القضاء يسدل الستار على قضية «الملف الأسود»
حُكم نهائي بإدانة محمد المطير وتغريمه 5 آلاف دينار وإلزامه بالمصروفات وأتعاب المحاماة

• المحكمة: اللقاء حوى على العديد من المغالطات والافتراءات بحق المدعي
• تجاوز حدود النقد المباح وحرية التعبير ولم يثبت أنه يهدف لتحقيق مصلحة عامة أو نفع عام
• استخدم أكاذيب وادّعاءات كاذبة بأقوال لا يساندها ثمة واقع ودون أي دليل
• «الاستئناف»: المستأنف لم يقدّم ثمة جديد ينال من سلامة الحُكم وما انتهى إليه من نتيجة
حكمت محكمة الاستئناف، الدائرة المدنية الثالثة، في الاستئناف المرفوع من النائب السابق محمد المطير ضد رئيس مجلس الأمة السابق مرزوق الغانم، بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بتعديل الحُكم المستأنف بجعل التعويض مبلغ 5000 دينار كويتي تعويضاً نهائياً عن الضرر الأدبي، كما ألزمت المحكمة المستأنف بالمصروفات وبمبلغ 100 دينار كويتي مقابل أتعاب المحاماة الفعلية.
وتعود تفاصيل القضية عندما ظهر النائب السابق محمد المطير ليتحدث في أحد «برامج البودكاست» خلال انتخابات مجلس الأمة 2023، عن ما أسماه «الملف الأسود» بشأن اتهامه لرئيس مجلس الأمة السابق مرزوق الغانم باستغلال نفوذه في التعيينات بالمجلس وهدره للمال العام خلال فترة رئاسته للمجلس.
وكانت محكمة أول درجة قضت بإلزام المستأنف أن يؤدي للمستأنف ضده 5001 دينار كويتي على سبيل التعويض المؤقت، كما ألزمته بالمصروفات وبمبلغ 200 دينار كويتي مقابل أتعاب المحاماة الفعلية. مبينة أن المستأنف تلفّظ بعبارات اشتملت على إساءة ومساس بكرامة المستأنف ضده وتجاوز بها حدود النقد المباح وكل قيود حرية التعبير، ولم يثبت أنه يهدف بها تحقيق مصلحة عامة أو نفع عام.
وقالت المحكمة إن اللقاء حوى على العديد من المغالطات والافتراءات بحق المدعي وطوي على قيام المدعى عليه باتهام المدعي حال كونه رئيساً لمجلس الأمة باستغلال نفوذه وهدره للأموال العامة، ولما كان ما جاء على لسان المدعى عليه يتجاوز حدود النقد المباح إلى الطعن والتجريح والإهانة والقذف باستخدام الأكاذيب والادعاءات الكاذبة بأقوال لا يساندها ثمة واقع ودون أي دليل.
وكانت المحكمة بعدما أحاطت بواقعات الدعوى والعبارات التي جاءت على لسان المدعى عليه وذلك في مجال استخلاص الخطأ الموجب لمسؤوليته وقيام علاقة السببية بين ذلك الخطأ والضرر، فإن المحكمة بما لها سلطة من فهم الواقع في الدعوى والتعرف على حقيقة الألفاظ والعبارات من وقائعها ومن الأدلة المقدمة فيها تستخلص أن المدعى عليه – وهو لا يماري في ذلك – قد أجرى اللقاء المصور بالفيديو والذي تلفظ به بعبارات اشتملت على إساءة ومساس بكرامة المدعي، وقد تجاوز بها المدعى عليه حدود النقد المباح وكل قيود حرية التعبير، كما أنها قد انطوت على ما يمس
اعتباره وكرامته والتقليل من شأنه أمام الملأ بغير سند، ولم يثبت المدعى عليه أنه يهدف لها تحقيق مصلحة عامة أو نفع عام، لا سيما وأن المدعى عليه قد مثل بالجلسات ولم يقدم للمحكمة صحة ما ادعى به من أقوال وعبارات، ومن ثم فإن المحكمة تستخلص من ذلك السلوك خطأ المدعى عليه الموجب لمسئوليته وقد ارتبط هذا الخطأ بحدوث ضرر للمدعي، الأمر الذي يتوافر معه علاقة السببية بين الخطأ والضرر ويتحقق معه مسائلة المدعى عليه عن تعويض الأضرار التي تلحق بالمدعي.
بدورها أكدت محكمة الاستئناف في حُكمها أن حرية الرأي والفكر والنشر مكفولة، مشددة على أن النشر المباح هو الذي لا يتضمن ما يخدش الآداب العامة أو يمسّ كرامة الأشخاص أو حرياتهم الشخصية التي كفلها الدستور.
وقالت إن المقال المنشور –محل التداعي– تضمّن عبارات ماسة بالمطعون ضده وتحمل معنى الإهانة والسخرية وأن هذه العبارات لا يستلزمها حق النقد المباح للواقعة المدعي ثبوتها ، مبينة أن الأضرار الأدبية التي لحقت بالمطعون ضده تمثلت في الأثر المترتب على ذلك النشر الجائر في حقه والمساس بكرامته، وهذا الضرر ارتبط بذلك الخطأ وتتكامل معه أركان المسؤولية التقصيرية، والحُكم جاء متكافئاً مع هذا الضرر.
وأكدت المحكمة أنه على المدعي عبء إقامة الدليل على الواقعة القانونية التي يدعيها، مبينة أن المستأنف خلال اللقاء المنشور تلفّظ بعبارات وألفاظ ماسة بالمستأنف ضده تحمل معنى الإهانة والسخرية، مؤكدة أن ما جاء في اللقاء من عبارات لا يستلزمها حق النقد المباح للواقعة المدعي ثبوتها بل تجاوز نطاق هذا الحق ويتحقق به ركن الخطأ المستوجب المسؤولية وثبوت خطأ المستأنف التقصيري. مبينة أن المستأنف لم يقدّم ثمة جديد ينال من سلامة الحُكم وما انتهى إليه من نتيجة.