بتوجيهات سامية.. الإصلاحات الاقتصادية الشاملة قاطرة الاستدامة والتنمية المنشودة
تدشين سياسات رئيسية وخلق بنية تشريعية متينة تواكب عملية الإصلاح
على هدى التوجيهات الأميرية السامية تسارع الكويت الخطى نحو تحقيق نهضتها الاقتصادية من خلال إصلاحات شاملة وبناء شراكات استراتيجية مع الدول الكبرى تستهدف فتح آفاق تنموية واسعة وتشريع أبواب تمثل قاطرة لتعزيز الاستدامة المالية في البلاد.
وجاءت تأكيدات سمو أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد في مناسبات عدة بشأن أهمية تحقيق الاقتصاد المستدام لتشكل قاعدة الخطط التي تستعد الحكومة لإطلاقها لإحداث تحولات في طبيعة الاقتصاد وقاعدته الإنتاجية والقوة البشرية الدافعة له.
ويكشف الانفتاح الكويتي المتنامي على خلق شراكات استراتيجية دولية عميقة الجذور عن منظور شامل للإصلاحات المرجوة يرتكز على محورين أساسيين هما الاستجابة للمتطلبات والتحديات الاقتصادية المحلية والمرونة في التعاطي اقتصاديا مع المشهد الدولي الذي يمر بمرحلة تحول عميق.
وتشكل الاتفاقيات السبع بين الكويت والصين التي وقعها البلدان في سبتمبر 2023 إحدى أهم المحطات الدافعة للتطور التنموي في الكويت وسط الرغبة المؤكدة في تحقيق الاستفادة القصوى من الفرص الاستثمارية الناجمة عن تلك الاتفاقيات.
وتعمل الكويت بشكل حثيث على ترجمة مضامين التوصيات التي تم الاتفاق عليها خلال زيارة سمو أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح حفظه الله ورعاه إلى الصين العام الماضي إذ كثفت الحكومة الكويتية في الآونة الأخيرة مباحثاتها مع الجانب الصيني ممثلا بالمفوض العام لمكتب التمثيل لمنطقة الشرق الأوسط وأفريقيا لدى الصين بهدف تذليل العقبات ودعم جهود وضع الاتفاقيات موضع التنفيذ في أقرب وقت.
بالتوازي تتحرك الذراع الاستثمارية للكويت المتمثلة في الهيئة العامة للاستثمار الكويتية لاقتناص الفرص الاستثمارية وتعزيز الوجود في بعض الأسواق لاسيما السوق السعودي حيث قررت الهيئة في 25 يونيو 2024 فتح مكتب تمثيلي في السعودية ما سيمكنها من تعزيز آفاق التعاون مع الشركات السعودية والعالمية في مشاريع مشتركة.
كما يضيف مشروع مصفاة الزور الذي دشن سمو أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد حفل تشغيله الكامل في نهاية مايو الماضي عمقا للكويت في بنية المشاريع الاستراتيجية التي تسهم في دفع عجلة التنمية وتعزيز الموقع الريادي للبلاد.
وليس خافيا إجماع الإرادة التنفيذية للحكومة على ترجمة التوجيهات السامية وإعمال مضامينها عبر التخطيط لتدشين سياسات رئيسية وخلق بنية تشريعية متينة تواكب عملية الإصلاح الاقتصادي والمالي وتهيئ مناخاً جاذباً للاستثمارات.
وتأسيسا لرؤية متكاملة في هذا الشأن كلف مجلس الوزراء وزارة المالية بتقديم تصورات حول الإصلاحات المالية والاقتصادية بما يضمن الاستدامة المالية للدولة كذلك تعظيم الإيرادات غير النفطية.
كما شكل المجلس لجنة لإعداد مشروع خطة عمل الحكومة برئاسة وزير المالية وعضوية كل من وزير الأشغال العامة ووزير التجارة والصناعة ووزير الكهرباء والماء والطاقة المتجددة وكلفها بتحديد الأولويات ومراجعة المحاور الرئيسية والمبادرات الأساسية لمشروع الخطة وفق برنامج زمني محدد.
وفي الثالث من يوليو 2024 أكد وزير المالية وزير الدولة للشؤون الاقتصادية والاستثمار الدكتور أنور المضف أن دعائم الإصلاحات الاقتصادية تحظى بدعم من سمو أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد.
وبين وزير المالية أن الاستدامة المالية هي الهدف الرئيسي والأسمى للإصلاحات التي تسعى إلى تنويع مصادر الدخل إضافة إلى خلق فرص عمل جديدة عبر مشاركة القطاع الخاص.
وخلال ملتقى الميزانية العامة الأول الذي عقدته وزارة المالية في 14 يوليو 2024 أكدت الوزارة أن دولة الكويت مقبلة على إصلاح مالي شامل لمعالجة مواطن الهدر وتنمية الإيرادات للاستدامة المالية للدولة.
وتشمل الإصلاحات المرتقبة في هذا الجانب تحسين عقود المشتريات الحكومية وإعادة تسعير الخدمات العامة وإعادة تسعير إيجارات الأراضي المملوكة للدولة إضافة إلى تطوير الأداء المالي للجهات الحكومية.
يضاف إلى ذلك المضي قدما في مشاريع تنموية كبيرة تساهم بتحسين الوضع المالي للدولة منها جزيرة فيلكا ومجمع الشقايا للطاقة المتجددة والمنطقة الاقتصادية الشمالية ومشاريع الاقتصاد الرقمي وميناء مبارك الكبير والتوسع في الصناعات.
وتنطلق الكويت من قاعدة اقتصادية متينة وثروة مالية كبيرة أسست عليهما وكالة «موديز» العالمية في تصنيفها الائتماني السيادي لدولة الكويت عند المرتبة «آيه 1» مع بقاء النظرة المستقبلية مستقرة.
وذكرت «موديز» في منتصف مايو 2024 أن التصنيف الائتماني لدولة الكويت يعكس استمرار قوة كل من الموازنة العامة والمصدات المالية في المستقبل المنظور مع استمرار الحفاظ على استقرار الاقتصاد الكلي والموازين الخارجية.
وعلى صعيد تطورات الموازنة العامة توقعت الوكالة استمرار قوة أداء الموازنة العامة والاحتياطيات المالية في المستقبل المنظور مما يعزز من قوة التصنيف الائتماني السيادي للدولة.
وكان مجلس الوزراء أقر في الثاني من يوليو 2024 قانون ربط ميزانية الوزارات والإدارات الحكومية وقوانين ربط ميزانيات الهيئات الملحقة والمؤسسات المستقلة للسنة المالية 2024-2025 حيث من المرتقب أن تسجل الإيرادات غير النفطية في الميزانية زيادة قدرها 16.8 في المئة في خطوة أولى نحو تعزيز الإيرادات غير النفطية.
يذكر أن الإيرادات المتوقعة للموازنة العامة للسنة المالية 2024-2025 تقدر بـ 18.9 مليار دينار بانخفاض نسبته 2.8 في المئة بينما يبلغ إجمالي المصروفات المتوقعة 24.5 مليار دينار بانخفاض نسبته 6.6 في المئة عن السنة المالية السابقة.