بعد عام من اعتمادها .. زخم ايجابي بشأن شراكة الاتحاد الأوروبي الاستراتيجية مع الخليج
(كونا) – بدأت شراكة الاتحاد الاوروبي الاستراتيجية مع منطقة الخليج تؤتي ثمارها المرجوة بعد مرور حوالي عام على اعتماد الكتلة الأوروبية بياناً مشتركاً بشأنها.
وتؤكد هذه الوثيقة المؤلفة من 17 صفحة وتتناول سلسلة من المجالات السياسية الرئيسية وتقدم مقترحات ملموسة لتعزيز التعاون بين الاتحاد الأوروبي ودول مجلس التعاون لدول الخليج العربية في عدد كبير من المجالات أن تعزيز الشراكة سيعود بالنفع على كلا الجانبين.
وتتضمن هذه المجالات الطاقة والتحول الأخضر وتغير المناخ والتجارة والتنويع الاقتصادي والاستقرار الإقليمي والأمن العالمي والتحديات الإنسانية والإنمائية وتوثيق الاتصالات بين الشعوب.
ويشير البيان المشترك إلى أن دول الاتحاد الأوروبي البالغ عددها 27 دولة ودول مجلس التعاون الخليجي الست تمثل نسبة 20 في المئة من الاقتصاد العالمي و17.5 في المئة من التجارة العالمية وتغطي أكثر من نصف الاستثمارات الأجنبية المباشرة العالمية.
وعلى مدار العام الماضي أصبحت الزيارات والاجتماعات الرفيعة المستوى بين الاتحاد الأوروبي ودول مجلس التعاون أكثر تواتراً اذ عقد الممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية جوزيب بوريل عددا من الاجتماعات مع وزراء خارجية دول مجلس التعاون على هامش التجمعات الدولية مثل الأمم المتحدة.
كما زار رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشيل السعودية وقطر والإمارات خلال جولة قام بها في المنطقة في سبتمبر الماضي في حين ألقت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين كلمة رئيسية في «حوار المنامة» بالبحرين في نوفمبر الماضي.
من جانبهم زار مفوضون آخرون من الاتحاد الأوروبي منطقة الخليج لتعزيز التعاون بين الجانبين في قطاعي الطاقة والاقتصاد.
وعلى الجانب الآخر التقى الأمين العام لمجلس التعاون جاسم البديوي مع بوريل ببروكسل في 16 يونيو الجاري وناقشا العلاقات الثنائية والقضايا ذات الاهتمام المشترك ووصف مباحثاته مع الممثل الأعلى بأنها «مهمة جداً وشاملة».
وبدوره وصف المتحدث باسم الاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية بيتر ستانو ذلك الاجتماع بأنه دليل جيد جدا على التزام الجانبين بتحقيق الطموح المحدد بشكل مشترك لتعميق العلاقات.
وبالإضافة إلى ذلك شارك البديوي وممثلون من جميع الدول الأعضاء بمجلس التعاون في مؤتمر بروكسل السابع لدعم سوريا والمنطقة الذي انعقد في 15 يونيو الجاري.
ومع ذلك فإن محفزا رئيسيا لتكثيف الاتصالات والاجتماعات بين الاتحاد الأوروبي ومجلس التعاون جاء بعد تعيين أول ممثل خاص للاتحاد الأوروبي إلى منطقة الخليج وهو زير الخارجية الإيطالي السابق لويجي دي مايو.
وقال دي مايو في اليوم الأول من توليه مهام منصبه رسميا في الأول من يونيو الجاري في تغريدة عبر حسابه الرسمي بموقع التواصل الاجتماعي «تويتر»: «إنني جاهز وملتزم تماما بالانخراط مع الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي ومؤسساته وكل من شركائنا في المنطقة»، مضيفاً أن «هناك الكثير على المحك وهناك الكثير الذي ينبغي عمله من خلال الحوار الحقيقي والاحترام المتبادل من أجل أمننا وازدهارنا المشتركين».
ورغم أنه لم يمض شهر على تولي دي مايو مهام منصبه إلا أن عدد الاجتماعات والزيارات بين الاتحاد الأوروبي ودول مجلس التعاون الخليجي تضاعف بشكل كبير.
ففي خلال أقل من شهر التقى دي مايو جميع سفراء الدول الست الأعضاء في مجلس التعاون المقيمين في بروكسل كما اجتمع مع الأمين العام لمجلس التعاون جاسم البديوي والرئيس الجديد لبعثة مجلس التعاون لدى الاتحاد الأوروبي عبدالعال القناعي بالإضافة إلى مجموعة من الصحفيين الزائرين من دول المجلس إلى جانب عدد من المسؤولين الأوروبيين والخليجيين في محاولة لتعزيز الارتباطات والتعاون بين الاتحاد الأوروبي ومجلس التعاون.
وأعرب دي مايو في تغريدة عبر حسابه في «تويتر» بعد لقائه البديوي في 16 يونيو الجاري عن الدعم القوي وعن الطموح المشترك للبحث المشترك عن أفضل السبل لتعزيز الأمن والازدهار في المنطقتين الأوروبية والخليجية ولتعزيز الشراكة الاستراتيجية للاتحاد الأوروبي مع مجلس التعاون.
وبعد لقائه وفداً إعلامياً مشكلاً من 11 عضواً من دول المجلس في بروكسل في 21 يونيو الجاري غرد دي مايو قائلاً إنه «شرف عظيم أن ألتقي اليوم في بروكسل بصحفيين رئيسيين من دول مجلس التعاون الخليجي».
وأكد أن «شعوبنا ومنطقتينا بحاجة إلى التواصل والاستماع وفهم بعضنا البعض بشكل أفضل»، مشدداً على أن «هذا هو المفتاح لبناء الثقة وتمكين شراكتنا الاستراتيجية».
وعقب لقائه مع سفير دولة الكويت لدى بلجيكا ورئيس بعثتيها لدى الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي «ناتو» نواف العنزي في 15 يونيو الجاري أعرب دي مايو عن دعمه القوي واستعداده للعمل عن كثب لتعزيز شراكة الاتحاد الأوروبي مع الكويت ومنطقة الخليج كما أبدى استعداده لزيارة البلاد والانخراط في «حوار مثمر».
من جانبه غرد السفير العنزي قائلاً إن «الشراكة القوية بين دول مجلس التعاون الخليجي والاتحاد الأوروبي ستعزز الازدهار والأمن لجميع الشركاء وتقوي القدرة المشتركة على مواجهة التحديات العالمية».
كما نشر دي مايو مجموعة من التغريدات المشجعة المماثلة بعد لقائه مع سفراء دول مجلس التعاون الخليجي الآخرين.
وإلى جانب الاجتماعات والزيارات في العاصمة البلجيكية انعقد حدثان مهمان بين أوروبا ودول مجلس التعاون الخليجي في ألمانيا وفرنسا.
فمن جانبها استضافت باريس يومي 13 و14 يونيو الجاري حدثاً بارزاً يعرض فرصا للشراكات التجارية بين دول مجلس التعاون الخليجي وفرنسا وكان بمثابة منصة جديدة تعزز التعاون بين الجانبين على مستوى القطاعين العام والخاص في مجالات مثل التجارة والرياضة والثقافة والطاقة والبيئة.
وفي برلين اختتمت دول مجلس التعاون الخليجي وألمانيا في 20 يونيو الجاري حواراً بينهما حول التحديات الأمنية المشتركة وعلى رأسها تداعيات الأزمة الروسية الأوكرانية الجارية حالياً.
وأشاد سفير دولة الكويت لدى ألمانيا نجيب البدر بمنتدى الحوار الخليجي الألماني للأمن والتعاون مشيرا إلى أهميته على صعيد تعزيز المصالح المشتركة بين الجانبين والارتقاء بها نحو المزيد من التعاون والتنسيق الأمني.
ورغم ذلك واجهت العلاقات بين الاتحاد الأوروبي ودول مجلس التعاون الخليجي العام الماضي بعض العراقيل خاصة بعد قرار البرلمان الأوروبي تأجيل منح مواطني بعض دول المجلس إعفاء من تأشيرة «شنغن».
وعلاوة على ذلك لا تزال مفاوضات التجارة الحرة بين الجانبين في طي النسيان على مدار أكثر من 20 عاما لكن الأجواء الإيجابية المتزايدة التي اجتمعت حول العلاقات بين الاتحاد الأوروبي ومجلس التعاون الخليجي أخيرا بعثت الآمال في إمكانية حل جميع القضايا العالقة في المستقبل القريب.
وبشكل عام يمكن وصف يونيو الجاري بأنه شهر «بارز» و«حاسم» في تقريب العلاقات بين الاتحاد الأوروبي ودول مجلس التعاون الخليجي وجعلها أكثر قوة.