الكويت تدين مجدداً وبشدة العدوان الإسرائيلي المتواصل على غزة
حذّرت من خطورة تداعياته على المنطقة برمتها
أدانت الكويت مجدداً بأشد العبارات العدوان الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة منذ أكثر من 100 يوم، وحذرت من خطورة تداعياته على المنطقة برمتها.
جاء ذلك في كلمة دولة الكويت أمام أعمال القمة الـ19 لحركة عدم الانحياز التي ألقاها ممثل صاحب السمو أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد، السفير طارق البناي رئيس وفد الكويت المشارك في أعمال القمة المنعقدة في العاصمة الأوغندية كامبالا.
وحذّر السفير البناي في الكلمة من خطورة العمليات العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة، التي تهدف إلى جعله مكاناً غير صالح للعيش من خلال تدمير البنى التحتية وهدم المنازل وقصف المستشفيات ودور العبادة واستهداف المدنيين والعاملين في جميع المجالات الإغاثية والطواقم الطبية والصحفيين وموظفي الأمم المتحدة العاملين في القطاع.
وندد كذلك باستمرار الاحتلال الاسرائيلي في تكثيف بناء المستوطنات غير الشرعية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، والتي تعد انتهاكاً سافراً للقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة.
ونبّه السفير البناي إلى السياسات الإسرائيلية الممنهجة الساعية إلى تغيير الواقع الديمغرافي وفرض سياسة الأمر الواقع في الأراضي الفلسطينية، مشيداً بصمود الشعب الفلسطيني في مواجهة هذا العدوان، وأكد أنهم «صابرون وصامدون وعائدون».
وقال إن إسرائيل القوة القائمة بالاحتلال مازالت مستمرة في قمعها وقصفها وقتلها وتهجيرها للمدنيين الفلسطينيين العزّل ووقوفها في طريق نيل الشعب الفلسطيني الشقيق حقوقه المشروعة.
وسلّط السفير البناي الضوء على العقاب الجماعي الذي يتعرض له الشعب الفلسطيني من خلال استهداف قوات الاحتلال الاسرائيلي للمدنيين العزّل بغارات جوية متواصلة، أدت إلى سقوط عشرات الآلاف من الضحايا الأبرياء من الأطفال والنساء والرجال.
وأضاف أن الاعتداءات الإسرائيلية على الشعب الفلسطيني استهدفت تدمير البنية التحتية في غزة والاستمرار في استهداف الخدمات الأساسية وقطع إمدادات الكهرباء والماء والغذاء والوقود، مؤكدا «أن هذا الأمر لا يقبله دين ولا يقره قانون ولا يتفق مع الفطرة الانسانية السوية».
ودعا السفير البناي دول حركة عدم الانحياز إلى العمل معاً نحو حثّ جميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة والتي لم تقم حتى الآن بالاعتراف بدولة فلسطين الشقيقة بالعمل على ذلك والسعي لدعم الأشقاء في فلسطين للحصول على العضوية الكاملة لدى الأمم المتحدة.
وحثّ على أهمية أن تتكاتف الجهود نحو وضع آلية واضحة المعالم ومحددة «بوقت زمني» للوصول إلى ذلك الأمر، مؤكداً أنه «لا طريق للأمام إلا بسلام كامل وشامل من خلال ما تم اقراره والاتفاق عليه وفق قرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية لعام 2002 وصولاً لإقامة دولة فلسطين المستقلة ذات السيادة وعاصمتها القدس الشرقية على حدود الرابع من يونيو لعام 1967».
وقال البناي «على الرغم من اختلافاتنا في الرؤى وتنوّع الأفكار الا أن المبادئ التي أقرّها الآباء المؤسسون لحركة عدم الانحياز المتمثلة بمبادئ مؤتمر (باندونغ) والتي أيدناها ودعمناها جميعاً منذ انضمامنا يجب أن تبقى هي الملاذ والمرجع».
ودعا إلى مواصلة العمل معاً لترجمة آمال وتطلعات شعوب دول حركة عدم الانحياز وأن تبقى الحركة منبراً دولياً يدعو ويعمل على تحقيق مبادئ العدل والمساواة ودعم العمل المشترك لعالم يسوده الأمن والتنمية والازدهار.
وقال البناي «لقد عقدت أول قمة لحركة عدم الانحياز قبل 62 عاماً بمشاركة 25 دولة عضواً في الحركة واليوم تنعقد القمة الـ19 بمشاركة 120 دولة و18 دولة مراقبة و10 منظمات إقليمية ودولية مراقبة».
وأكد أن هذه المشاركة الواسعة تأتي للثقل والوزن السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي الذي تحظى به حركة عدم الانحياز، وكذا العمل على الاستفادة من عوامل التأثير التي يمكننا تسخيرها لخدمة دولنا وشعوبنا نحو التقدّم الملموس والازدهار المأمول والتطلّع المنشود.
وقال السفير البناي «علينا أن ندرك أن العالم الذي نعيش فيه اختلف تماماً عما كان عليه عندما عُقد مؤتمر باندونغ في إبريل عام 1955»، مضيفاً «لكن تبقى المبادئ العشرة لهذا المؤتمر صامدة في وجه التحديات الجديدة».
وأوضح أن مبادئ حركة عدم الانحياز رغم أنها وضعت بعيداً عن التجاذبات السياسية فإنها ركزت على المبادئ والمقاصد العادلة والتي تخدم الجميع دون النظر إلى دينهم أو عرقهم أو جنسيتهم.
وسلّط الضوء على التحديات الجسام التي تحاصر عالمنا اليوم الأمر الذي يتطلب بأن نستجيب لها كدول أعضاء في هذه الحركة، داعياً إلى تعزيز التعاون ونقله إلى آفاق أرحب وتأطير آلياته بشكل يتماشى مع الواقع المتغير والمتسارع.
ودعا السفير البناي في الكلمة إلى ضرورة بذل الجهود الدؤوبة نحو تسوية الخلافات من خلال «آليات فعّالة من شأنها أن تكون سبيلاً في توسيع القواسم المشتركة التي ستنهض بشعوبنا وتسهِم في رفعتها».
وحثّ على السعي والعمل باجتهاد نحو المزيد من التنسيق لمواقف دول حركة عدم الانحياز والنهوض بمؤسسية إطار التعاون للاستفادة بالشكل الأمثل نظراً لما تمتلكه الحركة من تجمع كبير متنوع جغرافياً وثقافياً من شأنه أن يكون خير عون في تحقيق أهدافها المرجوة.
ولفت السفير البناي في الكلمة إلى أن حركة عدم الانحياز تملك أكبر تجمع في مجلس الأمن الدولي، مبيناً أن هناك خمس دول أعضاء في مجلس الأمن من دول الحركة إضافة إلى دولتين تحملان صفة «العضو المراقب».
وأضاف «بهذا العدد نضمن أن ما يصدر من مخرجات عن مجلس الأمن يعزز مصالحنا وغاياتنا المشتركة».
وقال السفير البناي «لا يخفى عليكم بأن حركتنا هذه والتي تمتد جذورها إلى ما يفوق الست عقود من الزمن تأسست إبان انهيار النظام الاستعماري ونضال الكثير من الشعوب من أجل استقلالها وحقها في تقرير مصيرها».
وأضاف «كان أحد أهم ركائز الحركة هو الاعتراف بالمساواة بين جميع الأعراق وجميع الأُمم وعلى الرغم من ذلك ما زال الشعب الفلسطيني الشقيق يعيش في نطاق إحدى أسوء الكوارث الإنسانية التي شهدها التاريخ».
وأعرب السفير البناي عن شكره وتقديره لجمهورية أوغندا قيادة وحكومة وشعباً على ما حظي به المشاركون في القمة من صدق مشاعر الترحيب وما ذلك الا انعكاس للتراث العميق والغني لدى شعب هذه الأرض.
كما أعرب عن الشكر والتقدير والاشادة لجمهورية أذربيجان لما قامت به من عمل دؤوب وجهد ملحوظ على مر السنوات الأربع الماضية خلال فترة رئاستها لأعمال القمة الـ18 على جميع المستويات ومختلف الأصعدة.
وهنأ السفير البناي جمهورية أوغندا على تسلّمها رئاسة القمة الـ19 لحركة عدم الانحياز، مؤكداً إيمان دولة الكويت وثقتها في الرئاسة القادرة لجمهورية أوغندا.
وهنأ السفير البناي كذلك جمهورية جنوب السودان لانضمامها إلى حركة عدم الانحياز، موضحاً أن هذا الأمر يعد دلالة واضحة على أن الحركة تحظى باهتمام وتأييد هو الأكبر على مستوى الحركات والمنظمات في جميع أشكالها من بعد مظلتنا الأشمل وهي الأمم المتحدة.
ونقل السفير البناي أطيب تمنيات سمو أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد بالسداد والنجاح لأعمال القمة الـ19 لحركة عدم الانحياز.
وأعرب عن التطلع الى الوصول لتطبيق عنوان القمة الـ19 وهو «تعميق التعاون من أجل الرخاء العالمي المشترك»، موضحاً أنه من هذه الرؤية «نستلهم ونسعى لكي يكون التعاون هو الأساس في تحركنا وهو المرجع في اختلافاتنا والركيزة لنجاحنا ووحدتنا».
ومن المقرر أن يمثل السفير البناي دولة الكويت في أعمال قمة الجنوب الثالثة لمجموعة الـ77 والصين التي ستعقد أعمالها يومي 21 و22 يناير الحالي.
ويضم وفد دولة الكويت إلى القمة سفير دولة الكويت لدى جمهورية إثيوبيا وغير المقيم لجمهورية أوغندا نايف العتيبي ومساعد وزير الخارجية لشؤون المنظمات الدولية عبدالعزيز الجار الله وعدد من كبار مسؤولي الوزارة.