الجوعان تدعو إلى استراتيجية للسلام والأمن تكون للمرأة دور أساسي فيها
(كونا) – دعت رئيس (معهد المرأة للتنمية والسلام) بدولة الكويت المحامية كوثر الجوعان مساء اليوم الأربعاء إلى الشروع في «استراتيجية عربية – عالمية» بشأن السلام والأمن تكون للمرأة دور أساسي فيها.
جاء ذلك في ورقة بحثية قدمتها الجوعان أمام ملتقى (تعزيز ريادة المرأة من أجل السلام والتنمية في المنطقة العربية) الذي ينعقد بالعاصمة الموريتانية نواكشوط تحت رعاية قرينة الرئيس الموريتاني الدكتورة مريم فاضل الداه وتنظمه المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (ألكسو) بالتعاون مع وزارة الثقافة الموريتانية و(مركز محيط للتنمية وقضايا المرأة والسلم).
وقالت الجوعان في الورقة البحثية التي جاءت بعنوان (دور النساء في بناء السلم الأهلي والعدالة الاجتماعية) إن العديد من المؤسسات الدولية ترى أهمية مشاركة المرأة في بناء السلام «بوصفها عنصرا حاسما في درء الصراعات وحلها على السواء».
وأشارت إلى أن هذه الحقيقة تجلت في قرار مجلس الأمن رقم 1325 لعام 2000 الذي يلزم الأمم المتحدة والدول الأعضاء فيها بإشراك المرأة في منع الصراعات وبناء السلام.
واعتبرت قرار مجلس الأمن الدولي بمثابة «حد وخط فاصل» بالنسبة لتطور حقوق المرأة وقضايا الأمن والسلام وتضمين النساء «باعتبارهن صاحبات مصلحة نشطة في مجال درء الصراعات وحلها».
ولفتت الجوعان إلى أن قرارات مجلس الأمن أكدت كذلك ضرورة حماية حقوق المرأة خلال النزاعات المسلحة لمنع العنف وضرورة إدماجها بالكامل في عمليات ما بعد الصراع والمصالحة وإعادة الإعمار.
وذكرت الجوعان أن (معهد المرأة للتنمية والسلام) الذي انطلق عام 2001 من «أرض السلام والإنسانية كويت السلام» مع اختيار دولة الكويت عاصمة للثقافة العربية هو «الأول من نوعه على مستوى المنطقة العربية».
وأشارت إلى إسهام المعهد في «حل مشكلات المجتمعات العربية وإنتاج جيل يساعد على نشر ثقافة السلام» منوهة كذلك إلى إطلاق (شبكة السلام العربية) ومقرها دولة الكويت «في ظل ما يشهده الواقع الراهن من عنف وصراعات وحروب واستبعاد المرأة من تأدية دورها الكامل والفاعل في عمليات السلام».
وأكدت الجوعان أهمية معالجة «الأسباب الجذرية» للصراع وأهمية حل الخلافات والتفاهم وبالتالي بناء عملية السلام المطلوب لافتة كذلك إلى ضرورة إشباع حاجات الإنسان السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية «مما يوفر أرضية مناسبة للقضاء على مسببات الصراع».
ونوهت بالدور «الفاعل» للحكومات في «إرساء دعائم التعايش وترسيخ جوانبه لبناء مجتمع متآخ من خلال برامج سياسية تكفل حقوق المواطنة وصيانة الحريات بكل أشكالها من خلال تشريع قوانين يكفلها الدستور لصون كرامة الجميع».
وأعادت إلى الأذهان أن مفهوم ثقافة السلام الذي ظهر في بدايته بعد الحرب العالمية الثانية وتبنته الأمم المتحدة تطور في نهاية القرن الماضي وبرز في عدد من المؤتمرات والندوات والإعلانات ذات الصلة.
وذكرت أن ثقافة السلام هي ثقافة التعايش والتشارك ومبنية على مبادئ الحرية والعدالة والديمقراطية والتسامح والتضامن ورفض العنف والدعوة لحل المشكلات عن طريق الحوار والتفاوض.
ونوهت بدور التربية في تحقيق السلم الأهلي في المجتمعات والدور المهم للمرأة «الأم» في هذه العملية والتنشئة الاجتماعية من خلال «غرس قيم السلام والمحبة والتسامح في نفوس الاطفال منذ الصغر».
كما أشارت الجوعان إلى دور الأسرة في تعزيز السلم الأهلي وعملية التنشئة الاجتماعية وغرس المبادئ الأخلاقية وتكوين العادات السليمة وثقل الأنماط التربوية لأفراد المجتمع وتنقية الأنماط السلوكية التي لا تتناسب والقيم الاجتماعية.
وأكدت أن الأم تمثل ركنا مهما في بناء الأسرة باعتبارها «مؤسسة اجتماعية كما تتولى حراسة قيم المجتمع وتنميتها» لافتة إلى أن المرأة تقوم على إعداد رأس المال البشري اللازم لأي عملية تنمية وهي «مهمة ليست سهلة».
وأشارت إلى أن تحقيق السلام والعدل والمساواة وتكافؤ الفرص شغل العالم منذ نشأة المجتمعات وتناولته الحضارات القديمة والديانات السماوية والقوانين الوضعية والدساتير والمواثيق الإقليمية والدولية.
وشددت الجوعان في الوقت ذاته على ضرورة مشاركة النساء في كل مراحل العمليات السلمية والمفاوضات وفي برامج التثقيف من أجل السلام وبناء السلام ما بعد النزاعات وتحفيز النساء على المشاركة في حملات التوعية من أجل السلام.
وأكدت أهمية تبني برامج تدريبية وورش عمل تستهدف التأهيل الاجتماعي للمرأة وإبراز دورها «الفاعل» في بناء السلام على كل المستويات والتعاون بين الأجهزة الوطنية المعنية بشؤون المرأة في الدول المختلفة والمنظمات الأهلية.
وحثت على تطوير شبكات لتبادل الخبرات والموارد وربط القضايا المتعلقة بالسلام مع التركيز على المرأة والسلام في برامجها ووضع سياسة طموح لإحداث تغيير بمعايير النوع الاجتماعي وعلاقاته في المجتمع والعمل ومعالجة عدم المساواة والالتزام بحقوق الإنسان للنساء والفتيات.
وحضت كذلك على دعم دور المرأة في مجالات المراقبين العسكريين والشرطة المدنية والإنسانية ومراقبي حقوق الإنسان وتمثيل النساء اللاتي شهدن صراعات مسلحة لإسماع أصواتهن في عملية تسوية الصراعات ولتكن جزءا من جميع مستويات صنع القرار.
ولفتت إلى أنه رغم أن هناك تحديات هائلة تواجه مشاركة المرأة في عمليات بناء السلام وترجمة الصكوك القانونية على أرض الواقع فإن المرأة لعبت أدوارا قيادية على مستوى معالجة الواقع المجتمعي من خلال نشر ثقافة التعايش السلمي بين أفراد المجتمع.
وخلصت الجوعان إلى التساؤل «هل سيتأثر دور المرأة في التنشئة الاجتماعية ونشر ثقافة التعايش السلمي أمام ثورة الاتصالات الحديثة والمتمثلة بالإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي».
ويضم ملتقى (تعزيز ريادة المرأة من أجل السلام والتنمية في المنطقة العربية) الذي يستمر يومين جلسات علمية تتناول دور النساء في بناء التوافقات الوطنية والعدالة الاجتماعية وسبل تعزيز دور النساء في حل النزاعات وبناء السلام وتمكين المرأة المبدعة في البلدان العربية وتجارب الدول العربية في تمكين المرأة من أجل السلام والتنمية.