واشنطن بوست: المجاعة تلوّح في الأفق بعد عام من الحرب في السودان
قرابة 25 مليون شخص يحتاج إلى المساعدة الإنسانية
مر عام تقريبًا منذ اندلاع الحرب المدمرة في السودان، ويحتاج ما يقرب من 25 مليون شخص – أي ما يقرب من نصف سكان البلاد – إلى المساعدة الإنسانية، وفقًا لتقديرات الأمم المتحدة.
وقد اضطر ما يقرب من خمس سكان البلاد إلى ترك منازلهم بسبب الصراع، وهو ما يمثل أكبر عدد من النازحين داخلياً في العالم في الوقت الحالي.
وقد وقع عدد لا يحصى من المدنيين في مرمى النيران، فقد نال القصف المدفعي والغارات الجوية من المناطق الحضرية، وحدثت مذابح عرقية بشعة، بحسب صحيفة «واشنطن بوست».
وأشارت الصحيفة الأميركية إلى أنه لا يوجد إجمالي واضح لعدد القتلى منذ بدء الحرب في أبريل الماضي، على الرغم من أنه يعتقد أنه يقدر بعشرات الآلاف، مضيفة: ربما تكون مذبحة المدنيين في نوفمبر على يد قوات الدعم السريع والفصائل المتحالفة معها في مدينة الجنينة وما حولها، في منطقة دارفور التي مزقتها الحرب، قد أدت إلى مقتل ما يصل إلى 15 ألف شخص – وفقا لواشنطن بوست.
واستخدمت إحدى المجموعات الحقوقية صور الأقمار الصناعية لتتبع أكثر من 100 بلدة وقرية تم تدميرها.
وبشكل منفصل، فصّل تقرير مروع صدر مؤخراً كيف أدت الحرب الحضرية المرهقة التي طال أمدها في العاصمة الخرطوم إلى ارتفاع حاد في هجرة النسور الأوروبية وزيادة في أعداد الكلاب الضالة، وكلها تنجذب إلى الجثامين التي تحولت إلى «جيفة».
وحذر المسؤولون في التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي IPC، وهي السلطة العالمية المدعومة من الأمم المتحدة التي تتعقب انعدام الأمن الغذائي والجوع، الجمعة، من أن هناك حاجة إلى اتخاذ إجراءات فورية لمنع الوفيات على نطاق واسع والانهيار التام لسبل العيش وتجنب أزمة جوع كارثية في السودان».
أدت الظروف الأمنية وصعوبة الوصول إلى عدم قدرة الوكالة على تحديث تقييماتها منذ ديسمبر، عندما وجدت أن حوالي 18 مليون شخص في السودان يواجهون انعدام الأمن الغذائي الحاد، في حين قد يكون حوالي 5 ملايين شخص على حافة المجاعة.
وتتوقع بعض التقديرات أن ما يقرب من ربع مليون طفل وامرأة حامل وأمهات حديثي الولادة قد يموتون بسبب سوء التغذية في السودان في الأشهر المقبلة.
لقد ولدت فوضى الحرب مجموعة متصاعدة من الضغوط التي أدت إلى الجوع، وارتفعت أسعار المواد الغذائية بشكل كبير، وتركت المحاصيل دون رعاية في دولة تعاني بالفعل من موجات الجفاف، ونظام الرعاية الصحية يترنح في العديد من المناطق، وتواجه مجموعات الإغاثة صعوبات للوصول إلى المناطق المحتاجة.
وأشارت تقارير إعلامية إلى أن «إنتاج الحبوب في السودان في عام 2023 انخفض إلى النصف تقريبا»، وفقا لتقرير نشرته منظمة الأغذية والزراعة (الفاو) الأسبوع الماضي: «تم الإبلاغ عن أكبر الانخفاضات في المناطق التي كان الصراع فيها على أشده، بما في ذلك ولاية كردفان الكبرى والمناطق في دارفور حيث قدرت منظمة الأغذية والزراعة أن الإنتاج كان أقل من المتوسط بنسبة 80 في المائة».
وقالت المحللة السودانية البارزة، خلود خير، في حديث للقناة الرابعة البريطانية: «إن المساعدات وحدها لن تحل هذه المشكلة.. يتعلق الأمر أكثر بحماية الموسم الزراعي المقبل، الذي يبدأ خلال شهرين»، مضيفة أنه لم يتم فعل الكثير على هذه الجبهة، بينما كانت الأطراف المتحاربة تمارس ألعاباً حزبية فيما يتعلق بإيصال المساعدات.
وقال شاشوات ساراف، مدير الطوارئ الإقليمي لشرق أفريقيا في لجنة الإنقاذ الدولية، في بيان عبر البريد الإلكتروني الأسبوع الماضي: «إن وضع الأمن الغذائي في السودان مروع، وبينما تستعد البلاد لدخول موسم العجاف، فإن الأسوأ لم يأت بعد.. من خلال خبرتنا في مناطق النزاع والأزمات، نحن على يقين من أن الناس لا بد وأنهم يتضورون جوعاً حتى الموت بالفعل».
لقد فشل المجتمع الدولي في حشد الكثير من الدعم للسودان، ولم يتلق النداء الإنساني اليائس الذي أطلقته الأمم المتحدة من أجل السودان سوى 5% من الأموال المطلوبة.
وبينما يدور الاهتمام العالمي والمشاعر حول الأزمات في أماكن أخرى، أبرزها الحرب في غزة، اختفت الحرب الأهلية في السودان عن الأنظار.
تروي مجموعات المجتمع المدني السوداني القصص المروعة عن اليأس والاستغلال، بما في ذلك تصاعد العنف القائم على النوع الاجتماعي حيث تنخرط النساء في «الجنس من أجل البقاء» لإطعام أنفسهن وأسرهن، كما بدأ مقاتلو «الدعم السريع» بحملة مرعبة من الاختطاف والفدية والاستعباد.
وقال بعض الضحايا إنهم تم استعبادهم وبيعهم للعمل في مزارع قادة قوات الدعم السريع، وروى آخرون أنهم احتُجزوا بينما أُجبرت عائلاتهم على دفع فدية لهم، وكتبوا أن بعض الضحايا قالوا إنه تم الاستيلاء عليهم عدة مرات . وقال شهود وناشطون إن من بين المختطفين فتيات وشابات تم تقييدهن وبيعهن كعبيد جنس.
وقد حاولت سفيرة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة، ليندا توماس غرينفيلد، حشد الجهود العالمية للتعامل مع الكارثة الإنسانية في السودان. وكتبت في مقال افتتاحي حديث: «من خلال أصوات إطلاق النار والقصف، سمع شعب السودان صمتنا.. يسألون لماذا تُركوا؟ لماذا تم نسيانهم».