هل تفضح زوجة «إل تشابو» أسرار كارتل المخدرات المكسيكي أمام القضاء الأمريكي؟
بعد اعتقال إيما كورونيل ايسبورو زوجة زعيم كارتل المخدرات خواكين غوزمان لويرا الملقب بـ”إل تشابو”، فإنه من المتوقع أن تشهد الولايات المتحدة واحدة من أكثر المحاكمات إثارة للاهتمام والجدل لارتباطها بعالم المخدرات وعوالم المال والأعمال.
تلاحق السلطات الأمريكية إيما كورونيل ايسبورو زوجة زعيم كارتل المخدرات خواكين غوزمان لويرا بتهم مساعدتها زوجها في الهرب من أحد سجون المكسيك الأشد حراسة، عبر إدخال جهاز جي بي إس مكنه من تتبع مسار نفق عالي التقنية طوله كيلومتر ونصف، بالإضافة إلى اتهامات أخرى تتعلق بتورطها في تجارة المخدرات على المستوى الدولي، وخصوصا تجارة الكوكايين والميثامفيتامين والهيروين والماريجوانا، إذ تؤكد الأجهزة الأمنية الأمريكية أنها نظمت عملية توزيع كيلوغرام أو أكثر من الهيروين و5 كيلوغرامات أو أكثر من الكوكايين وألف كيلوغرام أو أكثر من الماريغوانا و500 غرام من مخدر الـ”ميثامفيتامين” داخل التراب الأمريكي، وفقاً لـ «مونت كارلو الدولية».
وكانت إيما كورونيل ايسبورو قد اعتقلت أثناء خروجها من الطائرة في مطار واشنطن الدولي، ليفتح هذا الاعتقال الباب أمام إحدى المحاكمات التي سيتابعها الآلاف لما تحمله من أسرار عالم المال والأعمال والمخدرات. لكن الصحافة المكسيكية أكدت أن كورونيل، الحاصلة على دبلوم في الصحافة، ليست بهذا الغباء كي تضع نفسها في فخ كذاك، ورجحت أن تكون زوجة “إل تشابو” أبرمت اتفاقا مع السلطات الأمريكية تحاكم بموجبه كشاهدة، بما يمنحها فرصة الاستفادة من العقوبة المخففة، وهو ما يعني أنها قد تكشف أسرارا خطيرة في عالم العصابات المنظمة.
إيما كورونيل ايسبورو هي سيدة مكسيكية- أمريكية، في الحادية والثلاثين من العمر، وأم لتوأمين، وسبق لها أن شاركت في مسابقة للجمال في المكسيك وفازت بها، تعرفت على “إل تشابو” عام 2006، وكان عمرها آنذاك 17 عاما، قبل أن يتزوجا عاما بعد ذلك، رغم فارق السن الكبير بينهما، وكان زوجها قد تزوج وطلق مرتين وأب لـ11 طفلا وطفلة.
وتنتمي إيما كورنيل لأسرة لها علاقات وثيقة بعالم المخدرات، إذ أن والدها إينيس كورونيل باريراس، كان عضوا بارزا في عصابة سينالوا، التي تزعمها إل تشابو، وأدين عام 2013 بتهمة الاتجار بالمخدرات، حيث حكم عليه بالسجن لمدة 10 أعوام. أما عمها، إيغناسيو ناكو كورونيل فقد قتل في عام 2010، وقد كان أيضا عضوا رئيسيا في سينالوا.
وقد جاء إلقاء القبض على كورونيل بعد عامين من نطق الحكم في حق زوجها خواكين غوزمان لويرا (63 عاما) في بروكلين، حيث حُكم عليه بالسجن المؤبد، بعدما أدين بتهريب أطنان من المخدرات إلى الولايات المتحدة عندما كان زعيما لعصابة “سينالوا”. ومن تلك التهم المشاركة في عصابة إجرامية، وإنتاج وتوزيع الكوكايين والهيروين دولياً وغسل الأموال واستخدام الأسلحة النارية. ويقضي جوزمان عقوبته في سجن مشدد الحراسة بولاية كولورادو الأميركية، بعدما سلمته السلطات المكسيكية للولايات المتحدة في إطار اتفاقية لتسليم المجرمين مع المكسيك، استبعدت الولايات المتحدة بموجبها عقوبة الإعدام بحق “إل تشابو”.
ورغم أن إيما كورونيل ظلت لسنوات طويلة تعيش حياتها بعيدا عن الأضواء، إلا أن محاكمة زوجها عام 2019 جعلتها تظهر بشكل مستمر، إذ حضرت كافة جلسات محاكمة زوجها، وكانت تتابع أدق تفاصيل المحاكمة، بما فيها ما كان زوجها يرويه عن علاقته بعشيقاته. وأكدت وسائل إعلام تابعت وقائع المحاكمة أن الزوجة احتفظت بهدوئها، وتابعت ما يقال، دون أن تظهر أي انفعالات على وجهها، وقد دافعت كورونيل بشدة عن زوجها وأكدت أنه زوج محب وأب حنون.
ومنذ ذلك الوقت، بدأت إيما كورنيل تظهر للعلن بشكل مستمر، واستغلت في ذلك وسائل التواصل الاجتماعي بكثرة، إذ بثت عبر الانترنيت، صورا لها وهي بلباس السباحة، وأخرى بقميص فريق كرة القدم المفضل لدى زوجها. كما نشرت بمناسبة عيد ميلاد ابنتيها في أواخر عام 2019، فيديو لحفل فاخر في قصر الدمية باربي. وظهرت بعد شهر من ذلك، برنامج ما يعرف بتلفزيون الواقع على قناة أمريكية، وتمكنت، منذ ذلك الوقت، من كسب آلاف المتابعين، إذ يتابع حسابها على إنستغرام ما يزيد عن 250 ألف شخص.
كما قامت إيما كورنيل بإطلاق علامة تجارية للملابس الراقية، وأسمتها بالحروف الأولى لاسم زوجها JGL. وتصفها العديد من وسائل الإعلام بنموذج للنساء المتزوجات من تجار المخدرات، واللواتي تم تشكيل صورة نمطية عنهن، مفادها أنهن يرتدين ملابس غالية ويضعن الكثير من الماكياج والحلي وكل ما يظهر ثروتهن، وعدم اهتمامهن برأي الآخرين حولهن.
ويرى مركز الأبحاث الأمريكي المختص في دراسة الجرائم InSight Crime ، والذي سبق أن نشر مؤلفا مشتركا بعنوان: “المرأة والجريمة المنظمة في أمريكا اللاتينية”، أن النساء في تلك الأوساط، تمارسن أدوارًا متعددة تتأرجح بين حالة الضحية، أو التابع أو من يعتلي سلم الأعمال الإجرامية ويشارك فيها. بل منهن من تصبح بدورها قائدة في المجال، كما حدث مع إينيدينا آريلانو فيليكس، المعروفة بماركومامي، والتي أصبحت في العقد الأول من هذا القرن، رئيسة عصابة كارتل تيخوانا، بعد وفاة واعتقال جميع إخوتها. لكن الدراسة تؤكد مع ذلك، أن جل النساء في عالم المخدرات والجريمة خاضعات لسلطة الرجال، وأن أكثر من 11 امرأة تقتلن يوميا برصاص الجريمة المنظمة.