الصحفي رشيد الفعم: لئلا تبقى حسرة اللبن المسكوب
استبعاد الجانب الكويتي من خط التنمية.. أمر متوقع
قال الصحفي رشيد الفعم «عِوَضاً عن البكاء على اللبن المسكوب، لنُعِدّ حليباً غيره ، وتجاوزاً لحسرة وعتب ومخاوف من اندثار حاجات لميناء المبارك الكبير، إثر اتفاقات تنموية استثمارية أبرمها العراق مع تركيا والامارات وقطر ، يُعظم ميناء الفاو موقعا تجاريا استراتيجيا في منطقة ، يُحسبُ أن تكون الكويت سيدة فيها ، فإن الحسي الملموس، يرسخ أن الوقت مازال فيه مُنْفَرج ، لمداواة ذنوب سالفة ، وعثرات أيام خالية ، أجهضت مشروعا وطنيا عملاقا، مرسوما له أن يكون أحد مصادر الدخل الجديدة ، بغفير عطاء ، وفيّاض إيرادات».
وأضاف «منطقة ميناء مبارك هي على بعد لايتجاوز 10 آلاف متر من ميناء الفاو ، غير أن الأول عملاق وقادر على استقبال السفن الكبيرة ، وهي سمةٌ يفتقر إليها الثاني ، ما يعني أن الكويت ، إن تواجد القرار والخطة الإستراتيجية والإدارة الراجحة ، يمكنها أن تتفوق تجاريا واستثماريا ولوجستيا في استقطاب رؤوس الأموال والمستثمرين والخطوط التصديرية وحركة نقل البضائع».
وتابع: وما يُرْبي هذه المآثر ، هو أن جزيرة بوبيان مقابلة لميناء مبارك ، وسهل على صاحب القرار ، أن يتم تحويلها منطقة إقتصادية حرة ، تجعل من الكويت مستقبلاً مركزا تجاريًا ومالياً مهما جدا في المنطقة، إذ أن هذه المنطقة الحرة لو فلحنا في تحويلها حقيقة مادية ، ستغدو قبلة إقتصادية ، كتخزين بضائع وصفقات مالية ، حتى لمن أبرم الاتفاقيات مع ميناء الفاو .
وأردف: وإذا يتوهم البعض أن الكويت غافلة عن خط التنمية الاقتصادي الذي أبرمته العراق مع تركيا والإمارات وقطر ، فإن هذا الظن ليس كامل الصحة ، فاستبعاد الجانب الكويتي أمر متوقع لأن بغداد تؤمن أن إشراك الكويت وهي صاحبة ميناء مبارك في هذه الاتفاقيات ، حتماً نتائجه سلبية على ميناء الفاو … كما أن تركيا التي يهمها من العراق شماله وليس جنوبه، حيث تبتغي السيطرة عليه وكبح جماح حركات الأحزاب الكردية المناوئة لها ، بخلاف الإمارات التي وقعت سابقاً مع العراق تعاقداً للإستثمار في ميناء الفاو وإدارته ، من مصلحتها ألا يكون هناك ميناء منافس مثل ميناء مبارك يفرمل أي خطط إقتصادية رسمتها ، أو يقلل من نتائج توَدُ جنيها كما هي من دون نقصان ..أما قطر فهي ضمن مشاركة تجارية سابقة مع تركيا ، ولاضرر يصيبها من خط تجاري يفيدها مع الفاو أو ميناء مبارك .
وأضاف: وإذا كنا نُدِلُ إلى ذلك ، فإن من الجسامة هنا ، أن خلافات بين أقطاب إقتصادية خليجية حول الفوز بالحظوة التجارية ومنع الطرف الآخر من أن تكون له الغلبة الكبرى في المنطقة ، جعلت أطرافاً في الإجتماع الرباعي لميناء الفاو ، تنُصُّ على أن الخط التجاري يبدأ منها وإليها ، ووفق ما تراه كسباً تجارياً لها ، وبما تحركه آنياً ومستقبلاً لمصالحها .
وقال «هنا، لابد من التنبيه إلى أن الحكومة الكويتية طلبت من العراق مراراً ، توافقاً إقتصاديا لإنشاء خطط سكك حديدية عبر الأراضي العراقية يربط ميناء مبارك بالحدود التركية، غير أن بغداد وتحت تأثير الأحزاب العراقية المناوئة للكويت ، رفضت المقترح الكويتي، وبررت ذلك بأنه يفقد ميناء الفاو ضرورته ، كما أن بغداد أرادت أن تمارس برفضها ضغطا على الكويت، كي توافق على مطالبها في ملف الحدود البحرية الكويتية العراقية ، وترغمها على التنازل عن حقوق لها في خور عبدالله».
وأضاف «بيد أن لدى الكويت أوراقاً مؤثرة لإحياء ميناء مبارك من جديد، وتأكيد أنه قادر على أن يكون كما رُسِم له ، إن أسرعنا في تنفيذ مراحل بنائه وتقريب ساعة تشغيله …فالمخطط الكويتي، أن الميناء ستتولى الدولة إدارته مع الصين ، وهو ما يمكن أن يفتح خرائط اتصال تجاري رحيبة ،لاسيما أن الكويت ضمن خط الحرير فسيح النطاق ، فضلا أن المجال مفتوح للوصول من ميناء مبارك إلى جمهوريات الإتحاد السوفيتي السابقة ، وشمال آسيا ، من خلال صياغة تعاون تجاري مع الطرف الإيراني ، وطهران تود ذلك ، باعتبارها راغبة في أي نافذة يفتح لها تبادلا تجاريا ، خصوصاً أن مثل هذا التعاون لايعارض التزام الكويت بعدم اختراق عقوبات أميركية وأوروبية مفروضة على إيران».
وتابع «إضافة إلى ذلك، فإن خط السكك الحديدية الخليجية ، يمكن أن يحول ميناء مبارك محطة مهمة لاستقبال البضائع من دول الشمال ، وكذلك تزيد المنطقة الحرة في بوبيان بريقاً إذا ماتم تنفيذها …وإستتماماً لهذا ، فخط السكك الحديدي المتفق على إنشائه بين الكويت والسعودية ، سيغدو معطياً مهما للبلدين لتبادل التجارة بين ميناء مبارك والموانيء السعودية على البحر الأحمر، فخطوط التجارة للمستثمرين ، يمكن أن تتحرك من شمال الكويت إلى العمق السعودي وأفريقيا وحتى أوربا ، والعكس صحيح .. وكذلك ميناء مبارك سيبيت القلب النابض للمنطقة الإقتصادية الشمالية ، إن انتهت السلطتان التشريعية والتنفيذية من صياغة قانونها ، مع مدينة الحرير».
وبين أنه إذا الكرة في ملعب الحكومة ، لاسيما أن مسالك التدبير سانحة ، وفرص جذب الرؤوس المالية الأجنبية متاحة ، ومشاريع الـBOT عديدة ، من دون أن تتحمل الدولة ديناراً واحداً … خلال سنوات قليلة من التنفيذ ، ستتحصل الكويت على إيرادات مالية ضخمة ، تعزز المداخيل النفطية ، وسيزداد الخير أكثر ، لو قررت الدولة إنجاز مشروع تطوير الجزر المعطل منذ سنين .. وجميع هذه الاستراتيجيات ليست نسيج خيال ، هي في متناول اليد ، وكلٌّ متكامل يؤازر بعضها بعضا، واعتمادها نملك إمضاءه … فقط نتطلع لرجال دولة ، وليس أشباه وزراء وقياديين ومستشارين … وكما قال مستثمرون أجانب : “الدول المجاورة للكويت الإستثمار فيها نجاحه نسبي لا أكثر…لديها قرارات تُقَرُ وتنفذ ، إلا أنها تفتقر إلى البنية التشريعية الآمنة والحريات السياسية … الكويت النقيض ، مارد نائم ، بيئتها تشريعية إستثمارية جذابة ، توئدها خطط تُنسى ، ومناقصات تُطرح وتُلغى … فكيف للمستثمر الوثوق بالمشاريع الكويتية ؟.