«فايننشال تايمز»: سكان ماريوبول يقتلون «الكلاب الشاردة» و يأكلونها
عن الوضع الكارثي في مدينة ماريوبول الأوكرانية المحاصرة في جنوب البلاد التي يحاول الجيش الروسي إقتحامها، كتب مراسل صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية في لفيف، إنه في المدينة المحاصرة، التي تشهد القتال الأكثر ضراوة في الحرب الروسية على أوكرانيا التي مضى عليها ثلاثة أسابيع، يعمد السكان الجائعون إلى قتل الكلاب الشاردة من أجل الأكل.
ويقول ديمترو، رجل الأعمال الذي غادر المدينة الأسبوع الماضي، أن أصدقاءه أبلغوه أنهم لجؤوا إلى هذه الوسيلة اليائسة بعدما نفدت منهم إمدادات الطعام في الأيام الأخيرة. وأضاف: "إنك تسمع عن هذه الأمور، لكن من المستحيل أن تأخذها على محمل الجد، أو أن تصدق ما يجري…إنه الجحيم على الأرض".
وبعدما كانت من أهم المرافئ في أوكرانيا، باتت ماريوبول عبارة عن مشرحة للجثث، ومدينة أشباح. ومنذ أكثر من أسبوعين تتعرض المدينة لقصف روسي كثيف حوّل أحياءها إلى كومة من الدمار.
وبعد ثلاثة أيام من الهجمات الجوية والمدفعية العقابية، التي كسرت تحصينات الخطوط الدفاعية الثلاثة، دخلت القوات الروسية إلى وسط المدينة، في ظل قتال عنيف في شوارع التسوق الرئيسية وقرب ساحة المسرح، التي تعتبر معلماً أساسياً.
وسبق للقوات الروسية السيطرة على ضاحية ليفوبيرجيني رايون شرق المدينة، وكذلك على ميكروروني، وهما عبارة عن أحياء سكنية في الشمال الشرقي، وفق الصحافية الأوكرانية آنا رومانينكو التي هي على اتصال وثيق بالقوات الأوكرانية هناك. وأضافت أن "خط الجبهة يمتد الآن وسط ماريوبول".
وكان ديمترو واحداً من السكان الذين تواصلت معهم "فايننشال تايمز" هاتفياً بعدما تم إجلاؤهم الأسبوع الماضي إلى مدينة زابوريجيا التي تسيطر عليها القوات الأوكرانية، على مسافة 230 كيلومتراً إلى الغرب. وقال الجميع إن الهجوم كان وحشياً بحيث دمر المدينة، وقتل وشوّه عدداً لا يحصى من المدنيين وخلف جروحاً عميقة لدى الناجين.
وقال الرئيس التنفيذي لتلفزيون ماريوبول مايكولا أوسشينكو أنه كان يشعر في الأسابيع الثلاثة الأخيرة بالعجز الكامل. وأضاف: "عندما كانت تسقط القذائف، كنت أغطي ابني بجسدي تلقائياً … لكنني أعلم أنه ليس في مقدوري حمايته فعلياً. كان ذلك عبارة عن فعل يائس".
ونظراً إلى موقعها الإستراتيجي على بحر آزوف، المدخل إلى البحر الأسود، ركز الروس على ماريوبول منذ الأيام الأولى للحرب. وبعد دخولهم بأيام، بدأت قواتهم بالقصف الصاروخي على المدينة مما تسبب بانقطاع الكهرباء وإمدادات الغاز والمياه، الأمر الذي ترك 400 ألف نسمة يقبعون في ملاجئ باردة جداً، يعانقون بعضهم البعض طلباً للدفء. وتقول سلطات ماريوبول إن 2400 شخص من سكان المدينة قتلوا منذ بدء الغزو الروسي.
ويصف شهود عيان مشاهد كأنها يوم القيامة حيث تأكل الكلاب الشاردة بقايا جثث في الشوارع. ووضع القتلى المدنيون في قبور جماعية أو دفن بعضهم في حدائق المنازل. وكان من الخطورة بمكان إقامة مراسم دفن عادية.
وأدى الأسلوب الروسي في الحصار العائد إلى القرون الوسطى، إلى نقص حاد في الطعام والماء. ونظراً إلى انقطاع الغاز، فإن السكان صاروا يطبخون الأكل في حلل على نار الحطب الذي حصلوا عليه من الأثاث المحطم.
وكانت السلطات دقت ناقوس الخطر بعدما قصفت المقاتلات الروسية المسرح الرئيسي في المدينة الأربعاء الماضي، مما أثار مخاوف على مصير مئات النساء والأطفال، الذين كانوا يستخدمون المسرح كملجأ. ولا يزال من غير الواضح كم كان عدد القتلى والجرحى نتيجة الهجوم.
والآن، يواجه السكان خطراً جديداً يتمثل في إجلاء قسم من السكان إلى روسيا مع عدم يقين من المصير الذي ينتظرهم هناك. وقالت رومانينكو أن من يتم إجلاؤهم يجري التدقيق معهم من قبل المسؤولين الروس "لمعرفة ما إذا كانوا جديرين بذلك…كما يجري التحري عن خلفياتهم من خلال الكشف على وسائل التواصل الإجتماعي التي في حوزتهم لمعرفة ما إذا كانت تحتوي علئ أي شيء ضد روسيا".