تقرير يكشف عن المخاطر التي تحملها الأزمة الأوكرانية للدول العربية
(سبوتنيك) – في الوقت الذي تتجه فيه أنظار العالم صوب منطقة الحدود الأوكرانية الروسية، تنذر الأزمة المتنامية بعواقب تتجاوز حدد القارة الأوروبية، لتلقي بظلالها المنطقة العربية على بعد آلاف الأميال.
الأمر الذي يثير تساؤلات بشأن ماهية المخاطر المحتملة التي قد تحملها الأزمة الأوكرانية الروسية للدول العربية، وجوانب هذه المخاطر.
الميزان التجاري
خبير النفط والغاز الدكتور ممدوح سلامة أشار إلى دور الأزمة الأوكرانية في رفع أسعار النفط، التي سجلت أمس الثلاثاء أعلى مستوى لها منذ 7 سنوات، بوصفه أمرا قد يعود في ظاهره بالفائدة على الدول العربية المصدرة للنفط.
لكن سلامة عاد ليوضح أن الأمر يحمل في طياته تداعيات سلبية، لافتا إلى أن هذا الارتفاع سيؤثر على تكلفة إنتاج المواد الغذائية في العالم.
وأشار إلى أن الدول العربية تستورد أكثر من 120 مليار طن من المواد الغذائية يأتي معظمها من الولايات المتحدة الأمر الذي يعني زيادة تكلفة الاستيراد على هذه الدول.
وخلص سلامة إلى أن هذا الوضع سينعكس سلبا على حجم العجز في الميزان التجاري للدول العربية المصدرة للنفط، بينما سيكون الأثر مضاعفا على الدول العربية غير المصدرة.
الأمن الغذائي
من جانبها، ترى محللة شؤون الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية كيلي بيتيلو، أن أزمة أوكرانيا سيكون لها "عواقب وخيمة للغاية على الأمن الغذائي في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا".
وعزت كيلي بيتيلو ذلك إلى أن دول هذه المنطقة استحوذت على 40 في المئة من صادرات أوكرانيا من الذرة والقمح عام 2021.
وأشارت إلى أن الأحداث التي شهدتها أوكرانيا في عام 2014 تكشف أن حدوث اضطراب في هذه المنطقة يؤثر على أسعار المواد الغذائية.
ورأت أن ما يزيد الوضع سوءا، هو أن الارتفاع المتوقع في الأسعار جراء الأزمة، يأتي في وقت وصلت فيه أسعار المواد الغذائية إلى مستويات قياسية لا سيما في منطقة الشرق الأوسط.
وذكرت أن الأسعار ارتفعت في منطقة الشرق الأوسط خلال العامين الماضيين، "نتيجة مزيج سام من الصراع والمظالم السياسية والانهيار الاقتصادي المتزايد".
وتوقعت بيتيلو أن تجد دول مثل مصر، التي تعد أكبر مستورد للقمح في العالم، ولبنان واليمن وعُمان وليبيا وغيرها، نفسها في موقف صعب.
المساعدات الإنسانية
الوضع الإنساني في عدد من الدول العربية هو الخطر الآخر الذي قد يواجه الدول العربية جراء تصاعد التوتر في أوكرانيا، وإن كان بشكل غير مباشر.
فقد توقعت بيتيلو أن تتأثر المساعدات الإنسانية التي تصل إلى المنطقة في حال اندلاع نزاع مسلح في أوكرانيا.
ورأت أن حدوث أزمة إنسانية في أوكرانيا نتيجة لأي صراع سيؤدي إلى "تحويل التمويل والموارد الطارئة بشكل أكبر نحو أوكرانيا وبعيدا عن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا".
وحذرت بيتيلو من التأثير الذي قد تتركه زيادة الضغط على المساعدات الإنسانية على الوضع في سوريا ودول المنطقة التي تستضيف أعدادا كبيرة من اللاجئين السوررين. وتوقعت أن تواجه هذه الدول مزيدا من عدم الاستقرار "وربما الصراع".
أما الأزمة الأخرى التي قد تواجه الدول العربية جراء الأزمة الأوكرانية، تصاعد الاستقطاب الدولي بين الغرب وروسيا، بحسب مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في المجلس الأوروبي للشؤون الخارجية، جوليان بارنز ديسي.
قال ديسي إن دول المنطقة ستجد نفسها مضطرة إلى الموازنة بين علاقاتها مع الدول الغربية من جهة، وعلاقاتها مع روسيا التي تربطها مصالح عديدة مع عدد من الدول العربية من جهة أخرى.
ورأى أن البلدان في هذه المنطقة ستكون مضطرة إلى السير بحذر شديد لضمان الاستفادة من الفرص التي قد تخلقها الأزمة، دون أن تخلق مزيدا من الضغوط على نفسها أو تضر بعلاقتها بروسيا.
وتصاعد التوتر في إقليم دونباس شرقي أوكرانيا، في الأيام الماضية، بعد تبادل الاتهامات بين القوات الأوكرانية وسلطات جمهوريتي دونيتسك ولوغانسك المعلنتين من جانب واحد، بخرق اتفاق وقف إطلاق النار، وتعرض مناطق في إقليم دونباس، لقصف مدفعي.
وعلى إثر ذلك، وبعد مناشدة قيادات دونيتسك ولوغانسك، أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وفي خطاب موجه للأمة الروسية، عن ضرورة الاعتراف الفوري بسيادة جمهوريتي دونيتسك ولوغانسك الشعبيتين، ووقع مرسومي الاعتراف عقب الخطاب بحضور رئيسي الجمهورتين، وأصدر بوتين تعليماته بضمان الحفاظ على السلام فيهما من قبل القوات المسلحة الروسية، كما ذكر الرئيس أنه في حالة حدوث مزيد من إراقة الدماء في دونباس، فإن المسؤولية الكاملة ستكون على عاتق نظام كييف.