أخبار عربية

مدينة «الفاشر» في اقليم دارفور السوداني ترزح تحت القصف وخطر المجاعة

حصار الدعم السريع يتسبب في وفاة مئات الأطفال والنساء بسبب سوء التغذية

(كونا) — تحت وطأة القصف المتواصل والحصار الممتد منذ أشهر تعيش مدينة (الفاشر) آخر معاقل الجيش السوداني في إقليم دارفور واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في تاريخها الحديث حيث يهدد الجوع والمرض حياة نحو 300 ألف مدني محاصرين داخلها.
وفرضت قوات الدعم السريع منذ أبريل 2024 طوقا خانقا على المدينة عقب إعلان حركات مسلحة محلية انحيازها للجيش فأغلقت الطرق ومنعت دخول الإمدادات.
وبلغت الأزمة ذروتها في يونيو حين أحرقت عمدا قافلة إنسانية مكونة من 15 شاحنة محملة بالمواد الغذائية والأدوية بعد استهدافها بطائرة مسيرة في منطقة الكومة شمال دارفور وسط تبادل للاتهامات بين طرفي النزاع.
وفي ديسمبر حذر التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي من مجاعة وشيكة في مخيمي (زمزم) و(أبوشوك) في دارفور وسط احتمال امتدادها إلى المدينة بحلول مايو 2025.
ودخلت الفاشر رسميا مرحلة الجوع الشديد (المستوى الخامس على مقياس الأمم المتحدة) ما يعني أن المجاعة لم تعد احتمالا بل واقعا يوميا.
وفي هذا الصدد قال مسؤول صحي محلي إن 63 شخصا معظمهم نساء وأطفال لقوا حتفهم خلال أسبوع واحد بسبب سوء التغذية فيما تشير شبكة (أطباء السودان) إلى وفاة 239 طفلا جوعا في النصف الأول من العام الجاري وسط ترجيحات بوجود وفيات أكبر بكثير خارج المستشفيات.
وتفيد بيانات الأمم المتحدة أن 40 في المئة من أطفال الفاشر دون سن الخامسة يعانون سوء التغذية بينهم 11 في المئة في حالة حادة فيما يعرقل نقص التمويل وأعمال العنف واستهداف فرق الإغاثة إضافة إلى ذروة موسم الأمطار في أغسطس إيصال المساعدات إلى المدينة.
وأكد برنامج الأغذية العالمي أنه بانتظار ضمانات سلامة لإيصال مساعدات غذائية جاهزة إلى 300 ألف شخص في الفاشر مجددا دعوته إلى وقف إنساني فوري وتأمين ممرات آمنة لبدء توزيع المساعدات دون تأخير.
ووصفت رئيسة قسم التواصل في برنامج الأغذية العالمي بالسودان ليني كنزلي في تصريح خاص لوكالة الأنباء الكويتية (كونا) الوضع بأنه “بالغ السوء” مؤكدة أن السكان لم تصلهم أي مساعدة منذ أكثر من عام في وقت وثقت فيه تقارير ميدانية لجوء عائلات إلى أكل علف الحيوانات للبقاء على قيد الحياة. وقالت إن جميع سكان الفاشر يعانون من الجوع مشددة على ضرورة إيقاف إطلاق النار وتقديم الضمانات اللازمة من كل الأطراف لاسيما قوات الدعم السريع لادخال المساعدات الإنسانية بانتظام.
وأوضحت أن آخر محاولة لإيصال المساعدات في الثالث من يونيو الماضي تحولت إلى مأساة حين تعرضت قافلة مشتركة لبرنامج الأغذية العالمي واليونيسف لهجوم تسبب في سقوط قتلى وتدمير الشحنة ما دفع البرنامج للتخفيف من الكارثة إلى تقديم دعم نقدي عبر التحويلات البنكية ل 250 ألف شخص.
لكن كنزلي شددت على أن ” هذا حل قصير ولا يمكن أن يعوض غياب الإمدادات الغذائية المنتظمة في وقت تخلو فيه الأسواق من المواد الغذائية التي يباع المهرب منها بخمسة أضعاف قيمتها الأصلية”.
وحذرت كنزلي من أن “تناول أغذية غير صالحة للاستهلاك قد يفاقم الكارثة” مشددة على أن “هذه أزمة من صنع الإنسان وأن والحل المستدام الوحيد هو إنهاء الحرب”.
ومع شح المؤن أعلنت تنسيقية لجان مقاومة الفاشر قبل أيام توقف المطابخ الجماعية وتعليق استقبال التبرعات فيما أغلق مطبخ مجاني رئيسي بسبب نفاد السلع.
من جهته قال المتحدث باسم المنسقية العامة للنازحين واللاجئين في السودان آدم رجال في تصريح لـ(كونا) إن الفاشر تعيش “موتا بطيئا” وسط اختفاء كامل للاحتياجات الأساسية من الأسواق وارتفاع أسعار الأعلاف التي باتت طعاما للناس. وأضاف “أن يأكل الإنسان علف الحيوان هو مرحلة تفوق حد الكارثة الإنسانية وعلى العالم التحرك العاجل للضغط من أجل فتح ممرات المساعدات”.
من جانبه قال الصحفي المقيم في الفاشر حميد هارون في حديثه ل(كونا) “من لم يمت بالقصف سيموت جوعا” مؤكدا وكالات الأمم المتحدة هي الأمل الوحيد الآن. وشدد على أن إيصال المساعدات “مرهون بموافقة أطراف النزاع” مشيرا إلى أن موسم الأمطار في دارفور جعل الطرق طينية ما يمنع مرور القوافل البرية.
وقال إن “الحل الوحيد هو الإسقاط الجوي للمساعدات كما حدث في غزة”

زر الذهاب إلى الأعلى