاد إذ تعتبر من المؤثرات الخارجية التي ينتبه لها النائب ويأخذها بعين الاعتبار.

بدوره أكد الباحث والمؤرخ في التراث الكويتي الدكتور يعقوب الغنيم أن ملامح الدور السياسي للديوانيات تشكّلت مبكراً في الكويت منذ نشأتها، مشيراً إلى أن منظومة الديوانية في الحياة العامة بالكويت بقيت واحدة من أدوات تواصل الحاكم مع الشعب في المناسبات السياسية والاجتماعية وحتى الدينية كالأعياد إذ عكست في الكويت عمق العلاقة بين الحاكم والمحكوم.

وأفاد الغنيم بأن للديوانية مكانة خاصة في نفوس الكويتيين منذ أن عرفوها قبل أكثر من 300 عام، إذ شكّلت في مختلف مراحل تطورها صورة من صور التكافل الاجتماعي بين أبناء المجتمع وعاملاً رئيسياً في صنع القرار السياسي وتعزيز الوعي الثقافي والسياسي والديني.

وأوضح أن الديوانية كان لها حضور منذ عام 1921 أثناء تأسيس مجلس الشورى وأثناء تأسيس المجلس التشريعي الأول والثاني، وزادت تطوراً عام 1961 الى 1963 أثناء الاستقلال وانتخابات المجلس التأسيسي وانتخابات مجلس الأمة عام 1963 فكان لها دور كبير في تلك الانتخابات وكانت مجلساً مفتوحاً للنقاشات العامة والسياسية يستخدمه المرشح وقت الانتخابات لحشد دعم العائلات وأهالي المنطقة له.

وقال إن الوظيفة السياسية للديوانية الكويتية كانت ملازمة لها طوال تاريخها منذ نشوء الكويت وإبان وقوعها تحت الحكم البريطاني وبعد الاستقلال وحتى أثناء الاحتلال العراقي، فقد ساهمت في عملية المشاركة السياسية لاسيما الديوانيات ذات التوجه السياسي والديوانيات الثقافية التي يدعى إليها بعض المفكرين لإلقاء محاضرات عامة.

زر الذهاب إلى الأعلى