ما الذي نعرفه عن السلالة الهندية لفيروس كورونا؟
مازال العلماء يحاولون فهم أسباب التصاعد المهول للإصابات بفيروس كورونا في الهند ومدى ارتباطها بالسلالة المحلية من الفيروس التي صنفتها منظمة الصحة العالمية وبريطانيا بأنها «سلالة مثيرة للقلق». فما الذي نعرفه عن هذه السلالة حتى الآن؟
أحصت الهند أرقاما قياسية في عدد المصابين بفيروس كورونا في العالم هذا الشهر، مع اكتظاظ المستشفيات ونفاد الأكسجين والأدوية في العاصمتين السياسية نيودلهي والمالية مومباي، وفقاً لـ «فرانس24».
يبحث العلماء عن السبب في الزيادة غير المتوقعة، ويسعون لتأكيد أو نفي ما إذا كانت النسخة المتحورة من الفيروس، التي اكتُشفت لأول مرة في الهند، هي السبب.
وتم رصد النسخة المتحورة التي أُطلق عليها (بي-1-617) في 26 دولة على الأقل، مما أثار مشاعر الخوف والقلق في أنحاء العالم.
ما هي السلالة الهندية المتحورة؟
يقدر عالم الفيروسات الهندي الكبير شهيد جميل أن السلالة الهندية تعرضت لتحورين رئيسيين في الجزء الخارجي من الفيروس «الشوكة» الذي يلتحم بالخلايا البشرية.
من جانبها، قالت منظمة الصحة العالمية إن النوع السائد من النسخة الهندية المتحورة اكتُشف لأول مرة في الهند في ديسمبر الماضي، رغم التعرف على نسخة سابقة في أكتوبر 2020. وصنفتها المنظمة وبريطانيا بأنها «سلالة مثيرة للقلق» جنبا إلى جنب مع سلالات أخرى تم اكتشافها لأول مرة في بريطانيا والبرازيل وجنوب أفريقيا.
وأظهرت بعض الدراسات الأولية أن النسخة الهندية أسرع انتشارا. وقالت ماريا فان كيركوف، التي تقود فريق الخبراء التقنيين حول كوفيد-19 في المنظمة في العاشر من مايو «أظهرت دراسات أولية زيادة في القدرة على الانتشار»، مضيفة أن هناك حاجة إلى مزيد من المعلومات حول النسخة الهندية.
وقال مسؤولو صحة بريطانيون في السابع من مايو إن هناك أدلة على انتشارها بسرعة أكبر من كورونا الأصلية وإمكانية انتقالها بسرعة مماثلة لما يسمى بسلالة «كِنت» التي كانت وقود الموجة الثانية في إنجلترا.
هل السلالات المتحورة هي السبب في الزيادة المفاجئة في الإصابات؟
من الصعب الجزم بذلك. تشير الدراسات المعملية المحدودة إلى احتمالية زيادة القدرة على الانتشار، بحسب منظمة الصحة العالمية. ومما يزيد من تعقيد الصورة وتشابك خطوطها أن النسخة المتحورة (بي.117) شديدة العدوى التي اكتُشفت لأول مرة في المملكة المتحدة كانت عاملا محركا لزيادة الإصابات في بعض المناطق الهندية.
وفي نيودلهي، زادت الإصابات بالنسخة البريطانية إلى الضعفين تقريبا خلال النصف الثاني من شهر مارس، حسبما يقول سوجيت كومار سينغ، مدير المركز الوطني لمكافحة الأمراض. لكنه يؤكد، رغم ذلك، أن السلالة الهندية منتشرة على نطاق واسع في ولاية ماهاراشترا، التي تعتبر أكثر المناطق تضررا من الفيروس في البلاد.
وقال كريس موراي، خبير الأمراض الأمريكي البارز بجامعة واشنطن، إن الانتشار الهائل في الهند خلال فترة قصيرة من الزمن يدلل على وجود «نسخة مقاومة للأجسام المضادة» قد تتغلب على أي مناعة سابقة اكتسبها الجسم بعد نوبات عدوى بين هؤلاء السكان.
وأضاف «على الأرجح أنها (السلالة) بي-1-617، لكنه حذر من أن بيانات التسلسل الجيني لفيروس كورونا في الهند محدودة، وأن هناك حالات كثيرة أيضا سببها نسخة المملكة المتحدة ونسخة جنوب إفريقيا.
وقال كارلو فيديريكو بيرنو، رئيس قسم البيولوجيا الدقيقة والتشخيص المناعي في مستشفى بامبينو جيسو في روما، إن النسخة الهندية لا يمكن أن تكون السبب الوحيد في الزيادات الهائلة في الهند، مشيرا، بدلا من ذلك، إلى التجمعات الضخمة.
وتعرًض رئيس الوزراء ناريندرا مودي لانتقادات بسبب سماحه بإقامة تجمعات سياسية حاشدة ومهرجانات دينية تحولت إلى مناسبات غير عادية لنشر الفيروس في الأسابيع الأخيرة.
هل اللقاحات فعالة ضدها؟
هناك نقطة مضيئة واحدة في هذا النفق المظلم. فاللقاحات قد تحمي من الإصابة. وقال كبير المستشارين الطبيين للبيت الأبيض، أنتوني فاوتشي، إن هناك أدلة أولية من واقع الدراسات المعملية تشير إلى أن كوفاكسين، وهو لقاح تم تطويره في الهند، قادر على ما يبدو على شل قدرة النسخة المتحورة الهندية.
وقال مسؤولو الصحة البريطانيون في 22 مايو إن لقاحي كوفيد-19 اللذين طورتهما فايزر-بايونتك وأسترازينيكا يعملان ضد النسخة المتحورة في الهند بنفس كفاءتهما في مواجهة السلالة المهيمنة في بريطانيا.
وأظهرت الدراسة أن نسبة فعالية جرعتين من لقاح فايزر- بايونتك تبلغ 88 بالمئة في منع المرض المصحوب بأعراض بعد التعرض للنسخة المتحورة فيما وصلت هذه النسبة إلى 60 في المئة مع لقاح أسترازينيكا.
وتعمل هيئة الصحة العامة في إنكلترا مع شركاء دوليين، لكن لا يوجد حتى الآن دليل على أن السلالة الهندية، ونسختين متحورتين مرتبطتين بها، تسبب أعراضا مرضية أشد حدة أو تجعل اللقاحات الحالية أقل فعالية.
وتقول منظمة الصحة العالمية إن دراسات مبكرة تشير إلى فقدان اللقاحات بعضا من قدرتها على تحييد السلالة المتحورة. وقالت فان كيركوف «ليس لدينا أي مؤشر على أن تشخيصاتنا وعلاجاتنا ولقاحاتنا غير فعالة. هذا شيء مهم».