السفير منصور العتيبي يوثق عضوية الكويت في مجلس الأمن.. بكتاب جديد
(كونا) – صدر لمندوب دولة الكويت الدائم لدى الامم المتحدة السفير منصور العتيبي كتاباً حول عضوية الكويت في مجلس الامن للعامين 2018 – 2019 بعنوان «الكويت في مجلس الأمن.. اسهامات بارزة ومبادرات جريئة»، وذلك بهدف توثيق هذه المحطة المضيئة في مسيرة الدبلوماسية الكويتية.
وقال السفير العتيبي اليوم الثلاثاء، بهذه المناسبة «ان اصدار كتاب عن تجربة عضوية دولة الكويت في مجلس الامن ليس سابقة.. لن تكون الأولى أو الأخيرة لأي سفير يكتب عن تجربته بالعمل الدولي متعدد الاطراف وتحديداً اثناء عضوية بلاده في مجلس الامن فهناك من سبقني عندما كانت الكويت عضوا في المجلس خلال الفترة 1978 – 1979 وهو السفير القدير عبد الله بشارة».
وأكد اهمية ابراز الدور الذي قامت فيه دولة الكويت خلال عضويتها واسهاماتها في عمل المجلس بالإضافة الى المبادرات التي قامت بطرحها مشيرا إلى أن دولة الكويت وضعت اربع أولويات خلال عضويتها في المجلس وهي الدفاع عن القضايا العربية وعلى رأسها القضية الفلسطينية وتحسين أساليب عمل مجلس الأمن وتبني القضايا الإنسانية وتعزيز الدبلوماسية الوقائية والوساطة ومنع نشوب النزاعات وحلها بالطرق السلمية.
وأوضح السفير العتيبي ان دولة الكويت دفعت بجميع هذه الأوليات خلال عضويتها من خلال تقديمها للعديد من المبادرات والإسهامات في مجلس الأمن.
وبين ان الهدف من الكتاب هو توثيق هذه المرحلة المهمة في تاريخ الكويت السياسي في إطار علاقتها مع الامم المتحدة، مشيرا الى ان عضوية دولة الكويت في اهم جهاز دولي تابع للأمم المتحدة والمسؤول عن صيانة السلم والأمن الدوليين بموجب ميثاق المنظمة الدولية لمدة سنتين أتت خلال فترة صعبة عانى فيها وما زال العالم العربي على وجه الخصوص من ازمات وعدم استقرار واعمال عنف في عدد من الدول.
واضاف «كان لدينا تسعة ملفات في مجلس الامن خاصة بالدول العربية وكان من اولوياتنا ان ندافع عن القضايا العربية ونعكس الموقف العربي في المجلس كوننا ممثلين للمجموعة العربية».
وقال ان «حجم العمل في المجلس خلال عامي 2018 و2019 كان كبيرا وكانت علينا مسؤوليات كبيرة كذلك والحمدلله بتوفيق من الله سبحانه وتعالى وبتوجيهات المسؤولين استطعنا ان نعكس المواقف العربية داخل المجلس ونلبي الكثير من مشاغلها».
وأوضح السفير العتيبي ان دولة الكويت استطاعت خلال عضويتها ان تنفذ الوعود والأولويات التي اعلنت عنها بالدفاع عن القضايا العربية خصوصا القضية الفلسطينية التي تعد القضية المركزية الأولى ولم تكتف بالدفاع عنها، بل طرحت مبادرات ومشاريع قرارات بشأنها ولعل أبرزها طرحته دولة الكويت مشروع قرار أمام مجلس الأمن لتوفير الحماية الدولية للشعب الفلسطيني إلا أن هذا القرار لم ير النور نتيجة لاستخدام الولايات المتحدة حق النقض «فيتو» رغم حصوله على تأييد من 10 دول في المجلس الذي يضم 15 عضوا.
وأكد انه رغم اعتبار الكويت دولة صغيرة من حيث المساحة الا انها قامت بمبادرات وجهود كبيرة دعما للقضايا العربية خلال عضويتها في المجلس وهو ما يوثقه هذا الكتاب.
واشار الى ان الكتاب يسلط الضوء أيضا على جهود دولة الكويت لتحسين اساليب وطرق عمل مجلس الامن حيث ترأست خلال عضويتها «الفريق العامل المعني بالمسائل المتصلة باصلاح المجلس»، وتمكن المجلس من اعتماد ثماني مذكرات رئاسية قدمتها دولة الكويت بعد مفاوضات طويلة استمرت سنة كاملة.
واكد ان جميع الدول الاعضاء في الامم المتحدة ستستفيد من تلك المذكرات التي تسعى لإضفاء شفافية أكبر على عمل المجلس اذ ثمنت الكثير من الدول الأعضاء هذه المساهمة القيمة لدولة الكويت.
وأفاد بان الكويت قدمت ايضا اسهامات في تعزيز النظام الدولي متعدد الاطراف حيث عقدت اجتماعا رفيع المستوى للتمسك بالمبادئ واهداف ميثاق الامم المتحدة على مستوى وزاري تراسه رئيس مجلس الوزراء سمو الشيخ صباح خالد الحمد الصباح ولاول مرة تتم دعوة الامين العام السابق والحالي لاعطاء زخم اكبر لهذا الموضوع.
واشار الى ان الكويت بادرت خلال رئاستها لمجلس الأمن في يونيو 2019 بعقد جلسة رفيعة المستوى حول أهمية الوساطة وحل النزاعات بالطرق السلمية وهو ما يعد ركيزة أساسية للدبلوماسية الكويتية لافتا إلى رغبة الكويت بتعزيز دور الامم المتحدة في هذا المجال وحل النزاعات بالطرق والوسائل السلمية وتأكيد دعمها للميثاق ولكل الجهود المعززة للسلم والامن الدوليين.
وتطرق المندوب الدائم في الكتاب إلى اولوية دولة الكويت بتعزيز وتطوير العلاقة بين المنظمات الاقليمية ومنظمة الامم المتحدة وتحديدا الجامعة العربية حيث تمكنت من عقد جلسة تراسها رئيس مجلس الوزراء سمو الشيخ صباح الخالد وامين عام الجامعة العربية وامين عام الامم المتحدة، موضحا أن الكويت قدمت بيانا رئاسيا اعتمده مجلس الامن لتعزيز العلاقة بين الجامعة العربية والامم المتحدة.
وتابع «لاحظنا ان العلاقة بين الجامعة العربية والامم المتحدة ليست بالمستوى الذي نطمح اليه وهناك الكثير من المنظمات التي سبقتنا مثل الاتحاد الافريقي والاتحاد الأوروبي لذلك قمنا بوضع العلاقة على المسار الصحيح وان شاء الله تتطور حيث يجب ان يكون للجامعة دور في حل النزاعات في العالم العربي وفي المنطقة بالتعاون وبالتنسيق مع الأمم المتحدة».
واستعرض السفير العتيبي في الكتاب القضايا الانسانية الكثيرة التي ساهمت بها الكويت في تعزيز القانون الدولي الانساني حيث لعبت دورا محوريا وبادرت بدعوة مجلس الأمن وحثه وتشجيعه لزيارة مخيمات «كوكس بازار» لتسليط الضوء على معاناة اقلية الروهينغيا المسلمة في ميانمار مؤكد أن هذه الزيارة تركت صدى كبيرا في مجلس الامن والامم المتحدة.
وأضاف «لا ننسى ان امير الكويت الراحل الشيخ صباح الاحمد الجابر الصباح رحمه الله سهل هذه الزيارة وأمر بتوفير طائرة خاصة لأعضاء المجلس ولولا ذلك ما كان لهذه الزيارة ان تتم لصعوبة التنقل داخل ميانمار الى اقليم راخين ومخيمات اللاجئين في بنغلاديش اذ قدر اعضاء المجلس وبنغلاديش عاليا هذه الجهود للكويت».
وحول المبادرات الإنسانية الأخرى تطرق السفير العتيبي الى القرار 2417 الذي قدمته الكويت بشكل مشترك مع هولندا وساحل العاج والسويد والخاص بعدم استخدام التجويع كاداة في الصراعات، مؤكدا أن استخدام التجويع كأداة حرب يخالف القوانين الدولية والقانون الدولي الانساني وحقوق الانسان.
وبين ان الكتاب تناول ايضا نجاح دولة الكويت باصدار بيان رئاسي من مجلس الامن خاص بالمفقودين الكويتيين والذي يعتبر من القضايا الانسانية الوطنية بعد ان مر هذا الموضوع بمراحل كثيرة الى ان تمكن المجلس من اصدار البيان في فبراير من عام 2019.
واوضح ان من ابرز اسهامات عضوية دولة الكويت «انفرادها بتقديم القرار 2474 الخاص بالمفقودين اثناء الصراعات المسلحة والذي تم اعتماده من قبل كافة أعضاء مجلس الامن وتم تبنيه من أكثر من 60 دولة في الأمم المتحدة وهو يعد أول قرار في تاريخ المجلس حول المفقودين في النزاعات المسلحة».
ووصف هذا القرار بانه «من القرارات الهامة وانجاز تفخر به الكويت ولا تزال الامم المتحدة تذكر هذا الشيء وأصبح من ادبيات القضايا الانسانية الدولية اذا تم الحديث عن المفقودين والأسرى.. حيث تمكن القرار من سد فجوة موجودة في القوانين الدولية المتعلقة بحقوق الانسان والمفقودين».
وتابع ان دولة الكويت «ساهمت بشكل فعال أثناء العضوية في المجلس بالقضايا الإنسانية والتي تمثل احدى الأولويات بالنسبة لها وذلك من خلال طرح وتقديم مشاريع قرارات او بيانات رئاسية او مبادرات او عقد اجتماعات رفيعة المستوى ذات علاقة بهذه القضايا». كما سلط الدبلوماسي الكويتي الضوء على القرار 2401 الخاص بسوريا والذي تقدمت به دولة الكويت بشكل مشترك مع السويد وتم اعتماده بالإجماع من قبل مجلس الامن في فبراير 2018 أثناء رئاسة دولة الكويت للمجلس.
وأضاف أن دولة الكويت تولت مسؤولية حمل القلم للملف الإنساني السوري في المجلس خلال عضويتها وتمكنت بعد مفاوضات شاقة وطويلة من اصدار هذا القرار (2401) لوقف إطلاق النار في كافة أنحاء سوريا من أجل السماح بتوصيل المساعدات والخدمات الإنسانية والإجلاء الطبي بشكل دائم وبدون عوائق.
واشار السفير العتيبي الى أن الكويت مع السويد أيضا نجحا في تقديم القرار 2449 الذي أعتمده مجلس الأمن في ديسمبر 2018 والذي يمدد عمل آلية وصول المساعدات الإنسانية عبر الحدود إلى سوريا لمدة 12 شهر وهي الآلية التي يعتمد عليها الملايين من السوريين لتلقي المساعدات الإنسانية.
وتابع «لم يكن لدينا اجندة خاصة بالملف السوري على الاطلاق بل هدفنا الرئيسي كان معالجة الآثار والأزمة الإنسانية وتخفيف معاناة اللاجئين والنازحين السوريين وتمكنا خلال عضويتنا بالمجلس ومن خلال حملنا القلم للملف الإنساني السوري ان نسلط الضوء على هذه المعاناة وسعينا لتوحيد الجهود الدولية ودعم جهود الامم المتحدة في هذا السياق».
واضاف ان «عضوية دولة الكويت في مجلس الامن كانت محطة مضيئة في مسيرة الدبلوماسية الكويتية والعلاقة مع الأمم المتحدة ومنذ انضمام دولة الكويت لها في العام 1963 وهي في تطور مستمر واستطعنا كدولة ان ننضم لأجهزة مهمة ونساهم ونشارك بفعالية في انشطة هذه الاجهزة ومستمرين في هذه الجهود حتى بعد خروجنا من مجلس الامن».
واشار الى ان «دولة الكويت مرشحة حاليا لمجلس حقوق الانسان وهدفنا الاساسي دعم النظام الدولي متعدد الاطراف ودعم انشطة وجهود الامم المتحدة والمشاركة فيها اذ ان نشاط دولة الكويت يتعدى الامم المتحدة الى اجهزتها ووكالاتها الاخرى المتخصصة فنحن موجودين في أكثر من منظمة ونشارك بفعالية وهذا هو المطلوب من الدول الصغيرة للمحافظة على استقلالها وسيادتها وضمان عدم التدخل بشؤونها الداخلية والدفاع عن مصالحها وأن يكون صوتها مسموعا وتشارك بفعالية في عملية صنع القرارات».
وعن الكتاب جدد السفير العتيبي تأكيد اهمية توثيق هذه المرحلة من تاريخ السياسة الكويتية وتسليط الضوء عليها حتى تكون في المستقبل مرجعا للطلبة والباحثين والدبلوماسيين والمهتمين بالدبلوماسية الكويتية لمعرفة ما قامت به دولة الكويت اثناء عضويتها في مجلس الامن خلال الفترة من عام 2018 الى العام 2019.
واوضح أن الكتاب تمت طباعته واصداره من قبل مركز البحوث والدراسات الكويتية مقدما شكره وتقديره لرئيس المركز الدكتور عبدالله الغنيم وجميع العاملين في المركز.