أخبار دولية

 «محارق الجثث مكتظة».. شكوك حول الأرقام الرسمية لوفيات كورونا بالصين 

• واشنطن تطالب بكشف تفاصيل الموجة الجديدة وتعرض المساعدة  

منذ تخلي الصين عن سياستها الصارمة “صفر كوفيد”، تعرف البلاد موجة وبائية غير مسبوقة، أصبح معها ارتفاع عدد الوفيات الناجمة عن العدوى قضية شائكة بالنسبة للحكومة التي ترهن شرعيتها بمسألة “إنقاذ الأرواح”.

وبحسب تقرير لشبكة “سي ان ان”، تتجاهل وسائل الإعلام الحكومية عن عمد مشاهد عنابر المستشفيات المزدحمة ومحارق الجثث المكتظة، في وقت يصر فيه المسؤولون على تأكيد انخفاض أرقام الوفيات بالرغم من آلاف الإصابات اليومية، وفقاً لـ «الحرة».

اكتظاظ المحارق

ومنذ بداية الشهر الجاري، أعلنت الأرقام الرسمية الصينية عن تسجيل 8 وفيات فقط بسبب فيروس كورونا، وهو الرقم الذي يبقى جد منخفض، بالنظر للانتشار السريع للفيروس ومعدلات التلقيح الضعيفة بين كبار السن، بحسب الشبكة.

وتقابل الحصيلة الرسمية التي تعلن عنها، بالاستهزاء والسخرية على منصات التواصل الاجتماعي، التي تعج بمنشورات الحداد في أوساط من فقدوا أقرباءهم بسبب الفيروس.

وتتناقل منشورات أخرى على وسائل التواصل الاجتماعي بالصين، الإحباط العارم، والصعوبات الكبيرة التي تجدها عائلات الضحايا خلال محاولتهم تأمين مراسيم لحرق الجثث.

وزارت سي ان ان، محرقة جثث رئيسية في بكين، الثلاثاء، ولاحظت وجود طابور طويل من السيارات، وتصاعد دخان كثيف ومتواصل من الأفران، فيما تتراكم أكياس الجثث الفارغة داخل حاويات معدنية.

وكشف قريب أحد الراحلين، أنه انتظر لأيام قبل الحصول على فرصة حرق جثة الشخص الذي توفي بسبب كورونا.

من جانبه، قال رجل آخر لشبكة CNN، إن المستشفى الذي توفي فيه صديقه كان ممتلئا جدا بحيث لم يستطع إيجاد مكان للعلاج، موضحا أن “جثته تركت على أرض المستشفى”.

وفي المتاجر القريبة التي تبيع الأغراض الجنائزية، يجمع الباعة على تسجيلهم رواجا تجاريا كبيرا خلال الأيام الأخيرة.

وبعيدا عن العاصمة، تكافح محارق الجثث بأنحاء مختلف بالبلاد، لمواكبة ضغط تدفق الجثث، وفق المعلومات المتداولة على وسائل التواصل الاجتماعي.

معايير جديدة

وفي مواجهة الشكوك المتزايدة حول أرقام الوفيات، دافعت الحكومة الصينية عن دقة المعطيات التي تقدمها، كاشفة عن تحديث معاييرها في إحصاء الوفيات الناجمة عن الفيروس.

وقالت السلطات الصينية، إن الأرقام المعلن عنها تشمل فقط الوفيات الناجمة عن الالتهاب الرئوي أو فشل الجهاز التنفسي، ولا تشمل مرضى كوفيد المصابين بأمراض سابقة أو مزمنة.

وتعرف الصين، ارتفاعا كبيرا في عدد الإصابات منذ أن أعلنت في وقت سابق من هذا الشهر، عن رفع قيود “صفر كورونا” المشددة التي تفرضها منذ بداية الجائحة.

لكن بالرغم من هذا الارتفاع لم تسجل المعطيات الرسمية، سوى 5 وفيات بكوفيد يوم الثلاثاء، وحالتين يوم الاثنين، فيما لم تبلغ عن أي حالة وفاة طيلة الأسبوعين الماضيين.

وتتعارض طريقة إحصاء الوفيات التي أعلنتها الحكومة الصينية وتوصيات منظمة الصحة العالمية.

وتعليقا على المعايير التي اعتمدتها بكين، الأربعاء، قال رئيس الطوارئ في منظمة الصحة العالمية، مايكل رايان، إن “هذا التصنيف ضيق للغاية”.

وأضاف المسؤول الصحي الدولي: “يموت الأشخاص بسبب فيروس كورونا الذي يؤثر على صحة الإنسان عند الإصابة بعدوى شديدة، بالتالي، فإن حصر موتى كورونا في الأشخاص الذين تضرر جهازهم التنفسي فقط، لا يعطي أرقام الوفيات الحقيقية”.

من جانبه، يقول طبيب صيني، إن تغيير معايير تحديد الوفيات، اقتضته طبيعة فيروس أوميكرون المنتشر، والتي تختلف عن سلالة ووهان في بداية الوباء.

بالمقابل، يرى عالم الفيروسات بجامعة هونغ كونغ، جين دونجيان، أنه إلى حد ما، اعتمدت الحكومة الصينية منذ بداية الوباء، المعايير نفسها، والآن فقط يتم الإعلان عنها بشكل رسمي، مشيرا أنه لطالما تحفظت بشأن كيفية إحصاء المصابين.

وأضاف جين أن توسيع تعريف “وفيات كورونا”، تم بشكل طفيف فقط خلال شهر أبريل  الماضي، لرفع أرقام الوفيات، وتبرير قرارات إغلاق مدينة شنغهاي والقيود الصارمة المفروضة.

وخلال تفشي الفيروس في شنغهاي، بين شهري من مارس وماي، أبلغ مسؤولو المدينة عن تسجيل 588 حالة وفاة من كوفيد من حوالي 600 ألف إصابة. 

لكن بمجرد رفع الإغلاق عن المدينة، بقي عدد الوفيات في البلاد عند الصفر خلال الأشهر الستة الموالية، على الرغم من وصول عدد الإصابات إلى مئات الآلاف. 

في سياق متصل، دعا وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، الصين إلى مشاركة معلوماتها بشأن الموجة الجديدة من كوفيد-19 التي تشهدها البلاد، وعرض مرة أخرى المساعدة عبر تقديم لقاحات.

وقال خلال مؤتمر صحافي، “من المهم جدا أن تركز جميع الدول، بما في ذلك الصين، على ضمان تلقيح الأشخاص، وتوافر الاختبارات والعلاجات، وأكثر من ذلك على مشاركة المعلومات مع العالم بشأن ما تعيشه – لأن لذلك آثارا ليس فقط على الصين ولكن على العالم أجمع”.

وقال بلينكن الخميس، إنه مع انتشار الفيروس “من الممكن أن تتطور متحورات أخرى وأن تنتشر بدورها وستؤثر علينا، نحن ودول أخرى”، مؤكدا “الاستعداد التام لتقديم المساعدة لمن يطلبها”، وهو ما لم تفعله الصين. 

زر الذهاب إلى الأعلى