بلير: «تخلّي» الغرب عن أفغانستان «مأساوي وخطير»
في أول تعليق له منذ بدء الأزمة الأفغانية، انتقد رئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير، الذي قاد التدخّل العسكري لبلاده في أفغانستان في 2001 إلى جانب الولايات المتحدة، «تخلّي» الغرب عنها معتبرا أنه «خطير» و«غير ضروري».
وانتقد بلير، الشخصية المثيرة للجدل داخل بريطانيا وخارجها بسبب دعمه القوي للعمل العسكري الذي تقوده الولايات المتحدة في أفغانستان والعراق، مبررات الولايات المتحدة للانسحاب معتبراً أنها «غبية» و«ليست مدفوعة باستراتيجية كبرى بل باعتبارات سياسية».
وأكد رئيس الوزراء الأسبق في مقال نُشر على الموقع الإلكتروني لمؤسّسته، أنّ «التخلّي عن أفغانستان وشعبها مأساوي وخطير وغير ضروري، وليس في مصلحتهم ولا في مصلحتنا». وأضاف: «لم نكن في حاجة إلى ذلك، بل اخترنا القيام به».
وتابع: «فعلنا ذلك امتثالاً لشعار سياسي غبي حول إنهاء (الحروب التي لا نهاية لها) الأبدية كما لو أن التزامنا في 2021 يمكن أن يقارَن بالتزامنا قبل عشرين سنة أو عشر سنوات».
وسيرى المراقبون في تصريحات بلير على الأرجح هجوماً مباشراً على الرئيس الأميركي جو بايدن الذي استخدم عبارة «الحروب الأبدية» مرات عدة خلال حملته الانتخابية العام الماضي.
وأشار بلير إلى أنّ الاستراتيجيّة الحاليّة للحلفاء الغربيين ستضرّ بهم على المدى الطويل، قائلاً إنّ «العالم الآن غير متأكّد من موقف الغرب، لأنّ من الواضح جداً أنّ قرار الانسحاب من أفغانستان بهذه الطريقة لم يكن مدفوعاً بالاستراتيجيّة بل بالسياسة». ورأى أن الانسحاب «أثار فرح كل جماعة متطرفة في كل أنحاء العالم». وأضاف أن «روسيا والصين وإيران تراقب وتستفيد. أي شخص يحصل على وعود من القادة الغربيين سيُنظر إليه على أنه (عملة غير مستقرة)».
واعترف وزير الخارجية البريطاني دومينيك راب الذي يواجه انتقادات لأنه كان يُمضي إجازة عندما سقطت كابل، مساء السبت، بأن موسكو وبكين ستلعبان الآن دوراً أكبر في أفغانستان.
وقال راب لصحيفة «صنداي تلغراف»: «سنُضطر لإشراك دول ذات تأثير معتدل مثل روسيا والصين، مع أن ذلك أمر غير مريح». وأضاف أن ذلك «سيسمح لنا بتشكيل مجموعة لممارسة نفوذ أكبر ونقل رسائلنا بشكل أفضل إلى (طالبان)».
وبلير أحد الذي أمضوا واحدة من أطول فترات الحكم في بريطانيا، إذ بقي في السلطة عشر سنوات اعتباراً من 1997، وشكّل تحالفاً وثيقاً مع الرئيس الأميركي السابق جورج بوش الابن خلال ما تسمى الحرب على الإرهاب.
ويقول مراقبون إن دعمه الثابت للتدخلات العسكرية في الشرق الأوسط التي تثير استياءً متزايداً، كان عاملاً رئيسياً في تنازله عن السلطة وتسليمها لخلفه جوردن براون في 2007.
وفي مقاله الطويل، أصر بلير على أن الغرب يجب أن «يقدم دليلاً ملموساً» على أنه ليس «في عصر انكفاء»، مُديناً تراجع القيادة الأميركية العالمية. وكتب أن «غياب الإجماع والتعاون والتسييس العميق للسياسة الخارجية وقضايا الأمن يُضعف بشكل واضح القوة الأميركية». وقال إن بريطانيا «تمت استشارتها بشكل قليل أو لم تتم مشاورتها» من واشنطن بشأن الانسحاب الأفغاني، مشيراً إلى أن لندن «معرّضة لخطر أن تصبح في الدرجة الثانية من القوى العالمية».
وتأتي تعليقات بلير وسط استياء متزايد من إدارة رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، للأزمة بما في ذلك داخل حزبه المحافظ الحاكم وانتقادات تتهمه بأن بريطانيا كانت غير فعالة إلى حد بعيد.
وفي آخر معلومات محرجة لجونسون، ذكرت صحيفة «صنداي تايمز» أن كبار المسؤولين الحكوميين نصحوا راب بالعودة من عطلة فاخرة يُمضيها في جزيرة كريت قبل أيام من سقوط كابل، لكنّ رئيس الوزراء قال له إنه يستطيع إرجاء عودته.
وكتب بلير: «عقب قرار إعادة أفغانستان إلى المجموعة نفسها (طالبان) التي نشأت منها مجزرة 11 سبتمبر 2001 وبطريقة تبدو كأنّها مصممة لعرض إذلالنا، السؤال الذي يطرحه الحلفاء والأعداء على حدّ سواء هو: هل فقد الغرب إرادته الاستراتيجيّة؟».
ودعا بلير أيضاً إلى إعادة التفكير الاستراتيجي في طريقة تعامل الغرب مع «الإسلام المتطرّف». وقال: «تعلّمنا أخطار التدخّل بالطريقة التي تدخّلنا بها في أفغانستان والعراق وليبيا. لكنّ عدم التدخل هو أيضاً سياسة لها نتائجها».