150 مليار جنيه إسترليني حصيلة زيارة ترامب إلى بريطانيا
حجم الالتزامات الواقعية وأساليب تقديمها تساؤلات واسعة

أنهت المملكة المتحدة زيارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب الرسمية وسط موجة من التفاخر بالصفقات الاستثمارية، التي بلغت قيمتها الإجمالية نحو 150 مليار جنيه إسترليني، فيما أثار حجم الالتزامات الواقعية وأساليب تقديمها تساؤلات واسعة.
أكد كير ستارمر، رئيس الوزراء البريطاني، أن المستفيد الأكبر من الزيارة هو الجمهور البريطاني، الذي يجني الفوائد الاقتصادية. واعتبر مراقبون أن ستارمر نجح، على الأقل في تهدئة التوترات التجارية مع واشنطن، خصوصا الرسوم الجمركية المفروضة على السيارات والطيران، إلى جانب تخفيف حدتها على الصلب.
كانت صفقات شركات التكنولوجيا الأمريكية محور الحملة الاستثمارية خلال الزيارة. أعلنت مايكروسوفت استثمار 22 مليار جنيه إسترليني في المملكة المتحدة حتى عام 2028، نصفها لتطوير بنية تحتية للذكاء الاصطناعي، بما في ذلك أكبر حاسوب فائق على مستوى البلاد.
كما أعلنت إنفيديا عن استثمار 500 مليون جنيه إسترليني في شركة Nscale الناشئة، ضمن خطة لنشر 120,000 شريحة حوسبة للذكاء الاصطناعي، فيما تعهدت بدعم منظومة الشركات الناشئة البريطانية، وفقا لـ فايننشال تايمز.
وافقت شركة Palantir على ضخ 1.5 مليار جنيه إسترليني خلال خمس سنوات، إضافة إلى تمديد عقدها مع وزارة الدفاع البريطانية بقيمة 750 مليون جنيه إسترليني. وقد اعتبر خبراء الاستثمار أن انفتاح المملكة المتحدة على التكنولوجيا الأمريكية يعزز موقعها في المنافسة العالمية مع الصين في مجال الذكاء الاصطناعي.
على صعيد الطاقة، وقع البلدان اتفاقية لتسريع فحص تصميم المفاعلات النووية وتقليل التكرار بين الهيئات التنظيمية، وهو ما يمهد الطريق أمام تطوير مفاعلات صغيرة معيارية في المملكة المتحدة بالشراكة بين شركات مثل Centrica وX-energy وHoltec وLast Energy، في حين تقدم شركة رولز-رويس مفاعلاتها الصغيرة في العملية التنظيمية الأمريكية.
أما في قطاع الصلب، فقد حافظت الحكومة على الرسوم الجمركية بنسبة 25% على الصادرات البريطانية إلى الولايات المتحدة، رغم الآمال بانتزاع إعفاءات أكبر خلال زيارة ترامب، ما يعني أن بعض الصناعات البريطانية لا تزال تواجه تحديات تصديرية كبيرة.
قدمت شركة بلاكستون الأمريكية أكبر التزامات استثمارية خلال العقد المقبل، بقيمة 100 مليار جنيه إسترليني في الأسهم الخاصة والعقارات والائتمان، رغم أن التفاصيل المتعلقة بنسبة رأس المال المستخدم لم تُكشف بعد. أما قطاع العملات الرقمية، فلم يشهد إعلانا محددا حول التعاون بين البلدين حتى انتهاء الزيارة.
اختتم ترامب زيارته الرسمية بمؤتمر صحفي في مقر رئيس الوزراء البريطاني، مؤكدا أن العلاقة بين البلدين «غير قابلة للكسر». لكن مراقبين لاحظوا أن معظم الاستثمارات المعلنة كانت قرارات تجارية سابقة تم جمعها للتزامن مع الزيارة.
في السياسة الخارجية، تجنب ستارمر النزاعات الكبرى، لكنه لم يحصل على التزامات أميركية جديدة ملموسة. ومع صعود حزب الإصلاح البريطاني بقيادة نايجل فاراج، الذي يروج لسياسات مناهضة للهجرة، يبدو أن الحكومة البريطانية ما زالت أمام تحدٍ كبير لموازنة العلاقات الاقتصادية والسياسية مع الولايات المتحدة داخليا وخارجيا.