أجبر جفاف شديد، أصاب عدة بلدات بطول منطقة كوستا بلانكا الإسبانية، المصطافين والسكان المحليين على الوقوف في طوابير بنقاط توزيع للحصول على مياه معبأة، لتغطية احتياجاتهم الأساسية، بعد أن أصبحت مياه الصنبور غير صالحة للشرب.
ومع انخفاض مستويات المياه تزيد نسبة الملوحة، ما يدفع السلطات في بعض المناطق، إلى اعتبار مياه الصنبور غير آمنة للشرب، أو الطهي، ويجري توزيع المياه المعبأة مجاناً.
ويقول ناشطون إن المشكلة تتفاقم بسبب التنمية المفرطة، وتغير المناخ، والسياحة الجماعية خلال أشهر الصيف حين يزيد بشكل كبير عدد قاطني المقاصد الشهيرة المطلة على البحر المتوسط.
وفي منطقة مارينا ألتا شمالي لقنت عاصمة المنطقة، قفز معدل استهلاك المياه إلى 19.67 مليار لتر في يوليو صعوداً من 2.3 مليار لتر في يناير الماضي.
وأجبر نقص المياه مجالس البلديات على حظر أنشطة مثل ملء أحواض السباحة، أو ري الحدائق، أو غسل السيارات خلال النهار.
وقال اتحاد المزارعين الشبان في إسبانيا، في يوليو الماضي، إن الجفاف أحدث أيضاً خسائر بقيمة 65 مليون يورو (72.27 مليون دولار) في قطاع الزراعة بالمنطقة.
وهذا الصيف، اجتاحت موجة حارة رابعة إسبانيا، وسجّلت خلالها المناطق الشمالية درجات حرارة مرتفعة للغاية تجاوزت 40 درجة مئوية، في وقت سابق من هذا الشهر.
وقالت هيئة الأرصاد الجوية الإسبانية إن درجات الحرارة ارتفعت في مختلف أنحاء إسبانيا، لكن بشكل خاص في منطقة بحر كانتابريا الشمالية الأكثر برودة تقليدياً، ما أدى إلى تحذيرات من «خطر شديد» في مناطق كانتابريا وإقليم الباسك.
ووضع الناس القبعات، واستخدموا المراوح لتبريد أنفسهم في بلباو بإقليم الباسك وهي واحدة من أكثر المدن تضرراً.
ويجعل تغير المناخ الموجات الحارة أكثر سخونة وتكراراً، وهذا هو الحال بالنسبة لمعظم مناطق الأرض، وهو ما أكدته الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ.
وأدت انبعاثات غازات الاحتباس الحراري من الأنشطة البشرية إلى ارتفاع درجة حرارة كوكب الأرض بنحو 1.2 درجة مئوية مقارنة بعصر ما قبل الصناعة.
وقالت فريدريكه أوتو، عالمة المناخ في إمبريال كوليدج بلندن والتي تشارك أيضاً في قيادة التعاون البحثي لمبادرة إسناد الأحوال الجوية العالمية، إن “كل موجة حارة نشهدها اليوم أصبحت أكثر سخونة وتكراراً بسبب تغير المناخ”.
ولمعرفة مدى تأثير تغير المناخ على موجة حارة معينة، يجري العلماء “دراسات الإسناد”، ومنذ عام 2004، أُجريت أكثر من 400 دراسة من هذا القبيل لظواهر الطقس المتطرفة، بما في ذلك الحرارة والفيضانات والجفاف لحساب الدور الذي يلعبه تغير المناخ في كل منها.
ويتضمن ذلك محاكاة المناخ الحديث مئات المرات، ومقارنته بمحاكاة مناخ بدون انبعاثات الغازات المسببة لظاهرة الاحتباس الحراري التي يسببها الإنسان.
على سبيل المثال، قرر العلماء الذين يستخدمون مبادرة إسناد الأحوال الجوية العالمية، أن حدوث موجة حر حطمت الرقم القياسي في أوروبا الغربية في يونيو 2019، من المرجح أن تحدث الآن في فرنسا وهولندا بنسبة 100 مرة أكثر مما لو لم يتغير المناخ بفعل البشر.