الفيلم الروماني الفائز بـ «الدب الذهبي» في برلين صُوّر بالكمامات وينزع القناع عن «نفاق المجتمع»
(أ ف ب) – توّج المخرج الروماني رادو جوده الجمعة في الدورة الحادية والسبعين من مهرجان برلين السينمائي، إذ فاز بجائزة “الدب الذهبي” عن فيلمه “باد لاك بانغينغ أور لوني بورن”، وهو شريط يظهر فيه الممثلون وهم يضعون الكمامات ويهدف موضوعه الانتقادي إلى نزع القناع عن النفاق الاجتماعي.
وخَلَفَ جوده (43 عاماً) المخرج الإيراني محمد رسولوف، أحد خمسة فائزين سابقين آخرين تألفت منهم لجنة التحكيم في هذه الدورة الاستثنائية التي قلّص حجمها وأقيمت افتراضياً بسبب جائحة كوفيد-19.
ويبدأ الفيلم بمشهد لإيمي، وهي معلّمة التاريخ في مدرسة ثانوية رومانية، تصوّر زميلتها في مشهد حميم مع عشيقها. وانقلبت حياة المدرّسة راساً على عقب بعدما انتشر الفيلم عبر الإنترنت.
ورسم رادو جوده من خلال هذا الفيلم صورة لاذعة للمجتمع المعاصر، من الجيش إلى رجال الدين، بحديثي النعمة ومدّعي الفضيلة.
ويُعتبر جوده من أبرز المخرجين على الساحة السينمائية الأوروبية الشرقية، وسبق له أن حصل على جائزة “الدب الفضي” لأفضل مخرج في العام 2015 عن فيلم “أفيريم!” الذي يتناول العنصرية في حق الغجر في رومانيا.
وقال أحد أعضاء لجنة التحكيم المخرج الإسرائيلي ناداف لابيد “هذا الفيلم الذي يتناول روح عصرنا (…) يزعزع تقاليدنا الاجتماعية والسينمائية”. وأضاف “إنه فيلم متقن ولكنه في الوقت نفسه متوحش وذكي وطفولي ونابض بالحياة (…) ولا يمكن أي شخص أن يبقى غير مبالٍ” عندما يحضره.
أما جوده فقال لوكالة فرانس برس خلال المهرجان إن “المشاهدين مدعوون إلى إجراء مقارنة بين فاحشة هذا الفيديو الإباحي والفحش العام والنفاق في المجتمع”.
وأضاف أن الفيلم ينطوي على “كوميديا اليأس والجنس ووضع الإنسان”، لكنه رأى أن “هذا لا يحول طبعاً دون الشعور بالغضب من جوانب معينة في مجتمعنا”.
وللفيلم ميزة أخرى أيضاً تتمثل في كونه صُوّر في خضمّ الجائحة، ويظهر جميع ممثليه تالياً يضعون الكمامات. وافاد المخرج من هذه التدابير واستثمرها في الفيلم، فحرص على أن تكون مزينة بشعارات أو بوجوه باسمة، متعمداً أن تكون بعيدة تماماً من أقوالهم. وقال في هذا الصدد “لقد جمعت كل الأقنعة التي وجدتها واخترتها للممثلين وكأنها أزياء”.
– جائزة “غير محددة الجنس” لممثلة –
وكان جديد المهرجان هذه السنة عدم تحديد الجنس في ما يتعلق بجائزة الأداء التمثيلي، فتنافس رجال ونساء في الفئة نفسها، خلافاً لما كان معتمداً سابقاً، لجائزة تخصيص جائزة لأفضل ممثل وأخرى لأفضل ممثلة. واعتمد المهرجان هذه الصيغة الجديدة سعياً إلى المساهمة في تعزيز مفهوم المساواة.
وفازت الألمانية مارين إيغرت (47 عاماً) بالجائزة عن دورها في الكوميديا الألمانية “أيم يور مان” للمخرجة الألمانية ماريا شريدر، وتؤدي فيه إيغرت دور باحثة تقع في حب ين رجل آلي يشبه الإنسان.
ومنحت جائزة الدب الفضي لأفضل أداء تمثيلي في دور ثانوي للممثلة المجرية ليلا كيزلينغر عن دورها في “فوريست – آي سي يو إيفريوير” للمخرج بنسي فليغوف.
ومن الفائزين الآخرين المخرج الياباني ريوسوكي هاماغوتشي الذي نال الجائزة الكبرى للجنة التحكيم عن فيلمه “ويل أوف فورتشن أند فانتاسي”، في حين فاز المجري دينيس ناغي بجائزة “الدب الفضي” لأفضل مخرج عن “ناتشورال لايت”، وحاز هونغ سانغسو (كوريا الجنوبية) “الدب الفضي” لأفضل سيناريو.
وحرص مهرجان برلين، وهو أحد أهم المهرجانات في أوروبا، على استمراريته هذه السنة على الرغم من القيود الصحية، فاعتمد الصيغة الافتراضية، وقصّر مدة المهرجان إلى خمسة أيام بدلاً من 11 يوماً. ويأمل المنظمون في أن يتمكنوا من تعويض ذلك من خلال العروض المفتوحة للجمهور في يونيو.
في المقابل، لا يزال مهرجان كان الذي يلي عادة مهرجان برلين، ويعتبر الأهم بين المهرجانات الأوروبية، يرفض اعتماد الخيار الافتراضي، إذ يعتبر منظموه أن لا معنى لإقامته إذا لم يكن حضوريا، وإذا جُرّد تالياً من نكهة التلاقي في موقع الحدث والاشتراك معاً في حضور الأفلام في القاعات.
وبعدما اضطر المنظمون إلى إلغاء دورة العام الفائت، أعلنوا أن دورة 2021 ستقام من 6 إلى 17 يوليو، بدلاً من الموعد المعتاد للمهرجان في مايو. إلاّ أن دور السينما لا تزال مغلقة في فرنسا والتجمعات تبقى ممنوعة، ويستحيل الرهان على موعد لمعاودة الأنشطة الثقافية.