الغانم: أخطأنا جميعاً ودون استثناء.. فلا نكابر
أشاد رئيس مجلس الأمة مرزوق علي الغانم بدعوة سمو أمير البلاد للحوار بين السلطتين كبادرة ساهمت بكسر الجمود والركود السياسيين، مثنيا في الوقت ذاته على التجاوب السريع والفوري لممثلي الأمة من مختلف الأطياف والتوجهات مع هذه الدعوة الكريمة.
وأكد الغانم أهمية تفعيل مبادئ الحوار والتوافق وسياسة المائدة المستديرة والنقد البناء لحل المشكلات المصيرية بدلا من وصفات التصارع والاشتباك السياسي والطعن والتشكيك والتخوين.
جاء ذلك في كلمة ألقاها الرئيس الغانم في افتتاح دور الانعقاد العادي الثاني من الفصل التشريعي السادس عشر بحضور حضرة صاحب السمو أمير البلاد الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح حفظه الله ورعاه، وسمو ولي العهد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح حفظه الله.
ورحب الغانم في مستهل كلمته بسمو أمير البلاد قائلا «بالأصالة عن نفسي، ونيابة عن الزملاء أعضاء مجلس الأمة، أرحب بكم يا سمو الأمير أجمل ترحيب، في بيت الشعب، الذي شهد قبل عام ونيف، بيعة الشعب وإجماعه عليكم، حاكماً وأميراً وأباً للسلطات، لا تدشيناً لحكم جديد، بل امتداداً لحكم قديم راسخ ومتأصل، حكم توارثته أسرة الخير، كابراً عن كابر، وعادلاً عن عادل، رسخته بالحكمة والشورى، وعززته بالعدل وإحقاق الحق وسجلته عبر التاريخ، سيرةً للمسؤولية، وفن الاضطلاع بها وتحملها فمرحباً بكم أيها الوالد الكـبير، بين أبنائك وإخوانك».
واضاف الغانم "كما أرحب عظيم الترحيب، بعضدكم وسندكم، وسيف يمينكم، سمو ولي العهد الأمين، الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح، رعاه الله، الذي حظي قبل عام، على ثقة سمو الأمير الغالية، وبثقة وإجماع وبيعة شعبكم الأصيل".
وذكر الغانم «يا صاحب السمو … لا أحد فينا ينكر حالة عدم الرضا، التي تكتنف قلوبنا جميعا
عدم الرضا من الجمود الذي اعترى العمل السياسي في الكويت، والمراوحة – إن لم أقل التراجع – على صعيد التعاطي السياسي مع قضايانا الوطنية».
وأضاف الغانم «بعد إضاعة الكثير من الوقت، وبعد أن فوتنا العديد من الفرص المواتية، للبدء في العمل الجماعي البناء، جاءت دعوة سموكم إلى الحوار بين السلطتين، كتدخل سام من قبلكم، وكبادرة ساهمت في كسر الجمود والركود، فكان أن رد ممثلو الأمة، من مختلف الأطياف والتوجهات، على هذه الدعوة بالتجاوب السريع والترحيب الفوري».
وقال الغانم «هنا يتوجب علي للتاريخ، أن أتوجه بالشكر الجزيل لأخي الكريم، سمو رئيس مجلس الوزراء والأخوة الوزراء والمستشارين بالديوان الأميري على تفاعلهم ومثابرتهم طيلة جلسات الحوار، والشكر موصول لإخواني النواب، الذين تعاطوا مع الأمر بمنطق المسؤولية، فكانوا – بحق – رجال دولة، شاركوا بجدية، وتفاعلوا بواقعية، وعملوا بإيجابية».
واستطرد الغانم قائلا «أخص بالشكر الأخ الزميل الدكتور عبيد الوسمي، الذي شهد له الجميع بأنه قد تجاوز آلامه، وكابد أوجاعه، فقرر قطع رحلته العلاجية، مجازفا بصحته، تلبية لدعوة المقام السامي للحوار، وتغليبا للمصلحة الوطنية العليا، فلم يتخذ من خلافه السياسي معنا ذريعة للتخلي عن مواجهة القضايا المصيرية، بل تسامى على ذلك بموضوعية، وأقدم على المشاركة بمسؤولية».
وأوضح الغانم «كان لمشاركة الدكتور عبيد الوسمي بالغ الأثر في نجاح أولى خطوات الحوار، وكان ذلك محط ثناء ومحل اطراء ليس من الشعب الكويتي فحسب بل ومن القيادة السياسية أيضا، فله من الأمة عاطر الثناء، وصالح الدعاء، بأن يمن الله عليه بعاجل الشفاء».
وأشار الغانم «عقب الانتهاء من بعض ملفات هذا الحوار استمعتم يا سمو الأمير الى مرئياته، وأعطيتم مباركتكم لكل خطوة من شأنها تحقيق الاستقرار السياسي وإشاعة مناخ التعاون والإنجاز».
وذكر الغانم «لأنكم يا سمو الأمير، تحملون بين جوانحكم، قلباً أبوياً حانياً، ولأن سيرتكم وسيرة من سبقوكم، هي سيرة التسامي والتسامح والترفع، أعلنتم، وكان إعلاناً مفرحاً ومبهجاً، بتفعيل المادة 75 من الدستور والمتعلقة بالعفو الخاص، وكلفتم رؤساء السلطات الثلاث باقتراح الضوابط والشروط، المتعلقة بهذا الملف، ليتحقق التلاقي المحمود بين الإرادة الأميرية والرغبة الشعبية وفق الأطر الدستورية المتعارف عليها».
وأضاف الغانم «نأمل من الله تعالى أن تتوج جهودنا جميعا، في تحقيق انفراجات، يسعد بها الشعب الكويتي، بمباركة ورعاية من سموكم الكريم».
وبين الغانم «من خلال قراءة التاريخ البعيد والقريب، نستطيع أن نقول وبشكل يكاد يصل إلى الجزم، بأن الحوار والتوافق وسياسة المائدة المستديرة والعصف الذهني المتواصل، والكلمة الطيبة الصادقة، والأسلوب الحضاري الراقي، والنقد البناء، كانت دائما الوصفة المثلى لحل كل مشكلاتنا».
وشدد الغانم «لا التصارع، ولا الاشتباك السياسي الموتور، ولا الطعن، ولا التشكيك، ولا التهديد، ولا الوعيد، ولا التخوين، سبل ناجحة لوضع مشكلاتنا على طريق الحل».
وقال الغانم «أريد أن أقول هنا وبكل وضوح..لقد أخطأنا جميعا، جميعا ودون استثناء، فلا نكابر، وقد كانت هناك ومنذ الجلسة الأولى لدور الانعقاد الأول، أفعال وردود أفعال، وشد وجذب».
وأوضح الغانم «إذا كنا نريد فتح صفحة جديدة يستفيد منها المواطن المهموم بمشكلاته الحقيقية والمستحقة، فلا بد لنا من الرجوع إلى الثوابت الدستورية كما رسمها المؤسسون الأوائل».
وذكر الغانم «أقول هنا وبكل وضوح.. إن تحقيق الاستقرار السياسي لا يعني عدم المحاسبة، أو التحصين، كما يشاع من قبل البعض، وإنما يتم تحقيق الاستقرار السياسي بالاستخدام الحصيف والصحيح والحكيم للأدوات الدستورية، كما رسمه آباؤنا المؤسسون».
وأشار الغانم «لقد جربنا التصارع كثيراً، وأضعنا الكثير من الوقت، واستنزفنا الكثير من الطاقات والجهود، فماذا جنينا ؟؟ ما زال الشعب يشتكي من ملف التعليم والملف الصحي، وما زالت الأسر الكويتية تنتظر حلولا عملية لمشكلة الإسكان، وما زال الملف الاقتصادي وإصلاحه معطلاً وجامداً، وما زال النفط مصدر دخلنا الوحيد، ونحن للأسف، غافلون عن تلك الاستحقاقات».
وشدد الغانم «الواجب علينا جميعا أن نتداعى إلى توحيد جهودنا نحو قضايانا الوطنية المصيرية التي لا تحتمل التأجيل والتسويف والتجاهل، وأن نتفق على تبنيها، ونتحد في توليها بطرح واقعي، وفق برنامج عملي، بعيدا عن المزايدات السياسية والأساليب الفوضوية، لنحمل بصدق هموم الشعب على عاتقنا، تحقيقا لطموحاته وتلبية لاحتياجاته».
وقال الغانم في ختام كلمته «أجدد الترحيب بكم يا سمو الأمير، وسمو ولي العهد الأمين، بين أبنائكما وبناتكما، داعيا المولى تعالى أن يحفظكما من كل شر، وأن يمتعكما بموفور الصحة والعافية، وان يحفظ الكويت وأهلها من كل شر ومكروه».