تعثر مفاوضات «سد النهضة» هل يدفع القاهرة لخيار عسكري؟
شدّد الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي ورئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك خلال لقائهما، يوم الخميس 11/3، في القاهرة، على “تكثيف التنسيق” للتوصل الى اتفاق حول المرحلة الثانية من ملء سد النهضة الإثيوبي، وأوضح المتحدث باسم الرئاسة المصرية أن البلدين يعملان على “تفعيل اقتراح السودان” باستئناف المفاوضات مع اثيوبيا برعاية رباعية تضم الاتحاد الافريقي والأمم المتحدة والاتحاد الاوروبي والولايات المتحدة.
وكان وزير الخارجية المصرية سامح شكري قد بحث، عشية لقاء السيسي – حمدوك، خلال اتصال هاتفي مع الممثل الأعلى للشؤون الخارجية للاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، «أهمية الانخراط الأوروبي» في الآلية الرباعية للوساطة التي يقترحها السودان وتدعمها مصر، مشددا على أهمية «إطلاق عملية تفاوضية يتمخض عنها اتفاق حول سد النهضة بما يراعي مصالح الدول الثلاث ولا يعتدي على حقوقها المائية مع ضرورة التوصل الى ذلك الاتفاق قبل موسم الفيضان المقبل الذي أعلنت اثيوبيا نيتها تنفيذ المرحلة الثانية من ملء سد النهضة خلاله».
أديس أبابا رفضت من جانبها المقترح السوداني – المصري باستئناف المفاوضات برعاية رباعية، وأعلنت عن تمسكها بآلية رعاية الاتحاد الأفريقي للمفاوضات، وهو الدور الذي ترى القاهرة أنه غير فعال ولم يأت بأي نتيجة حتى الآن.
ويرى بعض المراقبين أن التحركات المصرية المكثفة، سواء على المستوى الأوروبي والعالمي أو على محور القاهرة الخرطوم، يمكن ان تكون تمهيدا لخيارات من نوع مختلف، خصوصا وأن السودان تحول في هذه اللعبة الإقليمية من موقع المناوئ لمصر، في ظل حكم البشير السابق، إلى موقع الحليف لعدة أسباب
يدرك القائمون على السلطة الجديدة في الخرطوم أن السودان سيعاني، مثل مصر، من أزمة المياه بسبب سد النهضة، وقد أدى تصاعد الخلافات الحدودية بين السودان وأثيوبيا إلى تفجير الأزمة عسكريا في إقليم تيغراي، كشفت عن تراجع وضعف موقع أثيوبيا، ربما بسبب الأزمة السياسية الداخلية الحادة، التي تعصف بأديس أبابا.
من جهة أخرى، فإن سودان البشير الذي كان محاصرا على قائمة الإرهاب وفي خندق الإسلام السياسي اختفى بفضل حراك شعبي، ويعمل النظام الجديد على العودة إلى الساحة الإقليمية والدولية، والاقتراب من واشنطن التي رفعته من قائمة الإرهاب، وكل ذلك لا بد له أن يمر عبر البوابة المصرية.
النظام السوداني الجديد الذي لا يتمتع، بعد، باستقرار سياسي في ظل معادلة صعبة لتقاسم السلطة بين مدنيين وعسكريين، يواجه، بدوره، أزمات اقتصادية وسياسية داخلية حادة، قد يكمن حلها أو الهروب منها في الانخراط في مواجهة إقليمية مبررة لأن الهدف منها انقاذ مياه النيل.
ويبقى السؤال الكبير عما إذا كانت الولايات المتحدة ستتدخل في هذه الأزمة، وتجنيب أطرافها الخيار العسكري؟، وفي هذا الإطار، تنبغي الإشارة إلى أنه وبالرغم من العلاقة الفاترة بين إدارة بايدن والقاهرة، إلا أن البيت الأبيض وجه سلسلة من الانتقادات لأديس أبابا، وخصوصا فيما يتعلق بأزمة تيغراي.
وتكمن المشكلة في عقارب الساعة تتقدم، واثيوبيا أكدت عزمها القيام بالمرحلة الثانية من ملء خزان سد النهضة مع بدء موسم الفيضان في يوليو المقبل، والأزمة يجب أن تحسم قبل هذا التاريخ بطريقة أو بأخرى.