عراقيل جديدة تفاقم تعثّر حملة التلقيح ضد كورونا في أوروبا
(أ ف ب) – واجهت حملة التلقيح ضد فيروس كورونا المتعثّرة في أوروبا الجمعة صدمات عدة إثر إعلان الهيئة الأوروبية الناظمة للأدوية أنها تدرس الآثار الجانبية للقاح جونسون أند جونسون ووضع فرنسا حداً لاستخدام لقاح شركة أسترازينيكا وإعلان هذه الأخيرة تأخير تسليم جرعات كان مقرراً هذا الأسبوع لدول في الاتحاد الأوروبي.
ويرزح جزء كبير من العالم تحت وطأة الوباء الذي أودى بحياة 2,9 مليون شخص، من البرازيل حيث يتسبب الفيروس بوفاة أكثر من أربعة آلاف شخص يومياً، إلى اليابان حيث شدّدت الحكومة القيود مرة جديدة.
والهند أيضاً تعاني إذ إن اللقاحات نفدت في ولاية ماهاراشترا حيث ينهار النظام الصحي تحت وطأة انتشار العدوى.
وفي أنحاء أوروبا، يواجه السكان بعضاً من أقسى تدابير مكافحة الفيروس في العالم، لكن الوباء يواصل التفشي.
وتخضع فرنسا بكافة مناطقها لقيود، وأعطت حتى الآن اللقاح لأكثر من عشرة ملايين شخص.
إلا أنها غيّرت بشكل متكرر القواعد بشأن لقاح أسترازينيكا، في البدء على خلفية شكوك بفعاليّته وبعدها بسبب مخاوف مرتبطة بتسببه بجلطات دموية.
وغيّرت فرنسا مرة جديدة الجمعة قواعدها لاستخدام هذا اللقاح. وأعلن وزير الصحة الفرنسي أوليفييه فيران أن الذين تقل أعمارهم عن 55 عامًا وأخذوا جرعة أولى من لقاح أسترازينيكا سيحصلون على جرعة ثانية من لقاح فايزر أو موديرنا.
لكن بعد وقت قصير من تصريحه، أكدت منظمة الصحة العالمية أنه “لا توجد بيانات كافية” لتأييد تغيير اللقاح المضاد لكوفيد-19 بين الجرعتين.
– “يوم إضافي” –
في وقت لا تزال أوروبا تواجه عراقيل بسبب الخلافات المستمرة حول لقاح أسترازينيكا، أعلنت الهيئة الأوروبية الناظمة للأدوية الجمعة أنها تدرس إصابات بتجلط الدم بعد أخذ لقاح ثان هو ذلك الذي طوّرته شركة جونسون أند جونسون إثر تسجيل أربع حالات بينها وفاة.
وقالت وكالة الأدوية الأوروبية إنه تم الإبلاغ عن “أربع حالات خطيرة” من الجلطات غير العادية — واحدة منها كانت قاتلة — بعد الحقن بلقاح جونسون أند جونسون الذي يستخدم تقنية مماثلة لتقنية لقاح أسترازينيكا.
واللقاحان مرخّصان في الاتحاد الأوروبي، إلا أنه لم يبدأ التطعيم بلقاح جونسون أند جونسون فيما أوقفت دول أوروبية عدة استخدام لقاح أسترازينيكا.
ومرة جديدة، أعلن مختبر أسترازينيكا البريطاني السويدي أنه سيؤخر تسليم نصف الجرعات المرتقبة هذا الأسبوع للاتحاد الأوروبي، وفق ما أفاد متحدث باسم المجموعة الجمعة وكالة فرانس برس. وقال “بلّغنا المفوضية الأوروبية والدول الأعضاء الأسبوع الماضتخضع لفحص وسيتمّ تسليمها قريباً”.
وتواجه أيضاً الهند، إحدى الدول الرائدة في العالم في تصنيع اللقاحات، نقصاً في الجرعات في ماهاراشترا التي تعدّ أكثر من مئة مليون نسمة وبومباي التي تُعتبر مركزاً اقتصادياً مهماً في البلاد.
وقالت مانغالا غوماري المشرفة على حملة التلقيح في بومباي لوكالة فرانس برس الجمعة إن “معظم المستشفيات في بومباي ستستنفد إمداداتها في نهاية اليوم”.
وأضافت “بعضها قد يكون لديها مخزون ليوم إضافي لكن هذا كل شيء”.
ولفتت الناشطة البيئية السويدية غريتا تونبرغ إلى التفاوت في توزيع اللقاحات في العالم، وقالت الجمعة إنها لا تنوي حضور مؤتمر الأطراف السادس والعشرين من أجل المناخ في غلاسكو في نوفمبر لأن بعض الدول لن تكون قادرة على المشاركة بشروط متساوية.
وقالت تونبرغ لفرانس برس “مع توزيع اللقاح غير العادل للغاية، لن أحضر مؤتمر المناخ كوب-26 إذا استمرّ التطوّر على ما هو عليه الآن”.
ويعكس الواقع وجهة نظرها، فقد أعطت بريطانيا حتى الآن جرعة واحدة على الأقل لأكثر من 31 مليون شخص، أي نصف سكانها تقريباً. في المقابل، أعطت دول أفقر منها على غرار المكسيك أقلّ من عشرة ملايين جرعة لنسبة 7% من سكانها.
من جهته، قدّم تحالف فايزر/بايونتيك الجمعة في الولايات المتحدة طلباً لتمديد الترخيص العاجل للقاحه المضاد لكوفيد-19 ليشمل المراهقين الذين تراوح أعمارهم بين 12 و15 عاماً.
– “الجميع ليسوا متساوين” –
سعت الحكومة الألمانية جاهدة للتغلب على الفيروس من خلال القيود المفروضة على التنقلات والتجارة، لكن عدة ولايات نسفت الاستراتيجية برفضها مواكبة المقترحات.
وتغيّر برلين حالياً القيود لتجمع مزيد من السلطة في يد الحكومة المركزية.
من المرجح أن تؤدي التعديلات المقترحة إلى فرض حظر التجول ليلي وإغلاق بعض المدارس في المناطق الأكثر تضررا بشكل خاص.
وشدّدت اليابان من جهتها التدابير في العاصمة طوكيو ومناطق أخرى، داعيةً خصوصاً الحانات إلى إغلاق أبوابها باكراً.
وقال رئيس الوزراء الياباني يوشيهيدي سوغا “اليوم، قررنا اتخاذ تدابير مكثفة لمكافحة الوباء في طوكيو وكيوتو وأوكيناوا”.
في العراق، أغلقت السلطات أحياء في العاصمة بغداد فيما حذّرت من أنها ستقفل المتاجر التي لن يتلقى موظفوها اللقاح، في وقت تواصل فيه إعداد الإصابات بكوفيد-19 الارتفاع قبل أيام من بدء شهر رمضان.
وفي البرازيل المتضررة كثيراً جراء الوباء، قال مجلس الشيوخ إنه سيفتح تحقيقًا في استجابة الحكومة لجائحة كورونا، في حين يواصل الرئيس جايير بولسونارو مقاومة تدابير الإغلاق رغم تسجيل البلاد أعداد وفيات قياسية جراء الوباء.
لكن الإجراءات تكون في بعض الأحيان مرهقة للغاية، حتى بالنسبة للمسؤولين.
فقد تمّ تغريم رئيسة الوزراء النروجية إرنا سولبرغ الجمعة ما يقرب من 2000 يورو لانتهاكها التعليمات المفروضة لمكافحة الوباء من خلال تنظيم اجتماع عائلي بمناسبة عيد ميلادها الستين والذي لم تشارك فيه شخصيا.
وقالت في مؤتمر صحافي “حتى لو كان القانون مساوياً للجميع، فالجميع ليسوا متساوين”.