السعودية تستهدف تذليل البيروقراطية لجذب الاستثمارات الأجنبية
المملكة تعتزم تطبيق عملية «التسجيل لمرة واحدة» للمستثمرين في ظل قانون الاستثمار الجديد
• القانون الجديد سيضمن تطبيق معاملة متساوية بين المحليين والأجانب وحرية إدارة الاستثمار
(بلومبيرغ) – تسعى المملكة العربية السعودية إلى تذليل البيروقراطية وتسهيل عملية ضخ المستثمرين الأجانب للأموال في المملكة، في أحدث جهد لتعزيز مكانتها كمركز استثماري رائد في الشرق الأوسط وسط احتدام المنافسة بالمنطقة.
تعتزم المملكة تطبيق عملية “التسجيل لمرة واحدة” للمستثمرين في ظل القواعد الاستثمارية المحدثة، مما يلغي الحاجة إلى العديد من التراخيص والموافقات المسبقة، ويقلل بشكل كبير من الأوراق والعوائق البيروقراطية، حسبما صرحت وزارة الاستثمار في بيان أرسلته إلى “بلومبرغ نيوز”.
القانون المحدث، الذي أُعلن عنه في أغسطس ومن المقرر أن يدخل حيز التنفيذ في عام 2025، سيضمن أيضاً تطبيق معاملة متساوية بين الأجانب والمحليين، وحرية إدارة الاستثمارات وتحويل الأموال، وإمكانية الاستئناف على العقوبات والانتهاكات. بالإضافة إلى ذلك، سيحظى المستثمرون بمزيد من المرونة في كيفية حل النزاعات، بما في ذلك إمكانية حلها خارج أروقة المحاكم.
جذب الاستثمار الأجنبي إلى السعودية
تأتي هذه التغييرات في الوقت الذي تكافح فيه المملكة لتحقيق أهدافها الخاصة بجذب الاستثمار الأجنبي المباشر، وهو بند أساسي في أجندة رؤية 2030 التي يتبناها ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، لتنويع الاقتصاد السعودي بعيداً عن الاعتماد على عائدات النفط.
يحذر المستثمرون الأجانب وشركات القانون من أن نجاح التدابير الجديدة سيعتمد على كيفية تنفيذ القوانين. وأوضحت وزارة الاستثمار أنها تخطط لنشر تفاصيل هذه القواعد للتشاور العام بحلول نهاية سبتمبر.
وقال غراهام كوب، الشريك في شركة “بينسنت ماسونز” (Pinsent Masons) في لندن: “التطبيق العملي هو أهم معيار. بمجرد أن نرى اللوائح التنفيذية وكيفية تنفيذها في الممارسة العملية، سنكون قادرين على تقييم ما إذا كان قانون الاستثمار الجديد واللوائح سيحققان التأثير الإيجابي المتوقع أم لا”.
لكن رغم جهودها الحثيثة، تواجه السعودية منافسة شديدة من مراكز مالية أخرى مثل دبي وأبوظبي، اللتين تعتمدان على القانون العام الإنجليزي كأساس لنظامهما القانوني، كما تطبقان لوائح تجارية ملائمة، مما سمح لهما بجذب الاستثمارات الأجنبية والشركات العالمية والمواهب خلال السنوات الماضية.
هدف سعودي طموح
استقبلت المملكة استثمارات أجنبية مباشرة بقيمة تزيد قليلاً عن 19 مليار دولار العام الماضي، وفقاً لحساباتها الخاصة. ورغم أن هذا الرقم يفوق المتوسط السنوي البالغ 17 مليار دولار للفترة من 2017 إلى 2022، إلا أنه يقل عن الهدف السنوي البالغ 22 مليار دولار. وتأمل المملكة أن يتجاوز هذا الرقم 100 مليار دولار سنوياً بحلول عام 2030.
ورغم أن هذا الهدف يبدو بعيد المنال في الوقت الحالي، فإن تقليص البيروقراطية سيكون خطوة أولى نحو تحقيقه.
قالت كاسيدي ليون، التي تعمل مع مديري الشركات على الاستثمارات الأجنبية بصفتها المدير العام لشركة “إيميرجينغ ماركتس إنتليجنس آند ريسيرش” (Emerging Markets Intelligence & Research): “أحد أكبر التحديات التي يواجهها القادمون الجدد هو العملية المرهقة التي تتطلب الذهاب إلى وكالات حكومية متعددة للحصول على الموافقات”.
وأضافت: “هذا يستهلك وقتهم الذي ينبغي أن يُخصص لتأسيس أعمالهم. فالكثير من تركيزهم ينصب على محاولة اجتياز تلك الإجراءات الأولية”.
“نافذة موحدة”
سعيد كيوان، الذي يدير عمليات الشرق الأوسط لشركة “كونفيرجينت تكنولوجيز” (Convergint Technologies) الأمريكية، خاض مؤخراً عملية الحصول على ترخيص للعمل في المملكة. وقال إنه كان يتعين عليه أن يكون “مستعداً مسبقاً” ومعرفة الوكالات التي يجب التحدث معها لتلبية المتطلبات الخاصة.
وكجزء من منظومة الإصلاح، تنوي وزارة الاستثمار السعودية معالجة مثل هذه المخاوف من خلال إنشاء مراكز خدمة مخصصة.
وقال عميرة علي، الشريك في شركة «دينتونز» (Dentons) القانونية: «قد تُنشئ قواعد جديدة نافذة موحدة للمستثمرين. وإذا تم تقليل البيروقراطية بشكل كبير؛ فقد يحدث ذلك فرقاً».
كما يرى علي أن من العناصر الأخرى المهمة في القانون الجديد تقليص القيود المتوقعة على الأنشطة الاستثمارية.
من جانبها، قالت شركة «إيفا فارما» المتخصصة في الرعاية الصحية، والتي تعمل في الشرق الأوسط وأفريقيا وافتتحت مكتباً لها في السعودية العام الماضي، إنها متفائلة بأن الإصلاحات ستساعد في تسريع عملية إنشاء المنشآت التصنيعية وتسريع جداول الإنتاج.
لكن كريم ناشد، المدير المالي للشركة، قال إن «التنفيذ السريع للقانون الجديد مع إرشادات واضحة وقابلة للتنفيذ» سيكون ضرورياً.