محافظ المركزي: من المبكر القول بانتهاء تداعيات الأزمة الاقتصادية
قال محافظ بنك الكويت المركزي، محمد يوسف الهاشل، إن البنك يصب تركيزه المستقبلي على تعزيز متانة القطاع المصرفي في البلاد تحسباً لما قد يتخذه مسار أزمة "كورونا" من تطورات؛ ولما قد يضمره المستقبل من أزمات، فضلاً عن المخاطر التي تنطوي عليها عملية العودة عن سياسات مواجهة الأزمة، وأثر الرقمنة في تراجع دور الوساطة المالية للقطاع المصرفي، كما لا يمكن إغفال أثر بيئة الاقتراض منخفضة الفائدة على نموذج أعمال البنوك.
وشدد الهاشل، في بيان للبنك ، اليوم الثلاثاء، على أنه ما زال من المبكر القول بانتهاء التداعيات الاقتصادية للأزمة رغم جميع الخطوات والتدابير التي اتخذت في مواجهتها؛ إذ لا تزال حالة انعدام اليقين تهيمن على الأفق المستقبلي للاقتصاد.
جاءت تصريحات الهاشل على خلفية إصدار "المركزي" تقريره السنوي الـ49 للسنة المالية 2021/2020 متضمناً تقرير مراقبي الحسابات بشأن القوائم المالية للبنك كما في 31 مارس 2021، وأبرز تطورات أعمال بنك الكويت المركزي ودوره على مدار السنة المالية.
وأشار المحافظ إلى أن السنة المالية التي يغطيها التقرير كانت سنة استثنائية نظراً لما نجح بنك الكويت المركزي في مواجهته من تحديات جاءت بها جائحة كورونا، التي شكلت أزمة غير مسبوقة من حيث انتشارها على كامل رقعة الكوكب، ومن حيث امتدادها على فترة زمنية انطلقت في أواخر عام 2019 وما زالت قائمة حتى الآن، وكذلك من حيث عمقها.
وأوضح أن حالات الإغلاق الكلي والجزئي التي طبقت في كثير من الدول ولفترات متفاوتة أدت إلى توقف جانبي العرض والطلب؛ مما جمّد النشاط الاقتصادي وأدى إلى فقدان هائل في الوظائف وأضرار كبيرة في القطاعات الاقتصادية المتنوعة، وعلى المستوى المحلي زاد من فداحة الأزمة ترافقها مع تدهور في أسعار النفط، جعل منها أزمة مزدوجة، تتطلب مواجهتها مزيداً من الإنفاق في ظل تراجع الإيرادات.
وذكر الهاشل أن هذه الأزمة حملت اختباراً حقيقياً لحصافة السياسات النقدية والرقابية التي دأب "المركزي" على تطبيقها على مدار العقد الماضي. وأبرزت متانته وتمكنه من المحافظة على استمرارية الأعمال لديه ولدى القطاع المصرفي في دولة الكويت؛ لتقديم الخدمات المالية للجمهور رغم الظروف الضاغطة والاستثنائية وغير المسبوقة التي فرضتها الجائحة، حيث واصل البنك أعماله بسلاسة ودون انقطاع لأي من مهامه، واستمر في أداء أدواره الموكلة إليه وجميع عملياته دونما توقف، وبالسرعة والكفاءة المعهودتين.
وبين أنه على مدار السنة المالية الماضية استمر "المركزي" في جهوده لتعزيز الاستقرار النقدي والاستقرار المالي انطلاقاً من نهجه الاستباقي، وتدخله المبكر، وواصل استخدامه الفعال لمنظومة أدوات السياسة النقدية، والسياسة الرقابية وأدوات التحوط الكلي، وتوظيفها جميعها باحترافية عالية لتعزيز النمو الاقتصادي على أسس مستدامة، والمحافظة على جاذبية العملة الوطنية كوعاء مجزٍ وموثوق للمدخرات المحلية، وضمان مواصلة البنوك والجهات الخاضعة لرقابته تقديم خدماتها المالية للاقتصاد والمجتمع على نحو سلس وسريع وآمن.
وأكد الهاشل أن الطبيعة غير المعهودة لهذه الأزمة أكسبت دور بنك الكويت المركزي كمستشار مالي للحكومة أهمية استثنائية، تطلبت منه قيادة جهود تحفيز الاقتصاد الوطني في مواجهة تداعيات الجائحة، والمساهمة في تطوير المنظومة التشريعية، ووضع الضوابط الرقابية لتنفيذ القرارات المتصلة بالشأن المصرفي والمالي، وتقديم الدراسات والتصورات لمسار الأزمة وسبل معالجة أبعادها المختلفة.
وقال المحافظ إن الأزمة أثبتت رصانة الثقافة المؤسسية لـ"المركزي"، القائمة على تسهيل تدفق المعرفة وتبادل الخبرات، وتعزيز التميز ورفع الإنتاجية من خلال بيئة عمل تمكن العاملين في المؤسسة من تطوير أدائهم وتنمية معارفهم وزيادة تأهيلهم. والاعتماد على كفاءات وطنية استثمر طويلاً في تنميتها وتدريبها وتطويرها، وقد واصل بنك الكويت المركزي خلال هذه السنة تعميق هذه الثقافة المؤسسية، وترسيخها عبر جهوده في مجال تنمية الكوادر البشرية وتطويرها.
وعلى صعيد رؤية "المركزي" للمستقبل أشار المحافظ إلى أن دور البنك في رعاية الابتكار ودعمه لتطوير الصناعة المالية على أسس مستدامة، وتطوير البنى التحتية المالية، بما يتيح مزيداً من ابتكار الخدمات المالية التي تلبي متطلبات العملاء على نحو آمن ومريح.