(كونا) – يحتفل العالم غداً الأحد بمرور 75 عاماً على اعتماد أهم وثيقة قانونية دولية تتعلق في حقوق الإنسان وهي الإعلان العالمي لحقوق الانسان الذي اعتمدته الجمعية العامة للأمم المتحدة في العاشر من ديسمبر 1948 تحت شعار «الكرامة والحرية والعدالة للجميع».
ويعتبر الإعلان العالمي لحقوق الإنسان بمواده الثلاثين الأساس لجميع القوانين المتعلقة بحقوق الإنسان اللاحقة وفي أول مادة له من الميثاق أكد على أن الجميع يولدون أحرارا ومتساويين في الكرامة والحقوق.
والكويت كجزء من المنظومة الدولية اقرت في دستورها الصادر في عام 1962 العديد من النصوص والمواد التي تتوافق مع الإعلان العالمي لحقوق الانسان والمواثيق الدولية ذات الصلة واستمرت فيما بعد بإصدار العديد من التشريعات والقوانين والتدابير التي تعكس مدى احترامها لالتزاماتها الدولية في مجال حقوق الإنسان.
وبهذه المناسبة أكد رئيس الديوان الوطني لحقوق الانسان السفير جاسم المباركي اليوم السبت، أهمية اليوم العالمي لحقوق الإنسان في تبيان ضرورة العمل وحماية جميع الأفراد من انتهاكها وتسليط الضوء على التحديات التي تواجه حقوق الإنسان في جميع أنحاء العالم وضرورة العمل على معالجتها.
وقال المباركي إن المجتمع الدولي لا ينقصه إلا الإرادة لتنفيذ هذه الاتفاقية مشيرا الى انه أمام ما يحدث في غزة فإن العالم يملك الإعلان العالمي لحقوق الانسان وغيره من الاتفاقية وميثاق الأمم المتحدة «لكنها لا تطبق للأسف» نتيجة للازدواجية في تطبيق الاتفاقيات حيث أن دولا دائمة العضوية في مجلس الأمن «تطبق هذه الاتفاقيات بشكل انتقائي»
وشدد المباركي على أنه ليس هناك «حرب في غزة» أو«على غزة» انما ما يحدث «جريمة إبادة جماعية وجريمة حرب وجريمة ضد الإنسانية على مرأى ومسمع من المجتمع الدولي»، مؤكداً أن الشعب الفلسطيني طالب بحريته وتحرير أرضه ومن حقه الدفاع عن عن نفسه وبلاده المحتلة من قبل الكيان الإسرائيلي.
وقال إن حقوق الإنسان هي «الحقوق والحريات الأساسية التي يتمتع بها جميع البشر بغض النظر عن أي اعتبارات أخرى مثل الجنس أو العرق أو الدين أو اللغة أو الرأي السياسي أو الأصل الوطني أو الاجتماعي أو الوضع الاقتصادي أو الاجتماعي».
وأوضح أن من أبرز الاتفاقيات التي صادقت الكويت عليها مثل الاتفاقية الخاصة بالقضاء على التفرقة العنصرية بكافة صورها وأشكالها واتفاقية حقوق الطفل واتفاقية التمييز ضد المرأة والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية واتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة واتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة.
وذكر أن الكويت قامت بسن القوانين والتشريعات والسياسات لتنفيذ هذه الاتفاقيات وتتعاون مع المنظمات الدولية المعنية بحقوق الانسان من أجل تعزيز وحماية حقوق الإنسان في البلاد.
وأفاد المباركي أن الكويت تحرص على تعزيز وحماية حقوق الانسان للجميع واتخذت لذلك اجراءات في هذا المجال مثل توقيعها وتصديقها على الاتفاقيات الدولية ذات الصلة وانتخابها عضوا في مجلس حقوق الانسان التابع للأمم المتحدة وانشاء الديوان الوطني لحقوق الإنسان كمؤسسة وطنية مستقلة لحقوق الانسان وفقا لمبادئ باريس لمراقبة حالة حقوق الإنسان في دولة الكويت علاوة على التوعية بحقوق الانسان.
وأشار الى أن الكويت تحرص دوما على مراجعات تشريعاتها بهدف تطويرها لتعزيز حقوق الانسان «فالتطورات العالمية المتسارعة وظهور تحديات جديدة تتطلب منا مراجعة تشريعاتنا بشكل مستمر لضمان مواكبتها للتطورات وتعزيز الحماية القانونية لحقوق الإنسان».
وأوضح أن الديوان الوطني لحقوق الانسان في تقاريره السنوية برفع التوصيات بهذا الشأن لضمان استكمال المنظومة التشريعية لجميع الحقوق المقررة للأفراد.
وفي السياق نفسه كانت الكويت ولا تزال تسعى في تنفيذ أهداف التنمية المستدامة التي أقرتها الأمم المتحدة في سبتمبر 2015 والتي ترتكز بشكل واضح على ميثاق الأمم المتحدة والاعلان العالمي لحقوق الانسان ومعاهدات ومواثيق حقوق الانسان عن طريق ادماج تلك الأهداف في الخطط التنموية للدولة خاصة المتعلقة في دعم قضايا المرأة والطفل وكبار السن والتعليم والرعاية الصحية.
ومن أبرز التطلعات في رؤية الكويت 2035 هي توفير بنية تحتية وتشريعات لبيئة أعمال محفزة للتنمية مع توفير الضوابط للتنمية البشرية التي تهدف إلى ترسيخ القيم والحفاظ على هوية المجتمع وتحقيق مجموعة من الأهداف مثل العدالة والمشاركة السياسية والحريات.
وأنشأت الكويت اللجنة الوطنية الدائمة لإعداد التقارير ومتابعة التوصيات ذات الصلة لحقوق الانسان تترأسها وزارة الخارجية وتضم كافة الجهات الحكومية وتعمل على اعداد جميع التقارير المتعلقة باليات حقوق الانسان ومتابعة ما يصدر عنها من ملاحظات وتوصيات نهائية.
واسست الكويت في قانون رقم 67 لسنة 2015 الديوان الوطني لحقوق الانسان وهو جهاز مستقل يشرف عليه مجلس الوزراء ويهدف إلى تعزيز وحماية حقوق الإنسان والعمل على نشر وتعزيز احترام الحريات العامة والخاصة في ضوء قواعد الدستور وأحكام الاتفاقيات الدولية المصدقة عليها من قبل دولة الكويت.
أما على الصعيد العالمي فالكويت برزت كدولة محبة للسلام تدافع عن حقوق المدنيين تعقد القمم وتحشد الهمم لدعم الدول المحتاجة والمنكوبة الذي بدوره اكسبها مكانة متميزة في علاقتها مع الأمم المتحدة ما دفع الأخيرة في التاسع من سبتمبر 2014 أن تختار الكويت (مركزا للعمل الإنساني) والأمير الراحل الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح رحمه الله (قائدا للعمل الإنساني).
فالكويت عملت جنبا بجنب مع الأمم المتحدة فيما يتعلق بالأوضاع الإنسانية في منطقة الشرق الأوسط وقامت باستضافة المؤتمرات الإنسانية الإقليمية والدولية مثل مؤتمر دعم الوضع الإنساني في شرق السودان ومؤتمرات دعم الوضع الإنساني في سوريا الذي عقد على مدار ثلاث سنوات متتالية (2013 – 2014 – 2015) وجمع تعهدات ضخمة.
وفي سجل الإنجازات للكويت في مجال حقوق الانسان عينت الأمم المتحدة شخصية كويتية كمبعوث للأمين العام لشؤون الإنسانية وهو عبدالله المعتوق وتعيين الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيرش في 2022 الكويتي عبدالله دشتي منسقا للأمم المتحدة لمبادرة البحر الأسود لنقل الحبوب.
وعندما انتخبت الكويت عضوا في مجلس الأمن للفترة (2018-2019) قامت بجهود فيما يتعلق بحقوق الانسان منها القرار 2401 الصادر بالإجماع في 24 فبراير 2018 أثناء رئاستها لأعمال مجلس الأمن الخاص بوقف إطلاق النار في كافة المناطق السورية وتسهيل وصول المساعدات الإنسانية بالإضافة إلى القرار 2449 الخاص بتحديد آلية وصول المساعدات الإنسانية عبر الحدود في سوريا.
كما اعتمد المجلس القرار 2417 الذي تقدمت به الكويت بجانب هولندا والسويد وكوت ديفوار يدين تجويع المدنيين كأسلوب للحرب وعن الحرمان غير المشروع من وصول المساعدات الإنسانية إلى السكان المدنيين.
وكان للكويت موقف ثابت وراسخ تجاه القضية الفلسطينية ودفاعها عن حقوقهم المشروعة فتقدمت بمشروع قرار يهدف إلى توفير الحماية الدولية للشعب الفلسطيني إلا أنه عرقل بحق النقض الفيتو.
وفي انجاز آخر انتخبت الجمعية العامة للأمم المتحدة الكويت عضوا في مجلس حقوق الانسان لفترة ثلاث سنوات بدءا من الاول من يناير 2024 بعد عضويتها السابقة للفترة من 2011-2014 وهو المجلس الذي يضم 47 دولة يتم انتخابهم بناء على اسهامهم في تعزيز حقوق الانسان وحمايتها وتعهداتهم والتزاماتهم الطوعية.
ويجدد الاحتفال السنوي باليوم العالمي لحقوق الانسان أهمية التزام الدول في الوفاء بالتزاماتها الأخلاقية والقانونية في مجال احترام حقوق الانسان كافة دون تجزئة أو نقصان أو تمييز عنصري أو عرقي البشر جميعا متساوون في الحقوق.