موظفة بالخارجية الأميركية تتهم بايدن بـ«التواطؤ في إبادة جماعية» في غزة
سيلفيا يعقوب أميركية من أصل مصري تعمل بمكتب شؤون الشرق الأوسط بوزارة الخارجية
اتهمت موظفة في وزارة الخارجية الأميركية، الرئيس جو بايدن علانية بـ«التواطؤ في إبادة جماعية» تجاه قطاع غزة، الذي يتعرّض لغارات جوية وعمليات برية تشنّها إسرائيل، بالإضافة إلى حصار يفرضه جيشها على القطاع منذ سنوات.
وقالت سيلفيا يعقوب، وهي موظفة بمكتب شؤون الشرق الأوسط بوزارة الخارجية منذ أكثر من عامين، في تدوينة موجهة لبايدن على منصة «إكس»: «أنت تقدّم مساعدات عسكرية أكثر بكثير للحكومة التي تهاجم سكان غزة الأبرياء بشكل عشوائي.. أنت متواطئ في إبادة جماعية».
وجاء تعليق سيلفيا رداً على تغريدة للرئيس الأميركي يشرح فيها لماذا يطلب من الكونغرس مزيداً من المساعدات العسكرية للكيان الصهيوني.
وعقب الضجة التي ثارت بشأن التغريدات، أخفت سيلفيا على ما يبدو تغريداتها بحيث أصبحت متاحة لمتابعيها فقط.
ووفق حساباتها على مواقع التواصل، فإن سيلفيا يعقوب هي أميركية من أصل مصري، درست السياسة العامة في جامعة ميشيغان، وحصلت لاحقاً على منحة لدراسة السياسات الخارجية واللغة العربية في جامعة جورج تاون.
وأشار موقع «أكسيوس» الأميركي إلى أنه بجانب التعليقات «الساخنة»، التي تُدلي بها سيلفيا على منصات التواصل الاجتماعي بشأن موقفها تجاه حرب غزة، فإنها تعمل أيضاً على تنسيق «برقية استياء» للموظفين في الخارجية الأميركية بشأن سياسة البيت الأبيض تجاه إسرائيل.
وغالباً ما يُكلّف الدبلوماسيون بتنفيذ سياسات الإدارة الأميركية، التي ربما لا يدعمونها بشكل شخصي. ولتسجيل معارضتهم، أو لفت الانتباه إلى ما يعتبرونه «خطأً سياسياً خطيراً محتملاً»، يمكنهم تقديم «برقية استياء» عبر قناة داخلية سرية، ويمكنهم أيضاً الاستقالة.
ومن المفترض أن تبقى برقيات الاستياء داخل وزارة الخارجية، فيما يحرص كبار المسؤولين على الحفاظ على سرّيتها، وإعطاء الموظفين تطمينات بأن كتابة أو توقيع برقية، لن يؤدي إلى عقاب أو عواقب مهنية.
وأرسلت سيلفيا رسالة بالبريد الإلكتروني، الخميس، لجمع التوقيعات على برقية المعارضة.
وكتبت سيلفيا، بحسب نسخة حصل عليها «أكسيوس»، أنه «في ضوء هجوم حماس (الذي وصفته) بالبشع في 7 أكتوبر الماضي، والرد الذي أعقب ذلك من قبل حكومة إسرائيل، والتأييد الكامل على ما يبدو من قبل الحكومة الأميركية للرد، قمنا بصياغة برقية استياء، تدعو إلى تغيير كبير في سياسة الإدارة على المديين القصير والبعيد المتعلقة بالصراع، والمسار نحو تكامل وأمن إقليميين».
وأضافت: «سنرسل مسودة البرقية على كلاس نت»، في إشارة إلى شبكة داخلية سرية للبريد الإلكتروني بوزارة الخارجية. وقالت: «نأمل في جمع توقيعات المهتمين عند انتهاء العمل غداً».
وأشار موقع «أكسيوس» إلى أن تعليقات سيلفيا على منصات التواصل الاجتماعي، تعد أحدث مؤشر على كيفية تسبب الحرب بين إسرائيل و«حماس» في إثارة «حالة من القلق» في مختلف قطاعات الحكومة الأميركية.
ويشمل ذلك وزارة الخارجية، إذ يلعب وزير الخارجية أنتوني بلينكن دوراً رئيسياً في تنفيذ استراتيجية بايدن، لدعم إسرائيل علناً في ردها على هجوم «حماس».
بدوره، قال موقع «فري بيكون» نقلاً عن مسؤولين أميركيين، إن رسائل يعقوب، التي تتهم إسرائيل بارتكاب «إبادة جماعية» في غزة، وتنتقد المساعدات العسكرية الأميركية لإسرائيل، معروفة داخل وزارة الخارجية، وتسبب «صداعاً بين المسؤولين».
وذكر الموقع أن سيلفيا، هي «واحدة من عدة مسؤولين حاليين في إدارة بايدن يبدون استياءهم بشكل علني من دعم أميركا القوي لإسرائيل، بينهم موظف في وزارة الدفاع (البنتاغون)، دعا مراراً إلى وقف فوري لإطلاق النار من جانب إسرائيل، الأمر الذي يقوّض سياسة الإدارة المعلنة».
كما أعرب مسؤولون أميركيون، في محافل خاصة، عن مخاوف بشأن ما يعتبرونه موقف الإدارة الداعم «بشكل مفرط» لإسرائيل، وفقاً لما نقله موقع «فري بيكون» عن مسؤول أميركي لم يكشف هويته.
وقال مسؤول أميركي عن منشورات سيلفيا على منصات التواصل الاجتماعي، إن «هجوم موظفة دبلوماسية أميركية على الإدارة وسياستها علناً بهذه الطريقة، لا يؤدي إلا إلى تقويض المهمة الشاملة المتمثلة في تعزيز المصالح الأميركية».
واستقال المسؤول البارز بوزارة الخارجية، جوش بول، الشهر الماضي، بسبب «خلاف سياسي بشأن مساعدتنا الفتاكة المستمرة لإسرائيل».
كما شهد البيت الأبيض استياءً داخلياً من السياسة تجاه غزة. وعقد كبار مساعدي بايدن عدة اجتماعات مع الموظفين، الذين أعربوا عن انتقاداتهم بشكل خاص.
وقال مسؤول بالوزارة إن قناة التعبير عن المعارضة في وزارة الخارجية كانت متاحة للموظفين منذ حرب فيتنام. واستخدمها دبلوماسيون في كابول، كانوا قد شككوا في قرار بايدن بسحب القوات الأميركية من أفغانستان في أغسطس 2021.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية مات ميلر الشهر الماضي: «نحن نفهم ونتوقع ونقدر أن الأشخاص المختلفين الذين يعملون في هذه الوزارة لديهم معتقدات سياسية وشخصية مختلفة بشأن ما يجب أن تكون عليه سياسة الولايات المتحدة».
وأضاف: «في الواقع، نعتقد أن هذه إحدى نقاط القوة في هذه الحكومة».
على الجانب الآخر، قال مسؤول بمكتب الشرق الأدنى بوزارة الخارجية، طلب عدم الكشف عن هويته: «خلال عقدين، لم أرَ أبداً إدارة لوزارة الخارجية تثير مثل هذه الضجة بشأن عواطف الموظفين ومشاعرهم، إلى الحد الذي يجري فيه تشجيع المعارضة بشكل أساسي».
وأضاف: «هناك فجوة بين البيت الأبيض، ومجلس الأمن القومي، والخارجية بشأن هذا الصراع. لست مندهشاً من أن (سيلفيا) يعقوب تنشر منشورات بهذه الطريقة الصادمة».
ونقل «أكسيوس» عن 3 مسؤولين في البيت الأبيض، ووزارة الخارجية، قولهم إن معظم الانتقادات تأتي من موظفين لا يشاركون بشكل مباشر في العمل على أزمة غزة.