إعلان حالة الطوارئ في المدن الليبية المنكوبة لمدة عام كامل
• البلاد تعاني نقصاً في الكوادر الطبية بالمدن المتضررة
• انقطاع الطرق وخدمات الهاتف يعيق جهود الإغاثة
أعلن المركز الوطني الليبي لمكافحة الأمراض اليوم حالة الطوارئ الصحية في المدن المنكوبة لمدة عام كامل.
ويأتي هذا القرار بعد أن قال مدير مركز مكافحة الأمراض في ليبيا، إنه يجب إعلان حالة الطوارئ لمدة سنة في المدن المنكوبة كافة، مشيرا إلى أن هناك نقصا في الكوادر الطبية التي تعالج مصابي السيول في المدن المتضررة، وفقاً لـ «يورونيوز».
وقال المتحدث باسم الصليب الأحمر الدولي في ليبيا، إن هناك انقطاعا في بعض الطرق وخدمات الهاتف، الأمر الذي يعيق جهود الإغاثة، وإن حجم الكارثة في مناطق الإعصار كبير جدا ويفوق قدراتنا وهناك حاجة لدعم دولي، وليس لدينا بعد العدد النهائي للقتلى والمفقودين.
هذا وأعلن رئيس هيئة البحث والتعرف على المفقودين في ليبيا انتشال 450 جثة من البحر خلال اليومين الأخيرين، مشيرا إلى أنها كانت على بعد 120 مترا عن الشاطئ.
وقد أكدت منظمة الصحة العالمية أن أعمال الإنقاذ وانتشال الجثث لا تزال متواصلة بمدينة درنة الساحلية الليبية، مبينة أنه تم حتى الآن انتشال جثث 3958 شخصا لقوا مصرعهم جراء انهيار سدي درنة، وأنه تم التعرف على هوياتهم.
بدوره أصدر مدير المركز التابع لحكومة الوحدة الوطنية حيدر السايح، بياناً نشر عبر منصة “حكومتنا” الرسمية على فيسبوك.
وصرح السايح في البيان بـ”ارتفاع عدد حالات التلوث (التسمم) بمياه الشرب (في درنة) إلى 150 حالة نتيجة اختلاط مياه الشرب بمياه الصرف الصحي”.
ونبّه إلى أن «مياه الشرب في درنة غير صالحة للاستهلاك ويجب الاعتماد على مصادر أخرى».
وقال إن «المركز قرر إعلان حالة الطوارئ لمدة عام كامل في المناطق المتضررة جراء السيول والفيضانات شرق البلاد»، مبينا أن «الإجراء يأتي تحسبا لمنع تفشي أي مرض».
صعوبة عمليات الإغاثة
كانت عاصفة قوية ضربت الأحد شرق ليبيا، وتسببت الأمطار الغزيرة بكميات هائلة الى انهيار سدّين في درنة، ما تسبّب بتدفّق المياه بقوة في مجرى نهر يكون عادة جافا.
وجرفت معها أجزاء من المدينة بأبنيتها وبناها التحتية. وتدفقت المياه بارتفاع أمتار عدة، وحطمت الجسور التي تربط شرق المدينة بغربها.
وقال أحد مصوري وكالة فرانس برس إن المياه الجارفة خلفت وراءها مشهد دمار، ويبدو كما لو أن زلزالا قويا ضرب جزءا كبيرا من المدينة. قبل الكارثة، كانت المدينة تعد مئة ألف نسمة.
وتحدثت المنظمة الدولية للهجرة عن نزوح أكثر من 38 ألف شخص في الشرق الليبي بينهم 30 ألفا من درنة، فيما قالت الأمم المتحدة إن “ما لا يقلّ عن عشرة آلاف شخص” ما زالوا في عداد المفقودين.
“وضع فوضوي”
ووصفت مانويل كارتون المنسقة الطبية لفريق من منظمة “أطباء بلا حدود” وصلت قبل يومين إلى درنة الوضع بأنه “فوضوي” ويمنع حسن سير عملية إحصاء الضحايا والتعرف على هوياتهم، وأكدت قائلة: “غالبية الجثث دفنت (..) في مدافن وفي مقابر جماعية والكثير من هؤلاء لم تحدد هويتهم خصوصا أولئك الذين انتشلوا بأعداد كبيرة من البحر…الناس الذين يعثرون على الجثث يدفنونها فورا”.
كذلك، يعيق الوضع السياسي في ليبيا عمليات الإغاثة. فليبيا غارقة في الفوضى منذ سقوط نظام معمر القذافي في 2011، وتتنافس على السلطة فيها حكومتان، الأولى تتخذ من طرابلس في الغرب مقرًا ويرأسها عبد الحميد الدبيبة وتعترف بها الأمم المتحدة، وأخرى في شرق البلاد الذي ضربته العاصفة، يرأسها أسامة حمّاد وهي مكلّفة من مجلس النواب ومدعومة من الرجل القوي في الشرق المشير خليفة حفتر.
ودعت الدبلوماسية الأميركية ستيفاني وليامز وهي ممثلة الأمم المتحدة السابقة في ليبيا، إلى تدخل دولي عاجل، وكتبت عبر منصة “اكس”: “الواجب الأخلاقي (..) المتمثل بحماية (المدنيين) الذي كان دافعا للتدخل (العسكري) في 2011 (ضد نظام معمر القذافي) يجب أن يوجه تحرك الأسرة الدولية إثر الفيضانات التي اجتاحت شرق ليبيا وتسببت بمقتل آلاف الليبيين الابرياء، والأجانب”.
ودعت وليامز إلى إنشاء “آلية مشتركة وطنية ودولية للإشراف على أموال” المساعدة، حاملة على الطبقة السياسية الليبية “الضارية” التي تميل إلى استخدام “حجة السيادة” لتوجيه عمليات المساعدة “بحسب مصالحها”.
“حاجات هائلة”
وقال الناطق باسم المشير حفتر أحمد المسماري في مؤتمر صحافي، مساء الجمعة في مدينة بنغازي الكبيرة في شرق ليبيا إن حاجات الإعمار هائلة.
ومع أن الكارثة وقعت في منطقة خاضعة لسيطرة المعسكر الشرقي، إلا أن الدبيبة، الذي يتخذ من الغرب مقرّا له، اعتبر خلال الأسبوع الراهن أن ما حصل سببه “ما تم تخطيطه في السبعينات، والذي لم يعد كافيا اليوم بالاضافة إلى الاهمال الزمني ومن آثار السنوات”، وقال الدبيبة خلال اجتماعه مع الوزراء والخبراء، إن “هذه إحدى نتائج الخلافات والحروب والأموال التي ضاعت”.
وطلبت عريضة عبر الانترنت جمعت أكثر من ألفي توقيع في غضون 24 ساعة مساعدة الأسرة الدولية، وتشكيل “لجنة تحقيق دولية ومستقلة” لتبيان ملابسات الكارثة وتحديد المسؤولين بغية محاكمتهم.