منطقة اليورو تدخل رسمياً حالة ركود.. هل يتجه الاقتصاد نحو مزيد من التدهور؟
• معدل البطالة داخل الاتحاد الأوروبي أسوأ مما هو عليه في الولايات المتحدة
في نهاية فبراير الماضي، توقعت كريستين لاغارد رئيسة المركزي الأوروبي والمديرة السابقة لصندوق النقد الدولي ألا تشهد أي دولة داخل منطقة اليورو ركوداً اقتصادياً في 2023.
لكن بعد ثلاثة أشهر ونصف، أظهرت البيانات الرسمية أن اقتصاد منطقة اليورو دخل رسمياً فيما يعرف بـ”الركود التقني” خلال الربع الأول من العام الجاري، وفقاً لـ «CNBC عربية».
وبحسب البيانات المراجعة أو النهائية الصادرة عن Eurostat، انكمش الناتج المحلي الإجمالي لمنطقة اليورو بنحو 0.1% في أول 3 أشهر من 2023، بعدما كشفت بيانات القراءة الأولى نمو الاقتصاد بنسبة 0.1%.
وكان اقتصاد منطقة اليورو انكمش بنحو 0.1% أيضاً في آخر 3 أشهر من 2022، ومع انكماش الناتج المحلي الإجمالي لربعين متتاليين فإن الاقتصاد ينزلق إلى ما يعرف بـ”الركود التقني”.
لماذا عدّلت منطقة اليورو البيانات من النمو إلى الانكماش؟
جاء الإعلان عن الأرقام المعدلة بعدما خفضت ألمانيا قراءتها للنمو خلال نفس الفترة ودخلت بالفعل في حالة ركود.
وأجرت أيرلندا أيضاً مراجعة بالخفض لقراءة أداء الاقتصاد لديها، والتي أظرت انكماش الاقتصاد بحوالي 5%.
كما أن هولندا واليونان ضمن اقتصادات منطقة اليورو التي أعلنت عن انكماش اقتصادي على أساس فصلي في الربع الأول من 2023.
وتراجع إنفاق الأسر بنحو 0.3% في الربع الأول من العام الجاري وبنسبة 1% في الربع الأخير من 2022، بما يظهر الضغوطات التي يواجها المستهلكون وسط ارتفاع الأسعار.
أما معدل البطالة داخل الاتحاد الأوروبي فهو أسوأ مما هو عليه في أميركا، كما أنه أعلى بنحو الضعف لدى بعض الدول مقارنة بالولايات المتحدة.
التضخم يلقي بثقله على الوضع الاقتصادي
وتفرض البيئة الاقتصادية الضعيفة تحدي بالنسبة للمركزي الأوروبي والذي يخوض دورة تشديد نقدي في آخر 12 شهراً، وصل معها معدل الفائدة عند 3.25%.
كما يستعد البنك لاجتماع للسياسة النقدية هذا الأسبوع، وسط توقعات بزيادة معدل الفائدة بنحو 25 نقطة أساس.
وربما يحد الأداء الاقتصادي الضعيف من قدرة المركزي الأوروبي على زيادة معدل الفائدة أكثر في محاولة للتعامل مع التضخم.
ومع ذلك أشار مسؤولو البنك المركزي الأوروبي من قبل إلى أن خفض الأسعار أهم من تجنب التباطؤ الاقتصادي.
كما أن لاغارد صرحت في الأسبوع الماضي بأن لا يوجد دليل واضح على أن التضخم الأساسي وصل إلى ذروته، رغم إقرارها بأن تأثيرات الزيادات السابقة في أسعار الفائدة بدأت تتحقق.
وتابعت: أحدث البيانات المتاحة تشير إلى أن مؤشرات الضغوط التضخمية الأساسية ما زالت مرتفعة على الرغم أن البعض يظهر بوادر اعتدال.
وكشفت بيانات التضخم في منطقة اليورو عن شهر مايو أيار، نمو مؤشر أسعار المستهلكين بنحو 6.1% وذلك بحسب القراءة الأولى، وهو أقل مستوى منذ فبراير 2022.
ومع ذلك فإن معدلات التضخم في أوروبا أعلى من البرازيل والصين والهند، وبالرغم من تراجع أسعار الكهرباء في فرنسا وألمانيا فإنها لا تزال أعلى مما كانت عليه قبل جائحة كورونا بنحو ثلاث إلى أربع مرات.
توقعات قاتمة في الأفق
يبدو أن غداً لن يكون أفضل من اليوم بالنسبة لاقتصاد منطقة اليورو.
وقال أندرو كينينغهام كبير الاقتصاديين الأوروبيين لدى Capital Economics في مذكرة نقلتها CNBC إنه يتوقع انكماش اقتصاد منطقة اليورو بصورة أكبر خلال المتبقي من العام.
أما كلاوس فيستسين المحلل لدى شركة الأبحاث الاقتصادية Pantheon Macroeconomics، فقال إنه من غير المحتمل أن يشهد اقتصاد منطقة اليورو المزيد من النمو في الأشهر المقبلة، متوقعاً تباطؤاً في الاستثمار.
المفوضية الأوروبية نفسها توقعت هذا الوضع قبل أشهر، ووفقاً لتقرير صادر عنها في نوفمبر العام الماضي، فإنه أشار إلى الضعوطات التي يشكلها ارتفاع أسعار الطاقة، وتآكل القوة الشرائية لدى الأسر، بجانب بيئة خارجية أضعف.
وأضاف: ظروف مالية أكثر تشدداً من المتوقع أن تدفع اقتصاد الاتحاد الأوروبي ومنطقة اليورو ومعظم الدول الأعضاء نحو الركود في الربع الأخير من العام.
وقال فلاد سينيوريلي، رئيس الأبحاث لدى Woods Research في تصريحات نقلها Forbes: بالنسبة للتوقعات لأوروبا، لا نرى الكثير من الأمور الجيدة قادمة..فالمركزي الأوروبي سينفذ المزيد من عمليات زيادة الفائدة.
فيما شددت شارلوت دي مونبلييه خبيرة اقتصادية في بنك ING في تصريحات نقلها economictimes على أنه منذ الربيع وكل البيانات أصبحت سلبية، مشيرة بشكل خاص نحو الإنتاج الصناعي في ألمانيا والطلبات الجديدة.
وتابعت: الاقتصاد الأوروبي في مرحلة ركود..ولديه صعوبة في اجتياز الشتاء بسبب صدمة الطاقة..لقد تضرر الطلب المحلي بشدة بفعل مزيج من التضخم ومعدلات الفائدة المرتفعة.
أما تقرير البنك الدولي الذي صدر في الأسبوع الماضي لم يكن أكثر تفاؤلاً بالوضع داخل منطقة اليورو، إذ توقع تباطؤ نمو الاقتصاد في منطقة اليورو إلى 0.4% العام الجاري من 3.5% في 2022.
تقرير البنك الدولي حذر كذلك من أزمة في تكلفة المعيشة داخل أوروبا.