قصر نايف.. معلم تاريخي مُدرج على قائمة «إيسيسكو» للتراث الإسلامي
(كونا) – لا بد لزائر قصر نايف الكائن في قلب الكويت العاصمة أن يستشعر ويقرأ بوجدانه العميق عبقا من تاريخ هذه البلاد الطيبة بكل ما تحفل به جدرانه وأروقته وفنائه من أحداث ووقائع ماثلة في صفحات الأيام أضحى معها القصر معلما تاريخيا وتراثيا إسلاميا بكل صور ومعاني الثبات والشموخ.
ففي سفر التاريخ الحديث للكويت والمنطقة يبقى قصر نايف شاهدا حيا يروي للأجيال المتعاقبة حقبة زاخرة تربو على أكثر من قرن من الزمن حتى تعدت صورة أبوابه المعنى الحرفي للكلمة لتفتح أبوابا متتالية في أفئدة أهل الكويت تسرد بحنين وإباء كل ما في جعبة تلك السنوات من سير شخصيات فذة سطرت اسمها في سجل الوطن متجذرة في ذاكرته وأهله كما القصر ذاته بأهميته التاريخية والتراثية كأحد أهم القصور في العالم الإسلامي.
واستحقاقا لكل ذلك حاز القصر مكانته التاريخية والتراثية بإدراجه على قائمة التراث في العالم الإسلامي التابعة لمنظمة العالم الإسلامي للتربية والعلوم والثقافة (إيسيسكو) خلال انعقاد الاجتماع العاشر للجنة التراث في العالم الإسلامي التابعة للمنظمة في الرباط أخيرا.
فعلى مساحة تقدر ب2880 مترا مربعا يتصدر قصر نايف منطقة (القبلة) في قلب العاصمة على مرتفع أو (صيهد نايف) الذي استمد اسمه منه آخذا شكلا مربعا تحيط به 219 غرفة متفاوتة المساحات كان يستخدم بعضها مستودعات للأسلحة والذخيرة فيما كان يستخدم البعض الاخر مهاجع للحراس والمحاربين.
وأيضا يشتمل القصر على فناء واسع يسمح بالتجمعات البشرية كما يتضمن مسجدا في الزاوية الشمالية بجانب بئر ويمكن مشاهدة الليوان الطويل أي الرواق في الجانبين الشمالي والشرقي على شكل أقواس وأعمدة على غرار القصور ذات المعمار الإسلامي القديم.
ويرجع تاريخ القصر إلى ما يزيد على مئة عام إذ بدأ بناؤه عام 1919 وأنجز في العام التالي في عهد حاكم الكويت الراحل الشيخ سالم المبارك الصباح طيب الله ثراه وكان القصر مجاورا لسور الكويت الثالث من الناحية الجنوبية مشيدا على يد البناء المرحوم محمد سليمان البحوه الذي تولى أيضا بناء قصر السيف.
وخضعت مساحة قصر نايف للتوسعة وزيادة عدد غرفه لتلبية إحتياجات القصر آنذاك وفي عام 1950 جدد جزء منه ثم اتخذته مديرية الأمن العام مقرا لها آنذاك.
وفي هذا الإطار قال ممثل الكويت رئيس لجنة التراث في العالم الإسلامي الدكتور وليد السيف لوكالة الأنباء الكويتية (كونا) اليوم الاثنين إن لجنة التراث في العالم الإسلامي المنبثقة من منظمة العالم الإسلامي للتربية والعلوم والثقافة (إيسيسكو) أدرجت قصر نايف في دولة الكويت على قائمة التراث في العالم الإسلامي إدراجا نهائيا خلال اجتماعها مطلع شهر يوليو الماضي.
وأضاف السيف أنه بإدراج قصر نايف في قائمة التراث في الإسلامي يتحقق إنجاز كويتي غير مسبوق أضف إلى ذلك ملف كويتي آخر وهو (برنامج السدو التعليمي) المعني بالتدريب على فن النسج كأفضل ممارسات الصون في قائمة التراث في العالم الإسلامي.
وأكد أن المواقع الكويتية الأثرية المسجلة نهائيا على قائمة التراث في العالم الإسلامي فضلا عن قصر نايف هي (كاظمة) و(القرينية) و(سعيدة) في جزيرة فيلكا وهناك أربعة مواقع أخرى مسجلة على القائمة التمهيدية في قائمة التراث في العالم الإسلامي هي (أبراج الكويت) و(قصر الشيخ عبدالله الجابر) و(محمية مبارك الكبير) البحرية و(جزيرة بوبيان).
ووصف إدراج قصر نايف بأنه "اعتراف بأهميته التاريخية والتراثية كأحد أهم القصور في العالم الإسلامي "لافتا "إلى رمزيته التاريخية والسياسية والثقافية والأثرية والمعمارية".
وذكر أن قصر نايف يظل شاهدا على روعة المعمار في الكويت خلال الربع الأول من القرن العشرين "بأسواره العالية وأبوابه الخشبية وساحته الكبيرة وأقواسه التي تزين المكان وتنبع منه الحياة لاسيما في شهر رمضان الكريم من خلال إحياء تقاليد مدفع الإفطار".
وقال إن فكرة إدراج قصر نايف على قائمة التراث في العالم الإسلامي تم طرحها على الشيخ طلال الخالد الأحمد الصباح عندما كان محافظا للعاصمة والذي بدوره رحب بالفكرة وقدم الدعم ليأخذ قصر نايف موقعه في خريطة التراث في العالم الإسلامي.
وأفاد السيف بأن عدد أعضاء لجنة التراث في العالم الإسلامي هي تسع دول إسلامية من بينها ثلاث عربية وثلاث إفريقية وثلاث آسيوية ويتم انتخابها من وزراء الثقافة في الدول الإسلامية البالغ عددها 54 دولة.
وأشار إلى أن من بين أهداف اللجنة توثيق وحماية المواقع التاريخية والأثرية والطبيعية في الدول الإسلامية من خلال إدراجها على قائمة التراث في العالم الإسلامي والتعريف بما تزخر به تلك الدول من معالم باعتبارها مهد الحضارات الإنسانية القديمة وتقديم المساعدة العاجلة لحماية المواقع الأثرية المتضررة.
وأوضح أن اللجنة تتولى أيضا توفير الدعم القانوني لاسترجاع الممتلكات الثقافية المسروقة ودعم الدول الأعضاء لتسجيل مواقعها الأثرية على قائمة التراث العالمي لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونيسكو) وتفعيل دور المعالم في العالم الاسلامي وتعزيز دورها في التنمية السياحية المستدامة وحماية هويتها الثقافية.
وقال السيف إن اللجنة وافقت على إدراج قصر نايف بناء على استمارة تتضمن معايير دولية أهمها قيمته الحضارية الإستثنائية التي تجلت بأصالته من حيث الشكل والتصميم الإسلامي ومواد البناء المستخدمة فيه كالطين البحري وخشب المانجروف المعروف محليا بخشب (الجندل).
وأضاف أن من المعايير أيضا تميز الموقع التاريخي للقصر على مرتفع في مدينة الكويت القديمة واستعماله للأغراض الأمنية وإحياء التقاليد التراثية فيه كإطلاق مدفع الإفطار في أيام شهر رمضان المبارك والفنون الشعبية في المناسبات الوطنية.
وأشار إلى أن هناك امتيازات عدة تمنح للدول التي تسجل ملفاتها على قائمة التراث في العالم الاسلامي منها الأولوية في الحصول على الدعم للترميم والحفظ وإصدار الدراسات العلمية المتخصصة التي تصدرها المنظمة والحصول على الدعم الفني والعلمي منها للتسجيل على قائمة التراث العالمي لليونيسكو وفي برامج الترويج السياحي والاعلامي التي تنظمها.
وبين أنه يتم وضع شعار (إيسيسكو) على الموقع المسجل وتثبيت لوحة يكتب عليها (الموقع مدرج على قائمة التراث في العالم الإسلامي) والحصول على شهادة ورقية بذلك.
يذكر أن (إيسيسكو) هي منظمة متخصصة تعمل في إطار منظمة التعاون الإسلامي وتعنى بميادين التربية والعلوم والثقافة والاتصال في البلدان الإسلامية لدعم وتقوية الروابط بين الدول الأعضاء ومقرها الرباط والمدير العام للمنظمة هو الدكتور السعودي سالم بن محمد المالك.