محليات

الذكرى الـ32 لتحرير الكويت.. مرحلة فارقة في مسيرة المنطقة بأكملها 

(كونا) – 32 عاما مضت على تحرير الكويت من براثن الغزو العراقي الغاشم في عملية (عاصفة الصحراء) التي أسفرت عن حدث تاريخي شكل مرحلة فارقة في مسيرة المنطقة يحيي الكويتيون ذكراه كل عام مستذكرين وقوف العالم أجمع مع قضيتهم العادلة.

وستظل آثار تلك الذكرى التي تصادف يوم غد محفورة في وجدان الكويتيين مذكرة إياهم بانتهاك الغزاة سيادة بلدهم لإسقاط شرعيته ضاربين عرض الحائط بجميع الأعراف والقوانين الدولية فضلا عما خلفته هذه المحنة من تداعيات كبيرة إقليميا وعربيا وعالميا.

ويستذكر الكويتيون مع حلول هذه الذكرى شهداءهم الأبرار الذين ضحوا بالغالي والنفيس في سبيل بقاء بلدهم حرا مستقلا ودور الدول الشقيقة والصديقة التي شاركت في هذه الحرب وتضحياتهم الكبيرة التي سطرت بأحرف من نور عمق علاقات الاخوة والصداقة بين تلك الدول.

وسطر أبناء الكويت في تلك المحنة أروع معاني الوفاء والتضحية رافضين العدوان السافر مؤكدين وقوفهم مع قيادتهم الشرعية وعلى رأسها أمير البلاد الراحل الشيخ جابر الأحمد الجابر الصباح طيب الله ثراه للدفاع عن سيادة وطنهم وحريته وسيادته.

وبذلت القيادة الحكيمة للبلاد حينها جهودا جبارة لتحرير الوطن واستعادة حريته وقادت جميع الجهود لحشد التأييد الدولي لدعم الحق الكويتي في المنابر الدولية وطرد المحتل الغاصب وتحرير البلاد.

ويستذكر الكويتيون كلمات الشيخ جابر الخالدة التي ألقاها على منبر الأمم المتحدة حين خاطب العالم قائلا "لقد جئت اليوم حاملا رسالة شعب أحب السلام وعمل من أجله ومد يد العون لكل من استحقها وسعى للخير والصلح بين من تنازعوا وتعرض أمنه واستقراره ليد العبث إيمانا منه برسالة نبيلة أمرنا بها ديننا الإسلامي وتحثنا عليها المواثيق والعهود وتلزمنا بها الأخلاق".

وأضاف "جئتكم برسالة شعب كانت أرضه بالأمس القريب منارة للتعايش السلمي والإخاء بين الأمم وكانت داره ملتقى الشعوب الآمنة التي لا تنشد سوى العيش الكريم والعمل وها هو اليوم بين شريد هائم يحتضن الأمل في مأواه وبين سجين ومناضل يرفض بدمه وروحه أن يستسلم ويستكين للاحتلال مهما بلغ عنفوانه وبطشه".

وآتت جهود الكويت ثمارها فالتف العالم حول قضيتها العادلة ولاسيما دول مجلس التعاون الخليجي التي تحركت منذ الساعات الأولى للغزو العراقي الغاشم في الثاني من أغسطس عام 1990 من منطلق الروابط الأخوية ووحدة المصير المشترك وكانت نواة التحرك السياسي والدبلوماسي الرافض للعدوان ونتائجه والمطالب بالانسحاب بلا شروط.

وعقد وزراء خارجية دول المجلس اجتماعا طارئا في القاهرة يوم 3 أغسطس 1990 على هامش اجتماعات مجلس الجامعة العربية كما نجحت جهود دول المجلس في عقد القمة العربية الطارئة بالقاهرة في 10 من الشهر نفسه وسبقها اجتماعان لوزراء الخارجية العرب ووزراء خارجية منظمة المؤتمر الإسلامي يومي 3 و4 أغسطس أيضا على التوالي.

كما كان لدول مجلس التعاون الخليجي وبقية الأشقاء والأصدقاء إسهامها الفاعل في استصدار سلسلة من قرارات مجلس الأمن بدءا من القرار 660 الصادر في 3 أغسطس 1990 الذي دان الغزو وطالب بانسحاب فوري وغير مشروط مرورا بالقرار 678 في 29 نوفمبر الذي أجاز استخدام الوسائل اللازمة لدعم وتنفيذ قرارات مجلس الأمن وصولا إلى قرارات أخرى صدرت لإزالة آثار العدوان.

واضطلعت الدول الشقيقة والصديقة أيضا بدور أساسي في عملية تحرير دولة الكويت بتوظيف رصيدها السياسي والدبلوماسي وتسخير قدراتها العسكرية والمادية من أجل التحرير الذي تحقق في فبراير 1991 كما عملت بعد ذلك على المطالبة بتنفيذ قرارات مجلس الأمن ذات الصلة وإزالة آثار الغزو والاحتلال.

وفي هذه الذكرى يستذكر الكويتيون جهود الأمير الوالد الراحل الشيخ سعد العبدالله السالم الصباح طيب الله ثراه الذي كان يتصدر أبطال التحرير وبذل جهودا جبارة في سبيل الدفاع عن الحق الكويتي.

وكان للأمير الراحل الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح طيب الله ثراه دور كبير في حشد التأييد الدبلوماسي العربي والدولي لدعم ومساندة الشرعية الكويتية استنادا إلى خبرته الدبلوماسية الكبيرة.

ويستذكر الكويتيون كذلك بكل العرفان والتقدير دور قادة دول مجلس التعاون الخليجي الذين قدموا للكويت كل أشكال الدعم المعنوي والمادي.

كما يستذكرون موقف الرئيس الأمريكي الراحل جورج بوش الأب الذي أعلن وقوفه مع الحق الكويتي وتعهد بعودة الكويت حرة مستقلة حيث طالبت بلاده عقب الساعات الأولى للغزو العراقي الغاشم بعقد اجتماع طارئ لمجلس الأمن تم خلاله تبني القرار رقم 660 ثم تمكن في 21 يناير عام 1991 من إقناع مجلس الشيوخ الأمريكي باستخدام القوة العسكرية لتحرير الكويت معلنا بدء الحرب وعودة الكويت حرة أبية.

ورغم قساوة الغزو العراقي الغاشم ومرارة ما خلفه من آثار لاسيما على صعيد الشهداء والمفقودين الكويتيين فإن الكويت استنادا إلى مساعيها الإنسانية ودورها الإقليمي الرائد الهادف إلى دعم استقرار المنطقة أطلقت مساعداتها للشعب العراقي منذ عام 1993 ولا تزال مستمرة حتى الآن.

كما قدمت الكويت بعد سقوط النظام العراقي البائد عام 2003 العون للعراق حتى أصبحت اليوم من أكبر المانحين له فيما تنوعت أوجه المساعدات الكويتية لتشمل مختلف المجالات والقطاعات الحيوية.

وجسدت الزيارة التي قام بها الأمير الراحل الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح للعراق في 19 يونيو 2019 أنبل المساعي الحميدة في الحفاظ على العلاقات الأخوية وطي الملفات العالقة بين البلدين.

ولاتزال الكويت بقيادتها الحكيمة تقدم كل اشكال الدعم والمؤازرة للشعب العراقي الشقيق انطلاقا من سياستها الخارجية التي لطالما انتهجتها على مر العقود الماضية وحرصها على تعزيز العلاقات مع الأشقاء ولاسيما دول الجوار.

زر الذهاب إلى الأعلى