القطاع الصناعي.. عصب الاقتصاد الكويتي وركيزة للأمن الاستراتيجي لمواجهة التحديات
هيئة الصناعة: ملتزمون بتوجّه الحكومة نحو تعظيم الإيرادات وتنويع مصادر الدخل غير النفطية
(كونا) – تتبنى الحكومة الكويتية رؤى استراتيجية غايتها تعظيم إيرادات الدولة لاسيما غير النفطية في مختلف القطاعات، ومن أبرزها القطاع الصناعي الذي يتصدر تطويره والارتقاء به أجندة وأولويات تلك الاستراتيجية.
وأثبتت أزمات عديدة أهمية تطوير القطاع الصناعي في البلاد وليس ببعيد عن ذلك ما كشفته تداعيات أزمة جائحة فيروس «كورونا» وما تبعها من إغلاق الدول، ليدرك حينها العالم بدوله العظمى والنامية حقيقة مهمة مفادها أن الصناعة عنصر مهم وأساسي لتحقيق الأمن الاستراتيجي والاكتفاء الذاتي.
ولا شك أن الصناعة الكويتية لديها رصيد كبير في تحقيق مفهوم الأمن الاستراتيجي للدولة، وظهر ذلك بالتغطية المحلية للعديد من المنتجات الأساسية سواء كانت غذائية أو طبية والتي كانت متوفرة بشكل آمن وأثبت ذلك حيوية هذا القطاع.
وعن أهمية القطاع الصناعي وما تحمله خطط الدولة الحالية والمستقبلية من رؤى لتطويره وتعظيم إيراداته التقت وكالة الأنباء الكويتية عدداً من الخبراء في قطاع الصناعة للحديث عن واقعه والتحديات الماثلة أمامه.
وأكد المدير العام للهيئة العامة للصناعة بالتكليف محمد العدواني التزام الهيئة بتوجّه الحكومة نحو تعظيم الإيرادات وتنويع مصادر الدخل غير النفطية، وبالفعل نجحت الهيئة في زيادة تلك الإيرادات من خلال عدة مصادر.
وقال العدواني إنه من بين تلك المصادر على سبيل المثال لا الحصر، تعديل رسوم شهادات المطابقة للوائح الكويتية والخليجية وشهادات المطابقة المحلية والإفراج المؤقت والتقييم الفني وشهادات علامة الجودة الكويتية والتفتيش والفحص المخبري للمنتجات المحلية والمستوردة.
وأوضح أن الهيئة لديها خطط مستقبلية لمواكبة التطور التكنولوجي، من خلال إقرار تشريعات فنية كي يكون المنتج الكويتي متوافقاً مع متطلبات السوق المحلي، كذلك تطبيق عدد من اللوائح الفنية الإلزامية الخاصة بترشيد استهلاك الطاقة والحد من استنزافها مما يؤدي إلى تحقيق الهدف الاستراتيجي للدولة وهو زيادة الإيرادات وتنويع مصادر الدخل.
وذكر أن الحاجة أصبحت ملحّة لسن القوانين والتشريعات اللازمة لإنشاء هيئة كويتية مستقلة تعنى بالمواصفات والمقاييس والجودة، لبناء إطار متكامل وشامل يضمن سلامة المنتجات في السوق المحلي ودعم المنتج الوطني للمنافسة في الأسواق الخارجية.
وبين في هذا السياق أن هيئة الصناعة تولت استكمال جميع الإجراءات الخاصة بقانون إنشاء الهيئة العامة الكويتية للمواصفات والمقاييس والجودة، أسوة بما هو متبع في دول مجلس التعاون الخليجي ودول العالم وفي انتظار إقرار القانون من قبل مجلس الأمة.
من جانبه قال مدير إدارة المواصفات والمقاييس في الهيئة العامة للصناعة فلاح الحجرف، إن المنتج الكويتي يخضع لمواصفات قياسية ولوائح فنية إلزامية من الهيئة وهي المرجع الوطني المعتمد للتوحيد القياسي بهدف حماية المستهلك والبيئة والصحة العامة.
وأضاف الحجرف أن الهيئة حريصة على القيام بدورها من أجل تشجيع الصناعة الوطنية بما يحقق دعم الاقتصاد الوطني والمساهمة في التنمية وتسهيل إجراءات التجارة البينية وتقليص العوائق الفنية التجارية بين الكويت والسوق العالمي، ولدى الهيئة منصة «طابق» الإلكترونية التي يتم إصدار شهادات المطابقة التي يطلبها الموردون المحليون من خلالها كذلك تأكيد المطابقة الفنية عبر المنصة للإفراج عن شحناتهم وتسجيل منتجاتهم.
وأوضح أن الهيئة ممثلة بإدارة المواصفات والمقاييس تقوم بجولات تفتيشية على الأسواق لفحص المنتجات الخاضعة لرقابة الهيئة العامة للصناعة، والتأكد من مطابقتها اللوائح الفنية الكويتية.
من ناحيتها قالت المدير العام لاتحاد الصناعات الكويتية هدى البقشي إن الصناعة عصب الاقتصاد سواء في الدول الصناعية الكبرى أو حتى النامية وكشفت أزمة «كورونا» وما تبعها من تداعيات في إغلاق الحدود وصعوبة عمليات الشحن والتوريد للمنتجات أهمية اعتماد الدول على صناعتها المحلية، وهو ما أعاد نظر الاقتصاد العالمي للأهمية القصوى للصناعة في تحقيق الأمن الاستراتيجي.
وأضافت البقشي أن القطاع الصناعي في دولة الكويت قطاع واعد وأثبت كفاءته في تحقيق توازن نسبي لتدفق المواد الأساسية والاستهلاكية وتوفيرها للسوق المحلي، وقدرة المصانع على العمل بكامل طاقتها الإنتاجية للوفاء بمتطلبات السوق المحلي من المواد الاستهلاكية وكذلك المواد الإنشائية اللازمة للمشاريع.
ولفتت البقشي إلى أن أبرز المبادرات التي تبناها اتحاد الصناعات الكويتية خلال جائحة «كورونا» هي إنشاء مخازن ومستودعات ومبنى إداري للأمانة العامة لمجلس الوزراء بمنتجات محليه 100 في المئة تعزيزاً للمسؤولية الاجتماعية، ودعماً من القطاع الخاص لمواجهة الظروف الاستثنائية التي مرت بها الدولة.
وعن حجم التمويلات البنكية المقدمة للقطاع الصناعي في الكويت أفاد رئيس مجلس إدارة بنك الكويت الصناعي مصعب النصف، بأن البنك قدم قروضاً منذ بدء نشاطه في تمويل المشروعات الصناعية عام 1974 وحتى نهاية الربع الثاني من العام 2023 بحوالي 1.44 مليار دينار كويتي «نحو 4.75 مليارات دولار» تم توفيرها لعدد 1185 مشروعاً صناعياً منحت إلى 530 منشأة صناعية في مختلف قطاعات الصناعة التحويلية بدولة الكويت كما في 30/6/2023.
وقال النصف إن نمط توزيع التمويل الصناعي على الأنشطة الصناعية المختلفة خلال الفترة بين عامي 1974-2022 احتلت فيه صناعة مواد البناء المركز الأول حيث بلغ نصيبها النسبي حوالي 21.6 في المئة من الإقراض الصناعي.
وأضاف أنه جاء ترتيب استخراج النفط الخام والغاز الطبيعي في المركز الثاني إذ بلغ نصيبها 11.6 في المئة من الالتزام بقروض صناعية خلال تلك الفترة، وجاء ترتيب صناعة المنتجات الغذائية ثالثاً إذ بلغ مركزها النسبي حوالي 9.9 في المئة من جملة الإقراض الصناعي خلال تلك الفترة وبذلك يصل نصيب الصناعات الثلاثة نحو 43.1 في المئة.
وأكد أنه ضمن حرص الدولة واهتمامها بالمشاريع الصغيرة لتوفير عوامل جذب مميزة للشباب الكويتي يتولى البنك إدارة محفظة «الصناعي للمشروعات الصغيرة»، لدعم أنشطة الكويتيين في مجالات المشروعات الصغيرة وفقا لأحكام الشريعة الإسلامية.
وأوضح أن هذه المحفظة تسعى لتحقيق توجيهات الدولة بشأن إعادة هيكلة القوى العاملة الوطنية وتوجيه طاقات الشباب للعمل الحر، لتوظيفها واستثمارها بمجالات تسهم في توسيع وتنويع الأنشطة الإنتاجية والخدمية في الاقتصاد الكويتي.
وذكر أن موافقات تمويل محفظة «الصناعي للمشروعات الصغيرة» حتى 30/6/2023 بلغ للمشاريع الممولة 2197 مشروعاً، كما بلغت المبالغ المستثمرة لهذه الموافقات ما قيمته 255 مليون دينار تقريباً «نحو 841.5 مليون دولار» بينما بلغ حجم موافقات تمويل المحفظة ما قيمته 193.467 مليون دينار «نحو 638.2 مليون دولار»، وقد مثل إجمالي التمويل إلى التكلفة الاستثمارية ما نسبته 75.85 في المئة.