نشرت صحيفة «واشنطن بوست» تقريراً، أعدّته كلير باركر ولورينزو تونغولي، عن مخيم جنين، وصفته بـ «غزة الصغيرة».
وزادت إسرائيل، ومنذ 7 أكتوبر، من مداهماتها للمخيم، وما حوله، لقتل المسلحين، ويقول السكان إن التوغل الإسرائيلي أصبح دورياً وأكثر عنفاً، منذ الشهر الماضي، ولم يشاهدوا مثله منذ عقود.
ومنذ هجمات 7 أكتوبر، قُتل من المخيم، حتى يوم الأحد، 52 فلسطينياً، وربع من قتلتهم إسرائيل في نفس الفترة، وعددهم 234 شخصاً في أنحاء المناطق المحتلة، حسب أرقام الأمم المتحدة.
ويعيش في مخيم جنين، الذي أنشئ عام 1952، من قبل لاجئين أجبروا على ترك قراهم ومدنهم عام 1948، أكثر من 22.000 نسمة. وهو تابع اسمياً، مع مدينة جنين المجاورة، للسلطة الوطنية، إلا أن الجماعات المسلحة التي تقاتل الاحتلال هي السلطة الحقيقية، وتقوم القوات الإسرائيلية بمداهمات ليلية لملاحقتهم.
وفي محاكاة لما نفذته إسرائيل، في يوليو، من هجوم استمر على المخيم لمدة يومين، أصبحت توغلات الجيش الإسرائيلي تشمل مسيّرات قتالية قادرة على تدمير مبان من عدة طوابق، وبلحظة.
ويقول مدير شؤون الضفة الغربية في الأونروا، آدم بولكوس، إن المخاوف من الغارات الجوية هي وراء تدفق السكان من المخيم في الليل. ويقدّر طاقمه أن نسبة الثلثين من سكان المخيم يتركون منازلهم في الليل، وينامون في أماكن أخرى منذ بداية المداهمات.
وأن بعضهم وجد مأوى لدى أقاربهم، وهناك من اكترى غرفاً في فنادق، أو غرفاً للنوم فيها، أما الفقراء فبقوا في الخلف.
وقالت أحلام أحد سكان المخيم: «في كل ليلة نغادر فيها يصبح مخيم جنين مثل فيلم رعب، مثل بيت كبير خالٍ من الناس». وبالنسبة لمن يخرجون فهو بمثابة طمأنة لهم ولأولادهم أنهم سيعيشون يوماً آخر، ولكن بثمن تعكير صفو الروتين والمدارس والأعمال. وتنهدّت أحلام قائلة: “جمع أمتعتك، ونقلها إلى بيت آخر، ثم العودة في الساعة السابعة صباحاً، هذه ليست حياة».
ومثل بقية سكان المخيم، تخشى أحلام أن يكون الخروج المؤقت من المخيم مقدمة لتشريد دائم، نكبة ثانية.
وعانى الذين خرجوا من المخيم، ومن بقوا فيه أرقاً، ولم يستطيعوا النوم بسبب أصوات الانفجارات والرصاص، وتشاركوا على منصات التواصل صوراً للعربات العسكرية، وهي تسير في الشوارع، وتسلق الجنود للجدران، ودعوات المواطنين عبر مكبر الصوت للخروج.
والتقطت صور لجرافات مصفحة وهي تجرف الشوارع بشكل جعلها غير قابلة للسير. وقدمت القنوات التي يستخدمها المسلحون على منصة تيلغرام تحديثات عن مواقع الجيش طوال الليل. ومع طلوع الفجر كانت شوارع وسط جنين فارغة وهادئة، مع أصوات بعيدة لإطلاق النار من المخيم وصوت انفجار دفع سربا من الحمام للتحليق في السماء.