اضطهاد المحجبات في الهند.. مخاوف من تطور الأمر إلى مذابح ضد المسلمين
• مطالبة الطلبة المسلمين في الجامعات بالتخلي عن تحية بعضهم بتحية الإسلام
• حظر التحدث باللغة الأوردية (لغة المسلمين الهنود)
يعيش المسلمون في الهند تحت وطأة الصدمة بسبب تصاعد الهجمات على الطلبة المسلمين بسبب هويتهم الدينية، ويؤجج ذلك الزعماء السياسيون في البلاد.
ونشر موقع “ميدل إيست آي” تقريرا للأستاذ المساعد، ومدير التعليم الجامعي في الكلية الإسلامية الأمريكية بمدينة شيكاغو، شبانا مير، حول منع طالبات مسلمات من دخول الحرم الجامعي في ولاية كارناتاكا الهندية بسبب ارتداء الحجاب.
وأشارت مؤلفة كتاب “النساء الأمريكيات المسلمات داخل الجامعات: حياتهن الاجتماعية وهويتهن”، إلى أن هذه المشاهد تسلط الضوء على الأجواء التي تواجهها هذه الأقلية السياسية المحاصرة في الهند.
وتابعت مير: “تم استبعاد النساء وحيل بينهن وبين دخول الفصول لأنهن يرتدين خُمراً على رؤوسهن أو لأنهن منقبات. بسبب غياب المساندة من حكومة البي جيه بيه بزعامة رئيس الوزراء نارندرا مودي، توجهت الفتيات إلى وسائل الإعلام لشرح قضيتهن على أمل أن يتمكنَّ في نهاية المطاف من أخذ الامتحانات والمضي قدماً فيما بعد في حياتهن المهنية”.
ووصل نزاع حول قيود تفرضها ولاية في جنوب الهند على ارتداء الحجاب في المدارس إلى ولاية أوتار براديش، أكثر الولايات الهندية اكتظاظا بالسكان.
وكانت السلطات قد أغلقت الكليات في كارناتاكا بجنوب الهند الأسبوع الماضي، بعد أن أدى منع الطالبات من ارتداء الحجاب في القاعات الدراسية إلى اندلاع احتجاجات من طرف الطلاب المسلمين، واحتجاجات مضادة من قبل أقرانهم من الهندوس. وقد جاء حظر الحجاب في إطار سياسة تفرض الالتزام بزي موحد للطالبات.
وتنظر الأقلية المسلمة في الهند، والتي تمثل حوالى 13 بالمئة من سكان البلاد، على نطاق واسع إلى القضية على أنها محاولة لتهميشها من قبل السلطات.
ويستمد الحزب الحاكم دعمه بشكل أساسي من الأغلبية الهندوسية التي تشكل نحو 80 بالمئة من سكان الهند الذين يصل عددهم إلى 1.4 مليار نسمة تقريبا، بينما يمثل المسلمون نحو 13 بالمئة.
وفي ولاية أوتار براديش، شمال البلاد، توجهت مجموعة تضم أكثر من 24 من الشباب إلى كلية دهارما ساماج بمنطقة أليجرا وقدمت مذكرة إلى المسؤولين تطالب فيها بفرض حظر كامل على الحجاب داخل مبانيها.
ويحكم ولاية أوتار براديش، التي يعادل عدد سكانها عدد سكان البرازيل، راهب هندوسي يتبع حزب بهاراتيا جاناتا، الذي يتزعمه رئيس الوزراء ناريندرا مودي، وتشهد الولاية انتخابات متعددة المراحل تنتهي الشهر المقبل، وغالبا ما تُستخدم النزاعات بين المسلمين والهندوس من أجل تحقيق مكاسب سياسية في الولاية.
تقول شبانة مير مديرة التعليم الجامعي في الكلية الإسلامية الأميركية بولاية شيكاغو، إن هستيريا الغوغاء التي يرعاها القادة السياسيون في الهند، انتشرت من ولاية كارناتاكا إلى ولايات أخرى.
فقد قال وزير التعليم بولاية ماديا براديش مؤخرا إن الحجاب سيُحظر في مدارس الولاية، وطالب بعض أساتذة الجامعات الطلبة المسلمين بالتخلي عن تحية بعضهم بالسلام (تحية الإسلام) وبالامتناع عن التحدث باللغة الأوردية (لغة المسلمين الهنود)، وهو ما أصاب الطلبة المسلمين بالذهول من تصاعد الهجمات على هويتهم الدينية.
ولفتت مير في مقالها بموقع ميدل إيست آي (Middle East Eye) إلى مقطع فيديو حديث مثير للقلق، يظهر طالبات مسلمات في ولاية كارناتاكا عند بوابة جامعتهن المغلقة، وهن يتوسلن بيأس المدير ليسمح لهن بدخول الحرم الجامعي، وقالت إنه يسلط الضوء على المناخ الخطير الذي يواجه الأقلية المحاصرة سياسيا في الهند.
فقد استُبعدت النساء من حضور الدروس بسبب ارتدائهن الحجاب أو النقاب. ومع عدم وجود دعم من حكومة بهاراتيا جاناتا برئاسة رئيس الوزراء ناريندرا مودي، لجأت الشابات إلى وسائل الإعلام لطرح قضيتهن على أمل أن يتمكنّ في النهاية من اجتياز امتحاناتهن ومتابعة وظائفهن في المستقبل.
مع تصاعد الهجمات وخطاب الكراهية في السنوات الأخيرة من قبل أعضاء الأغلبية الهندوسية ضد التجمعات غير الهندوسية، فإن مثل هذا العنف ليس بالشيء الجديد، حيث يتم تأطير المسلمين على أنهم تهديد ديمغرافي وسياسي خاص للقومية الهندوسية
وأشارت مير إلى أنه مع تصاعد الهجمات وخطاب الكراهية في السنوات الأخيرة من قبل أعضاء الأغلبية الهندوسية ضد التجمعات غير الهندوسية، فإن مثل هذا العنف ليس بالشيء الجديد، حيث يتم تأطير المسلمين على أنهم تهديد ديمغرافي وسياسي خاص للقومية الهندوسية (دولة هندوسية متعصبة دينيا). ولذا يتعرض المسلمون في الهند للتهديد بالمجازر وهجمات الغوغاء لإجبارهم على ترديد شعارات دينية هندوسية وقومية، وقد تعرضوا للضرب المبرح والحرق أحياء، وشهدت مساجدهم تخريبا.
لكن النساء المسلمات الآن يتعرضن بشكل متزايد للهجوم، حيث نشرت شبكات هندوتفا (Hindutva) -الشكل السائد للقومية الهندوسية- وجنودها مزادات وهمية على الإنترنت، زُعم فيها أنهم يبيعون المسلمات ويستخدمون شتائم مهينة. وكما هي الحال مع معظم الصراعات السياسية والأيديولوجية، ينتهي الأمر بأجساد النساء ساحة معركة، فقد أصبحت ملابس المسلمات الآن إما فيروسا يجب إزالته أو قضية يجب تأييدها.
وانتقدت الكاتبة صمت منظمات حقوق الإنسان الغربية والناشطات النسويات اللواتي يعجبن بمالالا يوسف زاي بأن صمتهن يوحي بأن قلقهن لا يمتد إلى المستقبل التعليمي للمرأة الهندية المسلمة. واختتمت مقالها بأنه يبدو أن العون يقدم للمسلمات فقط عندما يكون الرجال المسلمون هم الظالمون، وفقط طالما أن المسلمات ينفصلن عن الشعائر الإسلامية والمجتمعات الإسلامية.
تظاهرة في نيودلهي
في السياق، خرج متظاهرون إلى شوارع نيودلهي مع استمرار المظاهرات احتجاجاً على حظر الحجاب الذي ترتديه المسلمات في بعض المدارس في ولاية هندية. وطلبت محكمة بولاية كارناتاكا مؤخراً من الطلاب عدم ارتداء أي ملابس دينية حتى تصدر حكما بشأن الالتماسات التي تسعى لإلغاء الحظر المفروض على الحجاب.
وتصدرت القضية عناوين الصحف الشهر الماضي عندما منعت مدرسة تديرها الحكومة في منطقة أودوبي بكارناتاكا الطالبات اللائي ترتدين الحجاب من دخول الفصول الدراسية، وهو ما أثار احتجاجات خارج بوابة المدرسة. وتبعتها المزيد من المدارس في الولاية بحظر مماثل، ما أجبر المحكمة العليا في الولاية على التدخل.
وأثار النزاع احتجاجات في أماكن أخرى من الهند. واعتقلت قوات الأمن عددا من المتظاهرين في العاصمة نيودلهي الخميس، كما نظم طلاب ونشطاء مسيرة في مدن بينها حيدر أباد وكلكتا في الأيام الأخيرة.
وأعرب بعض نشطاء حقوق الإنسان عن مخاوفهم من أن حظر الحجاب في المدارس قد يزيد من رهاب الإسلام في ظل تصاعد العنف وخطاب الكراهية ضد المسلمين.