تفشي الكوليرا في السودان.. تحذيرات من انهيار صحي وتفاقم الأزمة الإنسانية
إصابة أكثر من 71 ألف شخص ووفاة ما يزيد على 1770 حالة

في ضوء تحذيرات من انهيار النظام الصحي وتفاقم الاحتياجات الإنسانية يشهد السودان تفشياً لوباء الكوليرا وسط تحديات ميدانية كبيرة تعيق الوصول إلى المناطق المتضررة بسبب استمرار النزاع المسلح.
ويعاني السودان أزمة صحية متفاقمة مع اتساع رقعة تفشي الوباء الذي انتشر بالفعل في 12 ولاية منذ يوليو 2024 متسبباً في إصابة أكثر من 71 ألف شخص ووفاة ما يزيد على 1770 حالة.
وحذر خبراء صحيون من المخاطر المتعلقة بتفشي الكوليرا في السودان مؤكدين أهمية التدخل السريع لتقديم العلاج اللازم للمصابين لاسيما أن المرض قابل للعلاج إلا أن التأخر في تلقيه قد يؤدي إلى عواقب وخيمة.
ويقول رئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة أطباء السودان للسلام والتنمية الدكتور محمود تاج الدين، إن تفشي الكوليرا يعد أحد أخطر تداعيات الصراع الدائر في السودان.
وأشار في هذا الصدد إلى تسجيل أكثر من 70 ألف إصابة مع احتمال أن تكون الأعداد الحقيقية أعلى بكثير في مناطق الاشتباكات والنطاقات النائية التي يصعب الوصول إليها.
ولفت الدكتور تاج الدين الى أن معدلات الوفاة المرتبطة بالوباء تفوق المعدلات الطبيعية التي تبلغ أقل من 1 بالمئة من اجمالي الإصابات وأن خطر الوفاة قد يتضاعف في حال تأخر أو غياب العلاج المناسب.
يأتي ذلك في وقت أكدت نقابة الأطباء أن نحو 90 بالمئة من مستشفيات البلاد خرجت عن الخدمة بسبب القصف أو نقص الإمدادات أو أعمال النهب.
وحذرت من أن تدهور الوضع البيئي يسرع من تفشي المرض مشيرة إلى أنه خلال الأسبوع الاخير من مايو سجلت 172 وفاة 90 بالمئة منها في ولاية الخرطوم.
وأكد مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) أن الهجمات على البنية التحتية للكهرباء في الخرطوم فاقمت أزمة المياه ما دفع السكان لاستخدام مصادر ملوثة وعرض أكثر من مليون طفل لخطر الأمراض وسط تفشي وباء الكوليرا.
وأشار المكتب إلى تراجع نسبي في الإصابات اليومية بولاية الخرطوم بفضل جهود الكوادر الصحية والمتطوعين لكنه أكد أن الوضع ما زال حرجا.
كما أعربت منظمة الصحة العالمية عن قلقها البالغ إزاء تفشي الكوليرا في السودان.
وفي بيان رسمي أطلق المدير العام لمنظمة الصحة العالمية الدكتور تيدروس أدهانوم غيبريسوس نداء عاجلا لتأمين وصول إنساني غير مقيد من أجل احتواء انتشار المرض وإنقاذ الأرواح.
وقال «منذ يوليو الماضي تفشى الوباء في 12 ولاية وأثر على عشرات الآلاف من الأشخاص ونتج عنه آلاف الوفيات وهذا الوضع لا يمكن أن يستمر».
وأوضح تيدروس أن منظمة الصحة العالمية تعمل بالتعاون مع وزارة الصحة السودانية لتكثيف الاستجابة الطارئة حيث تم إطلاق حملة تطعيم باستخدام 115 ألف جرعة متوفرة بالفعل داخل السودان.
وفي خطوة لتعزيز جهود التطعيم أعلنت منظمة الصحة العالمية بالشراكة مع منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) تسليم 2.9 مليون جرعة إضافية من لقاح الكوليرا إلى مدينة بورتسودان قبل أيام قليلة.
كما شملت الاستجابة إرسال إمدادات طبية ووسائل نقل ميدانية وسيارات إسعاف لتقديم العلاج للمرضى في المناطق المتأثرة.
وأكد تيدروس أن هذه التدخلات بدأت تؤتي ثمارها، مشيراً إلى أن «عدد الإصابات والوفيات الجديدة بدأ يتراجع في بعض المناطق» لكنه حذر من أن غياب الوصول الإنساني الكامل ما زال يعوق الجهود المبذولة ويعرض آلاف الأرواح للخطر.
وشدد المدير العام لمنظمة الصحة العالمية على ضرورة وقف إطلاق نار لأسباب إنسانية قائلا «بدون وقف لإطلاق النار لن نتمكن من الوصول إلى جميع من هم في خطر. نحن بحاجة إلى ممرات آمنة لتوصيل اللقاحات والمساعدات وإنقاذ الأرواح».
وتأتي أزمة الكوليرا في سياق كارثة إنسانية متفاقمة في السودان حيث أدت الحرب بين الجيش وقوات الدعم السريع إلى نزوح الملايين وانهيار واسع في النظام الصحي وغياب شبه كامل للخدمات الأساسية في العديد من المناطق.
وأعلنت منظمة الصحة العالمية في وقت سابق أن 70 الى 80 بالمئة من المرافق الصحية في السودان توقفت عن العمل بسبب الحرب مما أدى إلى انتشار أمراض مثل الكوليرا الامر الذي يمثل تحديا إضافيا للنظام الصحي في السودان.